الشعوب الأصيلة بالسودان.. موكب ومذكرة لكفالة الحقوق ومطالب بالسلام الشامل
الخرطوم: الواثق تبيسة
نظمت مجموعة من تنظيمات تحالف المجتمع المدني، احتفالات باليوم العالمي للشعوب الأصيلة الذي يوافق (9) أغسطس من كل عام، ولأول مرة تحتفل البلاد بهذة المناسبة بالتنسيق مع وزارة الثقافة والإعلام ممثلة في المجلس القومي للثقافة والتراث وتطوير اللغات، وذلك اعترافاً بحقوق الشعوب الأصيلة.
وأقامت مؤسسة (نوبيا) الزهراء الخيرية يوم الاثنين الماضي بمتحف السودان القومي، فعالية جماهيرية شعبية بتلك المناسبة بالتنسيق مع وزارة الثقافة والإعلام وشبكة التحالف المدني للمنظمات ومنظمة اليونسكو ومفوضية حقوق الإنسان القومية، حيث شمل الحضور وفوداً لكل الشعوب الأصيلة في السودان من مكونات (البجة، الفور، الفونج، النوبة والنوبيين، الوسط والقوميات السودانية)، وحضرت تلك المكونات والقوميات بفرق فنون الأداء الاستعراضية التي عكست ثقافات ولغات وإيقاعات، ودفوف سودانية في لوحة زاهية بباحة متحف السودان القومي لرمزية المتحف.
وابتدرت المنصة افتتاحية بلغات أهل السودان المتعددة، وشهدت الافتتاحية آيات من القرآن الكريم، وقراءات من الإنجيل، وكريم المعتقدات قدمت من الشعوب الأصيلة داعية للسلام والمحبة والتواصل فيما بينها.
احتفال في (سودان الثورة)
ورحبت اللجنة العليا للاحتفال في كلمتها التي قدمتها مؤسسة نوبيا الزهراء الخيرية ممثلة في الناشط نور الأنبياء سالم، بالحضور من قوميات وإثنيات الشعوب الأصيلة في (السودان الجديد ما بعد الثورة)، ورأى أن إقامة المناسبة بالمتحف القومي تعد اعترافاً ضمنياً لمؤسسات الدولة بحقوق الشعوب الأصيلة وحقوقها المسلوبة والمنهوبة ورد المظالم لهذه الشعوب التي قالت إنها ذاقت الأمرين من قتل وتشريد وتهميش ونزوح.
كما حيا نور الأنبياء، نضالات الثورة والثوار الذين جعلوا الاحتفال ممكناً، وأكد تقديرهم لجميع الحضور من الولايات البعيدة وتكبدهم المشاق، وجعلهن الاحتفال ممكناً.
دعوة للسلام والمحبة
ومن جانبه أفاد ممثل وزارة الثقافة والإعلام، الأمين العام للمجلس القومي للثقافة والثرات وتطوير اللغات د. أسعد عبد الرحمن، (مدنية نيوز) أن المناسبة تأتي هذا العام والسودان يخطو خطوات ثابتة نحو السلام والتحول الديمقراطي وحقوق المواطنة المتساوية، وقال: (تعيش هذه الشعوب في مناطق جغرافية مختلفة ولكنها تقع في مناطق النزاع الذي قرض كثيراً من الأشياء الأصيلة، ليس الإنسان فحسب بل البيئة بجذورها وبذورها وطيورها وثقافة وبيئة كاملة متكاملة)، وأضاف: (يجب أن نحافظ عليهم جميعاً وأن نعمل لتعود كما كانت).
ودعا ممثل وزارة الثقافة والإعلام، جميع الشعوب الأصلية للتواصل والسلام والمحبة، لتحقيق شعار الثورة (حرية، سلام، وعدالة).
عروض تراثية
وتخللت الفعالية مشاركة عدد من فرق فنون الأداء والعروض لكل القوميات في انسجام وتفاعل وتواصل يعبر عن التنوع والهوية الأصيلة، كما قدمت عدد من المعارض (ملبوسات وأطعمة وأدوات حرفية) للشعوب الأصيلة من مختلف مواقع السودان.
ومن جهته أشار مقرر لجنة الاحتفال الناشط سبت حكيم في إفادة لـ (مدنية نيوز) أمس، إلى أن الاحتفال باليوم العالمي للشعوب الأصيلة وجد قبولاً واستحساناً من الجميع، وذكر (لأول مرة يقام هذا المحفل في المتحف القومي).
ظلم وتهميش
كما نظم الاتحاد القومي للتراث الشعبي السوداني احتفالاً بذات المناسبة بالمركز الثقافي بأمدرمان، يحمل ذات المضون والدلالات (السلام، الأمن والاستقرار للشعوب الأصيلة).
وقال الأمين العام للاتحاد القومي للتراث الطاهر سليمان تية، لـ (مدنية نيوز) أمس الأول: هذه المناسبة تم الترتيب لها لتكون مختلفة وبطعم (الحرية والسلام والعدالة).
وأضاف أن الشعوب الأصيلة لاقت من الظلم والتهميش والتنكيل ما لم تلاقه الشعوب الأخرى في بلدانها الأصيلة، وحيا جموع الأمة السودانية المتنوعة والمتعددة في وطن واحد يسع الجميع، كما قدم التهانئ لشعوب العالم الأصيلة.
وأقيمت ورشة لشؤون الشعوب الأصيلة ومن ثم تمت الانطلاقة لمركز الشعوب الأصيلة بالسودان للتدريب والتثقيف بالحقوق الواردة في الإعلان الذي صدر من الجمعية العمومية للأمم المتحدة بتاريخ (13) أغسطس، وحمل عدداً من الحقوق أهمها حق الحياة وممارسة الاستقلالية في العيش الكريم والتعليم والصحة والمشاركة في نظام الحكم.
موكب الشعوب الأصيلة
وتعددت الأنشطة التي أقامها الاتحاد القومي للتراث الشعبي السوداني في الفترة من (8-10) أغسطس الجاري، وفي (9) أغسطس تحرك موكب الشعوب الأصيلة من وزارة الخارجية لمجلس الوزراء وسلم مذكرة الشعوب الأصيلة لضمان حقوقها التي يجب أن تضمن في دستور السودان، ومنها الاستقلالية والمواطنة المتساوية مع جميع الشعوب.
وشهد مركز أمدرمان الثقافي احتفالاً مسائياً جمع كل قوميات الشعوب الأصيلة في السودان من أقصى الشرق والغرب إلى أقصى الجنوب والشمال.
وذكر الباحث سمير بوكاب، لـ (مدينة نيوز) لأول مرة نحتفل والدولة حاضرة، وكنا نحتفل منذ (10) أعوام كمجتمع فقط، مجتمع واعٍ يعي بتلك الحقوق، وشدد على ضرورة الاعتراف المتبادل بين الدولة والشعوب الأصيلة، وضمان حقوق تلك الشعوب.
الثراء والتنوع
ومن ناحيته تحدث الأكاديمي والباحث بمركز الدراسات الأفريقية والآسيوية، عضو المكتب التنفيذي لمجلس عموم النوبة والاتحاد القومي للتراث د. توحيد خميس، لـ (مدنية نيوز) بأن شعار الاحتفال هذا العام هو (لن نترك أحداً خلفنا ليتخلف عن الركب)، وقال إنه شعار عالمي للشعوب الأصيلة، وتابع: يجب أن تكون الشعوب الأصيلة مصدراً للثراء والتنوع للسلام.
وبدوره قال محمد أوهاج، إن السلام مطلب ثوري، وبدل الموت يكون الأمن والاستقرار لشعوب السودان.
وذكر الصحفي رئيس الآلية الإعلامية للاحتفال بالشعوب الأصيلة سبت ودا، أن ما ميز هذه الاحتفالية هو حضور أجهزة الإعلام الرسمية، وأن الصحافة المجتمعية حاضرة وبقوة، وقال: (نحن في عمق الثورة)، وأكد دور الصحافة الحية االتي تلامس القضايا من موقع الحدث.
النوبة على خط الاحتفال
وفي سياق ذي صلة، احتفلت مجموعات توحيد النوبة الأصل الأسفيرية من كل دول العالم لمشاركة الشعوب الأصيلة بيومها العالمي، وذلك عبر مكتب إعلام توحيد النوبة الأصل، وتم تقديم العديد من الأورق العلمية شارك فيها أكاديمون وباحثون وقانونيون.
وقدم بروفيسور جمعة كندة، ورقة مؤشرات شعار العام 2021 (لن نترك أحداً ليتخلف عن الركب والتقدم)، كما قدم خاطر محمد، ورقة (العلاقة بين نوبة الشمال والجبال)، والناشط ناصر كافي، ورقة (أضواء عن مجموعات جبال النوبة اللغوية)، كما قدمت عدد من الفواصل التراثية وفنون الأداء.
معاناة مع النظام المخلوع
وقال أمين الأمانة الاجتماعية بمجلس عموم النوبة سعيد جلفور لـ (مدنية نيوز) إن مجلس عموم النوبة الوليد الشرعي للجنة العليا للمهرجان الثقافي لتراث شعب النوبة وهي الجهة التي بادرت بالاحتفال بهذه المناسبة من سنين عديدة، وأشار إلى أن اللجنة العليا تعلم ماهية المناسبة في ظروف بالغة التعقيد، حيث كان النظام المخلوع بثورة ديسمبر يصب ماء الصرف الصحي في ميادين الاحتفال، ولفت إلى اعتقال الناشطين في مجال الحقوق والثقافة.
وقال جلفور، إن الفعاليات ستختتم يوم السبت القادم الموافق (13) أغسطس، وأضاف: (وهذه بمثابة دعوة لكل الشعوب الأصيلة لتمارس ثقافتها وتعتز بأصالتها، وهذه المناسبة ليست حكراً لنا بل لكل الشعوب للتواصل والسلام والمحبة).
الحرب وضرورة السلام الشامل
ونوه أمين الأمانة الاجتماعية بمجلس عموم النوبة لحال الشعوب الأصيلة في مناطق النزاع وهي محزونة، وتمسك بأهمية تحقيق السلام، ودعا رئيس الحركة الشعبية شمال عبد العزيز الحلو، ورئيس حركة تحرير السودان عبد الواحد محمد نور، ورفاق الكفاح المسلح للمضي قدماً نحو السلام الشامل والعادل لملء الفراغ وتحقيق السلام المستدام.
كما أشار جلفور، لجهود حكومة الفترة الانتقالية ورئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك، لتحقيق السلام.
تكريم
وأكد أمين الأمانة الاجتماعية بمجلس عموم النوبة، أن ختام فعاليات الاحتفال هذه العام ستشهد تكريم أصدقاء النوبة والمناصرين لقضايا حقوق الإنسان من الإعلامين والناشطين في تنظيمات المجتمع المدني والصحفيين لأدوارهم مع نضالات شعب النوبة.