في ختام المؤتمر الدولي.. مطالبات بتأجيل مؤتمر الحكم المحلي لاستكمال ملف السلام
تقرير: حسين سعد
طالب المشاركون في المؤتمر الدولي لتبادل أفضل الممارسات الإقليمية حول الفدرالية بالمشاركة الواسعة في عملية صناعة الدستور، على أن يعرض للاستفتاء الشعبي وأن ينص بوضوح على طبيعة الدولة السودانية.
وأوصى المؤتمر الذي نظمه المركز الإقليمي للتدريب وتنمية المجتمع المدني، بقاعة الصداقة بالخرطوم الأربعاء الماضي، بأن يتضمن الدستور نصاً صريحاً يوضح نظام الحكم، بجانب نصوص واضحة حول تقسيم أقاليم السودان عدداً ووصفاً ونوعاً ومنح سلطة واسعة في توزيع السلطة والثروة على المستوى الفدرالي والإقليمي والمحلي، إضافة إلى مراعاة تقسيم الأقاليم والمحليات وفق المعايير الآتية: (الجغرافيا، السكان، الموارد، التنوع المتجانس).
كما أوصى المؤتمر بالمحافظة على مستويات الحكم الثلاثة بأن تتم إعادة نظام المحافظات كجهة تنسيقية مع مسؤوليات سياسية قومية في بعض الوظائف مثل الأجهزة العدلية، الضباط الإداريين وحق الإقليم في الترقي والتعيين للوظائف من الدرجة الرابعة حتى التاسعة.
حقوق محلية
وأمن المشاركون على حق مجالس الحكم المحلي في التعيين والترقي للوظائف من الدرجة الـ 17 وحتى العاشرة، مع مراعاة الترقي لأعلى وظيفة على مستوى الوزارات الاتحادية والإقليمية حسب التدرج الوظيفي الطبيعي.
وأشارت التوصيات إلى أنه على الحكومة الانتقالية تأجيل مؤتمر الحكم المحلي لاستكمال ملف السلام بانضمام الحركتين (الحركة الشعبية شمال بقيادة عبد العزيز الحلو، وحركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور)، بالإضافة إلى أنه على حكومة الإقليم تخصيص نسبة من موارد الإقليم للنساء لخلق مشاريع تنموية بهدف تمكينهن سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وإشراك الشباب في المشاريع التنموية بغرض التأهيل والتدريب، بجانب اعتماد اللغات المحلية للتعليم في مرحلة الأساس وإنشاء مراكز لتدريسها وتطويرها، والتمييز الإيجابي للنساء وذوي الإعاقة في مستويات الحكم كافة.
استفتاء شعبي
ودعا المشاركون في المؤتمر لأن تكون المنابر التفاوضية إحدى وسائل صناعة الدستور على أن يعرض للاستفتاء الشعبي، وشددوا على ضرورة أن تكون كل القوانين متسقة مع الدستور سواء كانت قوانين فدرالية، إقليمية أو محلية، كما نادوا بتسخير الإعلام لخدمة شعب السودان.
الوحدة الوطنية
ومن جانبه أكد المدير العام بالإنابة للمركز الإقليمي للتدريب وتنمية المجتمع المدني إسماعيل التاج، أن من تحديات المنابر إدارة حوارات للوصول لنقاط مشتركة في قضايا الانتقال، ولفت لضرورة اتفاق أصحاب المصلحة على فدرالية غير تماثلية باعتبار أن أي إقليم يمكن أن يتخذ شكلاً مختلفاً من أشكال الحكم، وقال إن تعريف الفدرالية الذي توافق عليه المؤتمرون هو أنها آلية دستورية لتوزيع السلطة والثروة لمختلف مستويات الحكم لضمان الوحدة الوطنية وإدارة التنوع واستيعاب كل أصحاب المصلحة في كل مستويات الحكم.
ومن جهته استبعد وكيل وزارة الحكم الاتحادي محمد صالح يس، تأجيل قيام مؤتمر الحكم لحين انضمام الحركات غير الموقعة، واستند على أن المؤتمر يمثل إحدى استحقاقات اتفاق سلام السودان الموقع في جوبا في (3) أكتوبر 2020م، غير أنه أكد أن مشاركة الحركتين غير الموقعتين على الاتفاق متاحة.
فرصة جيدة
ومن ناحيته ذكر مستشار رئيس الوزراء للحوكمة د. علي جماع، أن المؤتمر وفر فرصة للنقاش العلمي حول الفدرالية المالية وقسمة الثروة، وتوقع أن يكون لتوصيات المؤتمر مردود كبير وايجابي على تجربة نظام الحكم في السودان.
وبدوره رأى مستشار الحوكمة في المجلس الثقافي البريطاني د. عبد الجليل مهدي المكي، أن المؤتمر أتاح الفرصة للوقوف على الإمكانيات المختلفة لتطبيق الفدرالية، وكذلك التعرف على التحديات الكبيرة في بناء المفهوم وتنزيله على أرض الواقع، وأشار لأهمية الاستفادة مما خرج به المؤتمر في التحضير لمؤتمر نظام الحكم في السودان.
الفدرالية.. الصيغة الأنسب
وقال د. عبد العزيز عشر، إن الفدرالية هي الصيغة الأنسب لحكم السودان بالنظر إلى جغرافيته الواسعة والتنوع الذي يزخر به، وأضاف أن المؤتمر عالج الفدرالية كقضية هامة لأن نظام الحكم هو واحدة من القضايا التي شكلت حضوراً دائماً في أروقة السياسة السودانية، واعتبر أن بحث القضية في الوقت الراهن من أولويات المرحلة الانتقالية.
وفي السياق شدد الخبير في الحكم المحلي عثمان عابدين، على أنه لا يمكن النجاح في إقامة نظام فدرالي في ظل نظام حكم غير ديمقراطي، وأبان أن المؤتمر وفر لهم فرصة جيدة للاطلاع على تجارب العديد من الدول التي طبقت الفدرالية كإثيوبيا ونيجيريا وإيطاليا وسويسرا والمملكة المتحدة، وكذلك الوقوف على المشاكل التي لازمت تطبيق اللامركزية في السودان منذ سنوات طويلة، والتي كانت سبباً في الابتعاد عن الهدف الأساسي لبناء نظام حكم لا مركزي.
وأوضح عابدين، أن اللامركزية التي طبقت من قبل غير حقيقية حيث لم تؤدِّ للنتائج المطلوبة في نقل السلطات للمواطنين وتخويلهم السلطة والثروة، ولفت إلى أن تلك المشاكل هي التي تسببت في كثير من الصراعات الموجودة في السودان.
فاعلية
ولفت عابدين، إلى نجاح المؤتمر في تحقيق الأهداف المرجوة، ورأى أن توصياته ستسهم في إنجاح التجربة اللامركزية وتوزيع السلطات وتعزيز وترسيخ التحول الديمقراطي، وتمسك بضرورة الوصول لبناء نظام حكم محلي فاعل في تقديم الخدمات للمواطنين ونيل رضاهم وحل مشكلات المجتمعات المحلية (حتى نؤسس لقاعدة متينة للحكم اللامركزي).
سودان المستقبل
وذهب الضابط الإداري بإقليم النيل الأزرق ميرغني مكي، إلى أن تطبيق الفدرالية تأخر في السودان رغم أنه بلد يتميز بالتنوع الإثني والجغرافي، ونوه إلى أن تطبيق الفدرالية سيكون البداية الحقيقية لسودان المستقبل (الذي نتقبل فيه بعضنا بعضاً).
وأكد مكي، أن أحد أكبر المشكلات في السودان هي الإحساس بالظلم والتهميش وهو ما أدى للحروب والصراعات، وشدد على ضرورة حفظ حقوق كل المواطنين في السلطة والموارد، وزاد: (ما تم سابقاً لم يكن فدرالية، فالفدرالية تضمن تقسيم للسلطة والموارد فيما كانت بعض المجتمعات تعطى السلطة وتحرم من الموارد)، ونبه لوجود مناطق كثيرة تنعم بالموارد ولكنها لا تتمتع بأقل الحقوق في التنمية، واعتبر أن السودان يمضي في الطريق الصحيح بتطبيق الفدرالية، ودعا للمزيد من العمل في توعية وتعريف المجتمعات المحلية بالفدرالية.
وشدد المشارك في المؤتمر صلاح الدين بابكر، على أهمية ضمان المشاركة الشعبية الحقيقية في الحكم.