العدالة الانتقالية.. هيئة محامي جبال النوبة تطرح رؤيتها للتعافي
أمبدة البحيرة: الواثق تبيسة
شدد المشاركون في محاضرة (العدالة الانتقالية) على ضرورة تحقيق العدالة ومحاكمة المجرمين وإنصاف الناجين في الانتهاكات التي طالت عدداً من مناطق السودان، في وقت طرحت هيئة محامي جبال النوبة رؤيتها لتحقيق العدالة الانتقالية.
ونظمت أمانة التدريب والمناشط بهيئة محامي جبال النوبة محاضرة بعنوان (العدالة الانتقالية)، وذلك يوم السبت (21) أغسطس الحالي بدار النوبة بأمبدة، وقدم رئيس هيئة محامي جبال النوبة عبد العزيز دينار، ورقة حول موضوع المحاضرة وعقب عليها الناشط الحقوقي السموأل كنجوري ود. آدم موسى أبوعنجة.
وشهدت المحاضرة حضوراً ومشاركة من عدد من الناشطين في تنظيمات العمل المدني الفاعلة والداعمة لعملية السلام والحرية والعدالة الانتقالية، وشملت المحاضرة مخاطبة عدد من رؤساء ورموز مكونات شعب النوبة من القانونيين والأكاديميين والمثقفين والطلاب والشباب والمرأة والإدارات الأهلية من المكونات المتعددة، وخاصة من شعب النوبة.
محاور
وتناولت الورقة عدة محاور، وهي ورقة توعوية وتشاورية بشأن قضية العدالة اﻻنتقالية، باعتبار أن العدالة تمثل أحد شعارات ثورة التغيير في ديسمبر 2019م.
مفهوم وآليات
وقدم دينار، شرحاً لمفهوم العدالة اﻻنتقالية وعرفه بأنه سلسلة عمليات متعاقبة ومجموعة آليات قضائية وبعضها غير قضائية تهدف لتقليص احتقان الجماهير والشعوب في الدولة، وخاصة في الفترات الانتقالية لمعالجة إرث الماضي، من خلال آلياتها الخمس المتمثلة في كشف الحقيقة، محاسبة الجناة ومنع إفلاتهم من العقاب، جبر ضرر وإنصاف الضحايا وإعادة تأهيلهم، الإصلاح المؤسسي، والمصالحة الوطنية، من أجل الوصول للسلام والديمقراطية وتحقيق التنمية وضمان سيادة حكم القانون.
وتمسكت الهيئة طبقاً للورقة بعدم المساس باختصاص المحكمة الجنائية الدولية بحق المتهمين السودانيين المطلوبين لديها، وطالبت الحكومة السودانية بتسليمهم دون تفاوض أو قيد، باعتبار أن محاكمتهم جزء من أهداف العدالة الانتقالية نفسها في كشف الحقيقة ومحاسبة الجناة وجبر ضرر وإنصاف الضحايا.
كشف السياسات منذ الاستقلال
وأوضح دينار، أن هيئة محامي جبال النوبة ترى أن العدالة الانتقالية لا يجب أن تكون محددة بفترة حكم انقلاب الثلاثين من يونيو 1989م فقط، بل تتسع لتشمل كشف حقيقة سياسة الدولة منذ الاستقلال لأن كثيراً من السياسات والانتهاكات بدأت واستمرت خلال فترات الحكم الوطني كافة.
وقالت الورقة: يبقى في مخيلة وأذهان شعوب الهامش ومناطق الحروب والصراعات الأهلية في جبال النوبة والنيل الأزرق ودارفور وشرق السودان، أملها في انتقال أعمق وأكثر تجذراً، بحيث يجب أن يشمل كشف الحقيقة والانتهاكات التي كانت تشكل قاعدة لسياسة الدولة طوال عقود، حيث مورست العنصرية والظلم والتهميش والكراهية، وارتكبت جرائم القتل والتصفية خارج نطاق القانون والتعذيب والمحاكمات الجائرة والمصادرة والقصف العشوائي للقرى، ما ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
تحديات
ونبه رئيس الهيئة في حديثه إلى أهمية الإقرار والاعتذار، بجانب التحديات التي تواجه العدالة الانتقالية مثل القانون الخاص بمفوضيتها القومية، وإنزال القوانين إلى أرض الواقع، وشدد على أن العدالة ركن من أركان الثورة وأنها واجبة التنفيذ.
وتطرق دينار، في المحور الثالث للوضع الحالي لعملية العدالة اﻻنتقالية فيما يخص قانون مفوضية العدالة اﻻنتقالية الذي لا يزال موضع نقاش وصياغة في وزارة العدل، ونوه لمبادرات المجتمع المدني السوداني حول العدالة اﻻنتقالية (التحالف المدني للعدالة اﻻنتقالية)، ومشروع جامعة الخرطوم حول العدالة اﻻنتقالية، ومبادرة رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك، حول العدالة اﻻنتقالية (اللجنة الوطنية للعدالة اﻻنتقالية).
دور الفاعلين
واختتم رئيس هيئة محامي جبال النوبة الورقة بنقاش حول دور بعض الفاعلين في عملية العدالة اﻻنتقالية في السودان (الضحايا والإدارة الأهلية والمجتمع المدني والدولة والمجتمع الدولي).
ومن جانبه اعتبر الناشط القانوني سموأل كنجوري، في إفادة لـ (مدنية نيوز)، المحاضرة خطوة في الاتجاه الصحيح، وأشار إلى إمكانية الاستفادة من نماذج إنصاف الضحايا التي حدثت في بلدان أخرى مثل رواندا وجنوب أفريقيا.
ومن جهته رأى أمين الشؤون القانونية بمجلس عموم النوبة، الأكاديمي د. آدم موسى أبو عنجة، في تعقيبه خلال المحاضرة أن مثل هذه المحاضرات تفتح العديد من القضايا التي ارتكبت إبّان الفترات الماضية في منطقة جبال النوبة ووجب التحقيق فيها، وشدد على ضرورة اتخاذ الخطوات اللازمة لتحقيق العدالة الانتقالية من أجل الإنصاف.
إنهاء الإفلات من العقاب
ومن ناحيته نبه الناشط في تجمع الجبال الغربية جماع كوكو، في مداخلته لوجود حالات الإفلات من العقاب، وتمسك بأهمية إنهاء تلك الحالات لتحقيق العدالة.
وفي السياق تحدثت الناشطة في مجال حقوق الإنسان سلوى سعيد عباس، أن هذه المحاضرة تأتي ضمن سلسلة أنشطة أعدتها هيئة محامي جبال النوبة عبر أمانة التدريب والمناشط لزيادة الوعي بالحقوق.