الحلول الجذرية واستعادة الوطن والثورة
| الركيزة |
بقلم: أيمن سنجراب
وافق يوم الثلاثاء الماضي (21) سبتمبر اليوم العالمي للسلام، ونحن في السودان ظللنا نعاني من النزاعات المسلحة نحو (66) عاماً، وبالتالي ما أحوجنا للوقوف عند هذه المناسبة العالمية لننقد تجربتنا أو بالأحرى تجاربنا مع الحروبات وعمليات السلام لنودع الرصاص إلى الأبد.
وتكمن مشكلتنا الكبرى والمركزية في عدم الوصول للهوية وسوء إدارة التنوع والتعدد للشعوب السودانية وعدم الوصول لنظام حكم عادل يجد فيه السودانيون كافة أنفسهم وبالتالي يدافعون عنه كنظام مستدام، حيث تتعالى الشكاوى من النظام المركزي القابض، بالإضافة إلى المظالم التاريخية المتعلقة بقسمة السلطة والثروة.
ولكل ذلك ما أن تخمد نار الحرب حتى توقد أخرى، ولن نمل من المطالبة بمعالجة جذور الأزمات لا المسح على القشور، حتى نضمن حلولاً راسخة وسلاماً مستداماً وتنمية متوازنة تزيل المظالم المتوارثة وتوفر الخدمات في كل الأقاليم السودانية.
ودون ذلك سنظل ندور في حلقة مغلقة بين الحروب والتسويات كما حدث من سلام في 1972م أعقبه تفجر الحرب في 1983م، ثم اتفاقية نيفاشا في 2005م، وقبلها انطلقت حرب دارفور في فبراير 2003م، ثم تجددت الحرب مرة أخرى في 2011م في جنوب كردفان والنيل الأزرق بين أطراف من اتفاقية السلام الشامل (نيفاشا)، وشهد ذات العام انفصال جنوب السودان كدولة ذات سيادة من دولة السودان الأم، ولا تزال تلك الحرب مستمرة رغم انضمام بعض الحركات لاتفاقية سلام السودان الموقعة في جوبا في (3) أكتوبر 2020م، وما يزال خطر التشظي يهدد وحدة الوطن لأراضٍ وشعوب.
وفي الوقت الراهن وبينما يحتفل العالم بيوم السلام تظل بلادنا محاطة بخطر الحروب سواء كانت نزاعات داخلية أو حرباً دولية وليس ما يحدث مع الجارة إثيوبيا ببعيد عن الأذهان، والخطر الأكبر أن ذلك يحدث والجبهة الداخلية تتمزق والسودان في حالة هشاشة نتيجة التشاكس بين مكونات الحكم غير المتجانسة (مدنيون وعسكريون) وقد بلغ الخلاف مداه درجة أن اتهم المدنيون العسكريين بتهديد الانتقال السلمي نحو الدولة المدنية الديمقراطية.
وأهم خطوات الحل تتمثل في ضرورة إعادة الالتفاف الجماهيري لحماية الثورة والعمل على تحقيق أهدافها (حرية، سلام وعدالة)، ببرنامج وطني واضح وصولاً للحكم المدني الكامل ومؤسسات قومية حقيقة بعيداً عن التبعية والتمكين الحزبي، وبعد ذلك تعقد الانتخابات لبلوغ غاية التداول السلمي للسلطة.
وأهم رسالة يجب أن تبلغ العسكريين هي أن لهم الثكنات من أجل القيام بالواجب الوطني المقدس عند أفضل جيوش العالم وهو حماية الدستور والحدود والدفاع عن أمن الوطن، أما الطمع في السلطة فهذا أمر دونه الأرواح لأن واقع السودان قد تغير فعلاً بدخول أجيال جديدة لها القدرة والاستعداد لتقديم حياتها ثمناً للانعتاق من الدكتاتوريات والحكومات الشمولية.
يعلم الشباب (كنداكات وشفاتة) أن طريقهم لبلوغ مقاصدهم المدنية محفوف بالمخاطر ولكنهم يحملون أرواحهم على أكفهم لتحقيق أحلامهم، وها هم قد بلغوا رسالتهم للعسكريين والمدنيين من مناصري الهبوط الناعم في الأزمة الحالية بين أطراف الحكم، حين وقف حماة الثورة على خطها استعداداً للمرحلة المقبلة، مرحلة استعادة الوطن والثورة من براثن المختطفين، والتوجه نحو وضع دستوري جديد محمي بإرادة الجماهير الباسلة!!.