سمير عيسى: نطالب بتضمين تاريخ (ثورة الميراوي) في المنهج الدراسي
* نطمح أن يعيد الاحتفال بذكرى (ثورة الميراوي) التعايش السلمي لجنوب كردفان
حوار: رقية عيسى
لقاؤنا اليوم مع شخصية من أسرة ذات تاريخ ضارب في عمق الدولة السودانية، هو حفيد البطل ﺍﻟﻔﻜﻲ ﻋﻠﻲ اﻟﻤﻴﺮﺍﻭﻱ مفجر ثورة (الميراوي) ﺍﻟﺬﻱ ﺣﺎﺭﺏ ﺍلإﻧﺠﻠﻴﺰ من عام 1914م ﺣﺘﻰ ﺳﻨﺔ 1927ﻡ، وﺷﻬﺪﺕ ﺟﺒﺎﻝ ﺍﻟﻨﻮﺑﺔ/ جنوب كردفان ﺛﻮﺭﺗﻪ التي أحدثت ﺣﺮﺍﻛﺎً ﺳﻴﺎﺳﻴﺎً ومثلت ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ الجماعية لسكان ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ في تلك الفترة. ويعتبر الميراوي أحد الشخصيات البارزة في الحركة الوطنية آنذاك، ضيفنا هو د. سمير الفكي علي الميراوي، نلتقي به ليحدثنا عن الاحتفال بذكري ثورة الفكي علي الميراوي المزمع إقامته في أغسطس القادم، فإلى الحوار:
في البداية نتعرف عليك، فمن أنت؟
أنا د. سمير عيسي الفكي علي الميراوي، اختصاصي المختبرات الطبية، مقرر اللجنة العليا للاحتفال بذكرى ثورة الفكي علي الميراوي، من أبناء النوبة منطقة ميري الريف الغربي ولاية جنوب كردفان.
دعنا نعرف القارئ بالفكي علي الميراوي، فمن هو؟
ﻫﻮ ﺍﻟﻔﻜﻲ ﻋﻠﻲ ﺃﻟﻤﻲ ﺍﻟﻤﻴﺮﺍﻭﻱ، ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻠﺔ ﺍﻟﻤﻴﺮﻱ ﺑﺠﺒﺎﻝ ﺍﻟﻨﻮﺑﺔ ﻭﻟﺪ ﻋﺎم 1866م، ﻗﺎﺩ ﺛﻮﺭ ﺿﺪ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻹﻧﺠﻠﻴﺰﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﻣﺎﺑﻴﻦ 1914ﻡ إلى 1927م، ﻋﺎﺻﺮ ﻓﺘﺮﺓ ﺍلاﺣﺘﻼﻝ ﺍﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻣﺎﺭﺱ ﻧﻈﺎﻡ القهر وفرض ﺿﺮﺍﺋﺐ (ﺍﻟﺪﻗﻨﻴﺔ) على ﻗﺒﺎﺋﻞ ﺍﻟﻨﻮﺑﺔ، ﻓﻔﻲ ﺳﻨﺔ 1909ﻡ أمر ﺍﻹﻧﺠﻠﻴﺰ ﺑﺒﻨﺎﺀ ﻛﻨﻴﺴﺔ ﺑﻤﻨﻄﻘﺔ ﻣﻴﺮﻱ فرفض ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﺫﻟﻚ ﺍﻷﻣﺮ وازدادت ﻫﻮﺓ ﺍﻟﻜﺮﺍﻫﻴﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻨﻴﻦ ﻭﺍﻹﻧﺠﻠﻴﺰ، ﻓﻌﻘﺪ المواطنون ﺍﻟﻌﺰﻡ على اﻟﻌﺼﻴﺎﻥ ﻭﻣﺤﺎﺭﺑﺔ الاحتلال فكانت ثورة (الميري) بقيادة الفكي علي.
حدثنا عن منطقة ميري مسقط رأس الفكي علي، ماذا عنها؟
هي منطقة تقع غرب مدينة كادقلي حاضرة ولاية جنوب كردفان، لها حدود مع بعض الإمارات وتضم حوالي (17) قرية بعمودياتها المختلفة، إدارياً تتبع لمحلية كادقلي، يتحدث سكانها لغة خاصة تعرف بلغة (الكقولو) ولها ثقافة لا تنفصل عن ثقافة قبائل النوبة في الأغاني والرقصات الشعبية والرياضة والعادات والتقاليد المختلفة.
ماذا بشأن الاحتفال المرتقب؟
الاحتفال بذكرى ثورة الفكي علي الميراوي، هو احتفال يتحدث عن الثورة وعن الفكي علي، باعتباره أحد أبطال جبال النوبة الذين ناضلوا ضد الاستعمار، وهذه الثورة طول الفترات السابقة لم تر النور، فقد ظلم المؤرخون هذا الحدث التاريخي ولم يعط أية مساحة وظل مطوياً في الصدور ويروى شفاهة، وهذه فرصة أتى بها د. قندول إبراهيم قندول، بتأليف كتاب عن سيرة المناضل الفكي علي الميراوي ومسيرته النضالية، وهذا ما جعلنا نقوم بمبادرة لتدشين الكتاب، هذا الأمر اقتضى عمل احتفالية للتعريف بالميراوي والثورة التي قام بها والمنطقة التي ينتمي إليها.
كيف سيكون شكل الاحتفال والترتيب له؟
بدأ الإعداد له منذ فترة طويلة وقمنا بتقديم الفكرة في شكل مبادرة صغيرة، والتف حولها الأهل بقرى ميري الـ 17، وتم الاقتراح بأن تقوم تحت ظلال الإدارة الأهلية في مجلس عموديات إمارة ميري بولاية الخرطوم، وتم تكوين اللجنة العليا برئاسة المهندس سلمان حسن كوكو. ورأت اللجنة ضرورة أن يأخذ الاحتفال الطابع الرسمي من الدولة، وقدمنا المقترح لعدد من الجهات حتى تمت الموافقة على رعايته من قبل عضو مجلس السيادة الفريق ركن ياسر عبد الرحمن العطا بصفة رسمية.
ما هو دور حكومة ولاية جنوب كردفان في هذا النشاط؟
هناك لجنة مماثلة بكادقلي تنظم للاحتفال والترتيب له، ولها تصور خاص بها تم تقديمه للوالي وحكومته لتقديم ما هو مناسب.
كيف كانت المبادرة في بداياتها؟
كانت الدعومات الأولية في شكل مبادرة أهلية في نطاق المكون المحلي ومن أبناء المنطقة بالداخل والخارج، حيث كان التسيير الأولي بدعم من أبناء المنطقة بالخارج، كما أن هناك وجوداً من الإثنيات الأخرى وكلهم حضور حالياً ومشاركين في الترتيبات، وستكون لهم مشاركة في فقرات البرنامج. بهذه الجهود وبتكاتف كل المكونات استطعنا أن نتخطى المراحل الأولية لهذا المنشط.
متى سيقام الاحتفال؟
ستكون ضربة البداية لتدشين الكتاب يوم السبت 7 أغسطس بالخرطوم، ومن ثم ينتقل الاحتفال إلى كادوقلي بولاية جنوب كردفان، حيث يقام (كرنفال) كبير وبشكل موسع، وقد يختلف قليلاً في بعض المناشط وسيرافق الوفد أشخاص متخصصون في المجال الطبي لإقامة يوم صحي، إلى جانب فريق كرة قدم وفنانين وفرق شعبية من المنطقة ليكون النشاط متكاملاً.
لماذا التجزئة بين الخرطوم وكادوقلي ولم يكن الاحتفال في مكان واحد؟
لأن المؤرخين وكل الوزارات المهتمة والمعنية بهذا الخصوص موجودة في الخرطوم، كما أنها العاصمة وعبرها نستطيع أن نرسل رسائل قوية لاتجاهات متعددة نعرف الناس عن هذه الثورة بطريقة واضحة لتصل كل السودانيين، لذلك ركزنا عليها في عملية تدشين الكتاب كمرحلة أولى ومن ثم يتم نقل الاحتفال إلى كادوقلي لأن تاريخ الكتاب يتحدث عن الهوية والأرض، وكان لا بدَّ من مشاركة الأهل تعظيماً لدور الأبطال الذين ناهضوا الاستعمار.
كم من الزمن سيستغرق الاحتفال؟
في الخرطوم يستمر ليوم واحد، ومن ثم يتحرك كل الوفد إلى كادقلي وفي طريقهم ستتم زيارة مقبرة الفكي علي الميراوي في منطقة الدلنج، ومن ثم مواصلة الرحلة إلى كادقلي حيث الاحتفال في يوم 14 أغسطس، وبعده يقوم الوفد ببعض الزيارات ليعود يوم الاثنين 16 أغسطس.
ما هو الدافع الأساسي للاحتفال؟
الهدف الأساسي هو التوثيق لهذا التاريخ، وكما أسلفت ليس هناك مكتوب لتاريخ الميراوي، على الرغم من أنها كانت ثورة متكاملة الأركان من ناحية الأرض والعتاد والنظام العسكري وكانت ضد المستعمر في جبال النوبة، ونجد أن ثورة الميراوي ذكرت في المراحل التعليمية في نطاق ضيق عبارة عن قوسين، لذلك نريد أن نرسل رسالة بضرورة تضمين هذا التاريخ في المنهج الدراسي للاستفادة من الدروس والعبر.
ما مدى الاستعداد وكيف ستكون المشاركة؟
عندما قدمنا المبادرة في مراحلها الأولى وتم تكوين اللجنة العليا باشرت عملها في جانب الحشد وتقديم برامج تعريفية بالمبادرة وبالاحتفال ككل، ومن ثم تفرعت اللجان إلى لجان مختصة كلجنة الإعلام التي عملت على الإعلان والتعريف بكل الأنشطة، إلى جانب لجنة المعرض ومن مهامها تجميع وإعداد معرض متكامل لكل الوثائق الخاصة بالثورة والحدث المقام.
*ما هو الأثر الذي يمكن أن يحدثه هذا النشاط؟
جاء الاحتفال في هذا الوقت والناس في انتظار تباشير السلام، فثورة الفكي علي الميراوي، هي ثورة ذات تحالفات كبيرة في المنطقة وكانت لها علاقات مع كل القبائل والإثنيات حيث كانت ترسخ لجزئية كبيرة متعلقة بالتعايش السلمي، لذلك نطمح في أن يعيد الاحتفال التحالفات ويقود الولاية للتعايش السلمي عبر التجمع الكبير لكل الأهل والأصدقاء استعداداً واستقبالاً للسلام الذي نحلم به جميعاً، كما نود أن نستصحب أكبر عدد من الناس إلى كادوقلي لتكون ظاهرة للترغيب في العودة الطوعية.
رسالة أخيرة، ماذا تقول فيها ولمن توجهها؟
نوجه رسالة للأهل في الخرطوم وجنوب كردفان بدعم هذا (الكرنفال) بالحضور والمشاركة، سواء في قاعة الصداقة بالخرطوم أو في كادقلي حاضرة الولاية، كما نوجه دعوة لكل أبناء الشعب السوداني والمهتمين بالتاريخ لحضور هذا الكرنفال.