العنف المسكوت عنه في شرق السودان.. الأسباب والمعالجات الجذرية (1)
بورتسودان: أمين سنادة
انتشرت ظاهرة العنف بشرق السودان عامة وولاية البحر الأحمر خاصة، فالعنف أصبح هو اللغة الأعلى في (البحر الأحمر) وأصبح سمة غالبة للتعبير حتى في الاحتجاجات السلمية والتعبير بقطع الطرق والتوقف عن العمل، بل وحتى في الاختلافات العادية.
وفي كل الأحداث الأخيرة كان التعبير عنيفاً فشهدت أحياء الاقتتال بشاعة في طرق القتل والانتهاكات المصاحبة له، وحالات حرق المنازل بشكل به تشفٍ وانتقام غير معهود.
(مدنية نيوز) تفتح ملف (العنف) في شرق السودان وأسبابه، والحوادث المتعلقة به التي ألقت بظلالها على سلوك المواطنين والمكونات المختلفة في تعاملها مع بعضها، من أجل البحث عن معالجات مستديمة لتحقيق السلام الاجتماعي بما يضمن التعايش السلمي الحقيقي.
حوادث وترسبات
ويرى مراقبون أن الأمر مربوط بكثير من الترسبات والأحداث السابقة، ولكن حسب متابعات (مدنية نيوز) فهناك (حادثتين أساسيتين) كان لهما أثرهما الكبير في استشراء وانتشار ثقافة العنف الحالية، ولابد من الإشارة إلى المعالجات التي وصفت بغير الحكيمة التي تعاملت بها الدولة مع تلك الحادثتين رغم أنهما كانتا متباعدتين من الناحية الزمنية، ويشدد مراقبون على أن تجد الحادثتان معالجات وأخذ العبرة منهما والتركيز على الاهتمام بتنقية الوجدان الاجتماعي.
والحادثتان اللتان عناهما المهتمون بالأوضاع في شرق السودان، هما أحداث منطقة طوكر وجنوبها 1997م، وهي الأحداث التي قادها ولو على الأقل من الناحية السياسية (التجمع الوطني الديمقراطي) وكانت العاصمة الإرترية (أسمرا) تستضيف القوات العسكرية للتجمع بقيادة محمد عثمان الميرغني.
وكانت قوات (التجمع) تحارب الحكومة حينها برئاسة المخلوع عمر البشير، في عدة جبهات ومن ضمنها المنطقة الجنوبية لولاية البحر الأحمر، وارتكبت انتهاكات في المنطقة أثرت على الأهالي العزل، وهي الحرب التي خلفت أكبر عدد من النازحين نزح أغلبهم إلى مدينة (بورتسودان) ليشهدوا أشكالاً أخرى من الانتهاكات في السكن والتعليم والعمل وغيرها.
وتمثلت الحادثة الثانية في قضية شهداء (29) يناير 2005م وشهداء تلك الأحداث، وهي الأحداث التي انطلقت عقب توقيع مذكرة سلمية مطلبية تم تسليمها لوالي البحر الأحمر بالإنابة وعقب تسليم المذكرة حرك المركز قوة مدججة بالسلاح تحركت من الخرطوم إلى مدينة (بورتسودان) وبتعليمات واضحة باستخدام أقصى درجات العنف والقوة وهو ما وضح من خلال تعامل تلك القوات مع المواطنين.
وفي تلك القضية شملت أحداث العنف غير الشهداء والمصابين كل الحاضرين بمدينة بورتسودان، وتم تشويه وصدم الوجدان لمن شاهدها وعايشها، وما زاد الأمر سوءاً هو لا مبالاة الدولة في تعاملها مع تلك الأحداث حتى ما بعد سقوط النظام المخلوع، وطبقاً لمراقبين في إفاداتهم لـ (مدنية نيوز) اليوم، فإن الإجراءات القانونية في مواجهة مرتكبي ما يطلق عليها (المجزرة) لم تبارح مكانها، بل استمر مسلسل الأضعاف الممنهج لهذه القضية المهمة، والأكثر ألماً أن القضية لم تقيد حتى ولو ضد مجهول.