السياسة الاقتصادية.. طريق السقوط
| الركيزة |
بقلم: أيمن سنجراب
انتهجت حكومة الفترة الانتقالية سياسة التحرير الاقتصادي، وأقدمت في هذا الشهر على زيادة أسعار الوقود، مما فاقم الضائقة الاقتصادية على المواطنين المنهكين من سياسات النظام المخلوع.
وكان مرجواً من حكومة الفترة الانتقالية أن تعمل على اتباع سياسة اقتصادية تعتمد على الموارد الذاتية واستغلال طاقات الشعب السوداني في الإنتاج والتعمير والسيطرة على الموارد وعائداتها، بدلاً عن السير في ذات الطريق الذي مضى فيه النظام المخلوع وكان العامل الاقتصادي هو أحد الأسباب المؤدية لسقوطه.
لقد ضاعفت الزيادة الأخيرة في أسعار المحروقات من معاناة المواطنين، ويظهر ذلك في ارتفاع أسعار السلع الأساسية وتكلفة النقل والمواصلات، حتى بات المواطنون غير قادرين على تحمل تلك التبعات، حيث أحكمت الضائقة قبضتها على أغلب الأسر التي تحاول جاهدة الإيفاء بالحد الأدنى من مطلوبات الحياة، ومنها الالتزامات الخاصة بأبنائها من الطلاب للوصول إلى مواقع دراستهم ومصروفات اليوم الدراسي ناهيك عن الرسوم الدراسية.
ومن خلال معايشة الأزمة على الواقع تكثر الشكاوى من الزيادات التي طرأت على تعرفة المواصلات، وعلى سبيل المثال مواصلات (الكلاكلة اللفة- الصحافة شرق) عبر (الحافلات الكبيرة) ارتفعت إلى (150) جنيهاً ويواجه السائقون و(الكماسرة) احتجاجات (الركاب) المستمرة على تلك الزيادة التي أثقلت كاهلهم، بينما يتحجج السائقون بارتفاع أسعار الوقود.
وما يبدو واضحاً من خلال تلك الضائقة هي أن الحكومة حسمت أمرها في الاستمرار في سياسة التحرير الاقتصادي، وتركت المواطنين يواجهون مصيرهم و(يأكلون) بعضهم كل يضغط على الآخر، بينما تقف هي موقف المتفرج دون رقابة حقيقية أو بسط هيبتها على السوق، وحتى إن كانت لها محاولات فهي غير ذات جدوى ولا يأبه لها المتحكمون في الأسواق ومصائر المواطنين.
الفوضى تضرب حركة الاقتصاد السوداني، وتزداد معاناة الموطنين بصورة يومية وهم يواجهون (غول) الغلاء الفاحش في أسعار السلع، بجانب مواجهة تكاليف الخدمات مثل العلاج لارتفاع أسعار الدواء وندرته، بالإضافة إلى تعدد أسعار النقل للولايات والمواصلات الداخلية في الخط الواحد، فلا يمكن أن تتبع الحكومة سياسة قاسية في مواجهة المواطنين وفي الوقت ذاته تكون ضعيفة أمام المضاربين ومخربي الاقتصاد وظهر ذلك خلال المؤتمر الصحفي الأخير الذي تزامن مع رفع أسعار المحروقات، حيث ظهر وزير المالية جبريل إبراهيم في موقف المترجي للمضاربين بالعملات الأجنبية وهو يطلب منهم التخفيف.
الحال الاقتصادي المتردي يتطلب وجوداً حقيقياً للحكومة على الأرض من أجل الرقابة على السلع (وصولها للمستهلكين وأسعارها)، ولكن الواقع يقول إن الحكومة بعيدة عن المواطن وتصر على مضاعفة الأعباء عليه، وهذا ما يجعلها تمضي في ذات طريق النظام الذي أسقطته الثورة، ومن سار على الدرب وصل، ولكن إلى أين؟.. بهذه الصورة إنه السقوط المحتوم فلا يمكن أن تتبع الطرق التي أسقطت غيرك وتتوقع نتائج مغايرة!!.