مشروع (صيحة).. فتيات السودان ورحلة البحث عن مستقبل أفضل
الخرطوم: عازة أبو عوف
(نحن كنا (7) أبناء وأصبحنا إثنان فقط، إخواني ماتوا في الحرب)، جملة تعكس الكثير من الألم والخراب والدم والموت، بهذه الخلاصة الطبيعية للحروب ولغة السلاح؛ عبرت حواء عن وضع الملايين من الأسر التي شردتها الحرب في دارفور.
حياة صعبة
الموت عند حواء التي تبلغ من العمر (14) عاماً تجسد في أنها وأخيها هما الناجيان الوحيدن من أسرتهم، حواء لم تحظى بالسكن وسط إخوتها الـ(٥).
أطلقت حواء صرختها الأولى بمعسكر أبو شوك بعد نزوح أسرتها من قرية الجباسين التي قُتل فيها أشقاؤها، وكأن قدومها إلى الدنيا جاء تعويضاً لأسرة فقدت كل أبنائها، حواء لم يتسنى لها الاستمتاع بطفولتها كالآلاف من الأطفال بمناطق النزاعات.
جاءت حواء محمد إلى الخرطوم ضمن معسكر قومي للفتيات من دارفور والخرطوم في الفترة ما بين 10-16 اكتوبر بالتزامن مع اليوم العالمي للبنت، وتشارك به الفتيات من الخرطوم ودارفور ويضم المعسكر عدة فعاليات لمناصرة قضايا الفتيات ومقابلات مع صناع القرار، وعدد من الأنشطة الثقافية الأخرى، وتنظمته المبادرة الاستراتيجية لنساء القرن الإفريقي (شبكة صيحة).
ثمة أحزان تحاول أن تُخفيها خلال حديثها مع (مدنية نيوز)، لكن جاءت بالقليل الذي يصعب على الكثيرين تحمل جزء بسيط منه، وقالت: (أنا حواء محمد آدم من معسكر أبو شوك، أدرس بمركز اليافعين لأن ظروفي لم تسمح لي بتلقي تعليم حكومي (الظروف تعبانة)، وتحدثت حواء عن الإنفلات الأمني ونبهت إلى صعوبة الخروج بعد صلاة المغرب.
حماية الفتيات
حال خديجة لا يختلف عن حواء كثيراً، فهي التي نزحت من كبكابية إلى معسكر أبو شوك، وتركت تعليمها من الصف السادس لإدخار الأموال لعلاج والدتها المريضة، ونسبة لرغبتها في التعليم التحقت بمدرسة اليافعين بالمعسكر، ولجأت للعمل في أعمال البناء، وقالت: (اشتغلت في مجال البناء بشيل المونة والطوب) .
طالبت خديجة بضرورة توفير الحماية، وأضافت: (بلدنا ما آمن وهناك كثير من حالات الاغتصاب في الفترة الماضية)، وكشفت عن تعرض طفلتان بين (١٠ و١١) سنة للاغتصاب بمعسكر أبو شوك من قبل أشخاص ملثمين.
ولفتت إلى عدم وجود مراكز صحية، مما يعرض حياة كثير من المواطنين للخطر، وشددت على ضرورة توفر الخدمات الصحية والأمن والتعليم.
مشروع صيحة
في تنمية وتطوير الفتيات ضمان لمستقبل السودان، فخديجة وحواء جزء من الملتحقات بمشروع شبكة صيحة للاستثمار الذي وصل إلى 1500 امرأة وفتاة تتراوح أعمارهن بين 14 و22 عاماً، ويهدف إلى الحد من تعرض النساء والفتيات لجميع أشكال الانتهاكات، لا سيما العنف الجنسي لزيادة وصولهن لمواصلة سبل كسب العيش الكريمة، إضافة إلى تمكين النساء في إقليم دارفور من الإسهام في استقرار وسلام الإقليم بشكل فاعل. وساهم المشروع في دفع 750 طالبة إلى مقاعد التعليم النظامي، بعضهن تمكن من الوصول إلى التعليم الجامعي، بينما حُظيت العديد من الطالبات في برنامج التجسير بفرص عمل أقل خطورة من أعمالهن ما قبل الانضمام إلى البرنامج.
ويتضمن برنامج دعم الفتيات إضافة إلى التعليم النظامي؛ أنشطة لبث الوعي القانوني والصحي، ودعم لجمعيات الفتيات، والعديد من الأنشطة الثقافية والرياضية.