زالنجي.. المأساة تتجدد
بقلم: خالد فضل
ما أكثر ما نعى صاحب هذا القلم الشهداء، وتمنى الشفاء للجرحى والمصابين، من أسف، جل أو كل من نعيناه شهيدا، أو دعونا له جريحا، هو/هي من أبناء /بنات السودان، كلهم تقريبا من الشباب /ات، والجاني في كل الوقائع المأساوية ؛ سوداني، متمنطقا السلاح الناري في معظم الأحوال، والأبيض في أحايين قليلة، وآخرهم، ونرجو أن يكون الأخير، طلبة جامعة زالنجي، تلك المدينة الجميلة من مدن إقليم دارفور، والقصة المأساة دوما تشير بوضوح إلى العنجهية، والروح الإنتقامية، والإستهانة بأرواح البشر.
كتبت الإسبوع الفائت مقالا مفاده أنّ الزميل علي الدالي لم تصفعه الأيادي بل صفعته العقلية التي تحرك تلك الأيادي، عقلية وذهنية الهيمنة والإستهانة بالناس العاديين، لأنّهم (ملكية ساكت)، هذا هو لسان حال ومقال من يمتهن الجندية، كأنما الكاكي المبرقع يمنح مرتديه صفة نصف إله! وكأنما الشخص (الملكي) تُقرأ (المدني) خُلق مهاناً وضيعاً يستحق السحق والصفع والموت رصاصا، هذه عقلية تستحق ثورة تغيير جذرية، فمن غير المعقول مواصلة الطبطبة والسكوت والمشي جنب الحائط عند كل واقعة.
نريد تعريف جديد لمفهوم الجندية، وضبط مهني وقانوني من القائد العام لأي قوة مسلحة إلى أصغر رتبة فيها، هناك خلل بائن منذ عقود طويلة، شواهده مع الأسف تصرفات مستمرة، ونتائجه الثابتة، فقد لأرواح عزيزة وإعاقات لشباب طامح، ودم سوداني مسفوح قربانا لإرضاء سطوة أرباب مهنة !! مع اهمال لم يعد خافيا لأوجب واجبات هذه المهنة ؛ وهي حماية المواطنين وحفظ الأمن، هذه أفعال يجب أن تقف، ولكي تتوقف لابد من قوانين جديدة؛ وعلى رأسها تطبيق مبادئ عدم الإفلات من العقاب، وتربية مهنية جديدة، وتدريب نوعي علمي وعملي بمفاهيم جديدة، قوامها حقوق الإنسان، وأوجب تلك الحقوق الحق في الحياة، كفاية موت سمبلا، كفاية صمت عما يرتكبه أفراد يستندون إلى قوات أو منظومات مسلحة، كما ولابدّ من محاسبة ومحاكمة مرتكبي الجرائم وردعهم حتى تكون مؤسساتنا العسكرية والأمنية منضبطة وتخضع لحكم القانون، وبهذه الطريقة يمكن الحد من التفلتات التي تقع ويروح ضحيتها مواطنون عزّل>
ونكرر القول أنّ ما من عاقل رشيد يريد أن تنهار هذه المؤسسات ولكن في ذات الوقت لا يمكن تحمل والصمت عن التجاوزات حد إزهاق الأرواح بداعي الحفاظ على الروح المعنوية للقوات مثلا، فإذا كانت المفاضلة بين استمرار هذه التجاوزات أو انهيار هذه المؤسسات فلتذهب المؤسسات غير مأسوف عليها، فما الفرق بين الموت والقتل على يدي جهة منظمة أو جهة عشوائية؟ وإذا كان بعض الناس يحنون إلى عهود القمع والبطش والحكم العسكري والديكتاتورية، فإنّ كل المعطيات تقول: خاب فالكم وبئس ما تتوقعون، لقد خرج المارد من القمقم ولن يعود إليه أبدا، الشفاتة والكنداكات قالوها بوضوح وهزّوا بها العروش ( مدنياووووو) تتعثر، تتخبط، تحبط، نزعل، نرضى، نتفق، نختلف….إلخ الممارسات التي تتيحها الحريات والديمقراطية لكن موسيقى بيان أول ( نهيي) هذا هو لسان حال الثوار وهم في وعيهم يتقدمون، وليخسأ المراهنون على الإستبداد، ليخسأ من يحاولون إعادة عقارب الساعة للوراء، ذاك زمان ولىّ ولن يعود بحول الله وعزم الثوار.