العنف ضد النساء.. رفع الوعي المجتمعي والأحكام الرادعة للجناة
قضية تطرحها: وديعة قمر الدين
من الملاحظ والملفت تكرار حالات العنف ضد النساء بجميع أشكاله ومنها (الاغتصاب) في الآونة الأخيرة، ووصلت العديد من قضايا العنف ضد النساء ساحات القضاء.
وتظل حركة مناهضة كل أشكال العنف والتمييز ضد المرأة مستمرة، وذلك من قبل النساء ومجموعاتهن أو من الرجال المقتنعين بقضايا المرأة وضرورة تحريرها من القيود المجتمعية لتنال حقوقها وتوقف الانتهاكات التي تمارس ضدها مهما كان شكلها وحجمها.
في هذه المساحة تنشر (مدنية نيوز) هذه القضية المتعلقة بقضايا العنف ضد النساء فإلى مجريات ما جاء فيها:
غموض
“ما زال تاريخ العنف ضد المرأة غامضاً بسبب أن العديد من أنواع هذا العنف وتحديداً (الاغتصاب والاعتداء الجنسي) لم يفصح عنه بشكل كامل، وغالباً ما يرجع ذلك إلى المعايير الاجتماعية والمحرمات ووصمة العار والطبيعة الحساسة للموضوع، ومن المعترف به على نطاق واسع أن الافتقار إلى البيانات الموثوقة والمستمرة حتى الوقت الراهن يمثل عقبة في تشكيل صورة واضحة للعنف ضد المرأة”، هكذا ابتدرت الأمينة العامة للمبادرة النسوية (وعي) الناشطة حنان حسن أحمد، حديثها لـ(مدنية نيوز) أمس الأول.
وواصلت حنان: إذا نظرنا لقضايا الاغتصاب في ولاية النيل الأزرق فيجب الاعتراف بوجودها منذ القدم، والاعتداء الجنسي الذي يتم على النساء والفتيات والأطفال ويكون تحت الضغط والقوة، ومن المؤسف جداً أن مجتمعاتنا غير قادرة على الفصل بأن هذا اعتداء جنائي أو جرم ارتكب في حق المرأة فيتم التستر عليه تحت ذريعة العيب وعدم خروج الخبر للعلن.
تفاقم المشكلة
وأضافت الأمينة العامة للمبادرة النسوية (وعي) الناشطة حنان حسن أحمد: لتغطية الجرم فإن المجتمع يقوم بتزويج الناجية للمُعتَدِي مما يفاقم المشكلة، وإذا تم تحليل الموضوع تحليلاً نفسياً نجد حجم الأذى النفسي الواقع على المرأة كبيراً جداً، وبين يوم وليلة تجد الناجية نفسها مجبرة للعيش مع شخص اعتدى عليها جنسياً وأصبحت أُماً لأولاده فتستمر الحياة بغض النظر عن النتائج والأذى النفسي.
التوعية
وشددت حنان، على أن الاغتصاب يعتبر جريمة، وأنه على المجتمع أن يكون على وعيٍ تام بأن أي اعتداء جنسي أو تحرش لفظي كان أو جسدي يتم التبليغ عنه لوجود مواد قانونية تجرم الاعتداء الجنسي حتى ينال الجاني عقوبة رادعة حسب القانون. وطالبت منظمات المجتمع المدني بضرورة القيام بالعملية التوعوية وسط المجتمعات وحث الأجهزة العدلية للقيام بدورها تجاه الجرائم التي تمت سواء كانت اغتصاب أو تحرش.
الاستناد على الثقافة
وأشارت الأمينة العامة للمبادرة النسوية (وعي) إلى تزايد خطر الاستناد على الثقافة لتبرير أنواع متعددة من العنف ضد المرأة، ولفتت إلى وجود خلاف وجدل حول الأساليب التي يتم بها استخدام وتطويع التقاليد والإرث الثقافي والعادات المحلية والتفسيرات المختلفة للنصوص الدينية عند التعامل مع الممارسات المسيئة والمؤذية للمرأة، حيث تدفع بعض المجتمعات بتبريرات لتجنب المساءلة عن ممارسة بعينها من العنف ضد المرأة، متخذة الدفاع عن التقاليد كغطاء، وأردفت: (هذه التبريرات مشكوك فيها ومع ذلك ما يزال احترام الثقافة ومراعاتها عنصراً حساساً لا يمكن إغفاله).
هزة في المجتمع
ومن جانبها قالت مديرة وحدة مكافحة العنف ضد المرأة والطفل بولاية النيل الأزرق زهراء أحمد السنوسي، في إفادة لـ (مدنية نيوز) إن حوادث العنف الجنسي من الظواهر الدخيلة على الولاية، وتكررت خاصة في المحليات الطرفية، حيث شهدت الولاية حالتي اغتصاب هزت الجميع، كان فيها نوع من الوحشية وعدم الأخلاق واللا مبالاة، وكانت إحدى الحالتين قد حدثت في نهار الشهر المبارك (رمضان) وفي يوم جمعة، حيث أن الجناة لم يراعوا حرمة الشهر الكريم، وقاموا باغتصاب فتاة بالتناوب في وسط غابة ونهار رمضان وقاموا بتصوير (فيديو) أثناء ارتكابهم لهذه الجريمة.
وأوضحت زهراء، أن الشرطة هي التي قامت بفتح البلاغ بناءً على (فيديو) تم نشره على وسائل التواصل الاجتماعي، وأن أسرة المجني عليها لم تكن على علم بالحادثة لأن الفتاة المجني عليها تسترت على الحادثة خوفاً من حدوث مشكلة، واستطاعت الشرطة القبض على أحد الأشخاص المعتدين كان ظاهراً في (الفيديو) والشرطة تواصل مساعيها للقبض على المتهمين الثلاثة المتبقين.
رؤية الطب النفسي
وحول أسباب العنف ضد المرأة ذكر الاختصاصي النفسي ومنسق مركز الدمازين للإرشاد وعلاج الصدمة النفسية، محمد حسن يوسف: عدم الوعي في مجتمعاتنا وانتشار الأمية والجهل بحقوق المرأة وواجباتنا تجاهها، وكذلك الحروب لها أثر فعال في نشر عدم الأمن وإخراج أشخاص مضطربين نفسياً أو فاقدين للذات في المجتمع، مما يؤثر على سلوكهم وكذلك الفقر يؤدي إلى انحلال المجتمع وتفككه ويحصل من ضمنه العنف المبني على النوع والأثر المترتب عليه، وأحياناً قد نسمع بتحرش أو اغتصاب لامرأة أو طفلة وقد يكون السبب ضعف الوازع الديني أو اضطرابات في شخصية الجاني.
الردع
وأضاف أن المجتمع يرى أن المرأة لها دور في هذة القضية من خلال اللبس الفاضح، وردي على هذه النقطة أن هناك حوادث تحرش تحدث لأطفال، وفي رأيي أنه ليس هناك مبرر لمثل هذه الأفعال، غير أن مرتكبها إنسان غير قادر على التحكم في غرائزه ومتمادٍ معها، مع عدم وجود أحكام وقوانين رادعة في المجتمع، ويجب تنفيذ الأحكام الرادعة أمام الجميع لمنع هذه الظواهر.
تكبيل
ورأى الاختصاصي النفسي ومنسق مركز الدمازين للإرشاد وعلاج الصدمة النفسية في إفادة لـ(مدنية نيوز) أن قضية العنف ضد المرأة ما تزال واحدة من أكثر أشكال انتهاكات حقوق الإنسان انتشاراً، وأنه يمكن أن يحدث العنف ضد المرأة في مجالات الحياة العامة والخاصة، وفي أي وقت من عمرهن، وتابع: غالباً ما يمنع العنف ضد النساء مساهمتهن بشكل كامل في المجتمع، وتشعر العديد من النساء بالرعب من تهديدات العنف وهذا يؤثر على حياتهن فتتم إعاقتهن عن ممارسة حقوقهن الإنسانية، وعلى سبيل المثال يخشين المساهمة في تنمية مجتمعاتهن.