الجمعة, نوفمبر 22, 2024
تحقيقاتمجتمع

مدرسة بالخرطوم تضم (50) طالباً و(18) معلماً وسط (16) ورشة

مدير المدرسة يكشف عن محاولات النظام البائد لتجفيفها

التربية تقر بتلقي شكاوى ضد العقارات الموجودة بالمدارس

تحقيق: عازة أبو عوف

تظل قضية التعليم في السودان أحد أهم القضايا التي تتعلق بحقوق واجبة على الدولة توفيرها، في وقت ثمة مشكلات عديدة تواجه البلاد للنهوض بالتعليم وتوفير جودته ومجانيته، ومن أبرز هذه المشكلات التكدس وتسرب الطلاب من المدارس.

ولم يسلم التعليم في السودان من ممارسات سالبة اتبعتها نظام “الإنقاذ” لبيع المؤسسات، حيث جُففت مدارس وأضحت تعاني مدارس أخرى من التكدس، والبعض الآخر من نقص المعلمين، ومدارس أخرى لها معلمين لكن لا يوجد بها طلاب، هذا غير قضايا الإجلاس والكتاب المدرسي ووجبة إفطار التلاميذ.

مدرسة الديوم نموذجاً

مدرسة الديوم الثانوية إحدى هذه المدارس التي تجلت فيها سياسة التجفيف واستغلال المدرسة لمصلحة حفنة من الأشخاص استفادوا عبر علاقاتهم من الاستثمار العقاري الذي استحوذ على شكل المدرسة، وأصبحت بدلاً من مؤسسة تعليمية سوقاً لورش الأثاثات والنجارة، ومنبعاً للروائح بفعل قضاء الحاجة بالقرب من المدرسة.

مدرسة بالرغم من أن قوتها (18) معلماً، الا أنها شبه خالية من المعلمين مع عدم تواجد الطلاب. وهذه المدرسة ووفقاً لتحقيق أجرته (مدنية نيوز) يتم استغلالها من موظفين من خلال استقطاع ثلاثة مساكن أحدها لمعلمة لا تعمل بالمدرسة، وعندما هاجرت أحضرت شقيقتها للسكن مكانها.

ووقفت (مدنية نيوز) على أوضاع العقارات بالمدرسة، وبحسب لجنة الخدمات بالمنطقة فإن إيجارات (١٦) عقاراً كان يحصلها موظف لم يذكروا اسمه، ومنذ اندلاع ثورة ديسمبر لم يتم تحصيل تلك الإيجارات.

وضع المدرسة يختلف كثيراً عن أوضاع المدارس، خاصة أن معظم المدارس تعاني من نقص المعلمين والتكدس وعدم توفر إجلاس، لكن مدرسة الديوم الثانوية تعاني من عدم وجود طلاب وعدم وجود بيئة صالحة للتعليم من خلال سوق الأثاثات.

بوابة المدرسة الرئيسية

تجفيف المدرسة

وكشف مدير مدرسة الديوم الثانوية بنين عوض موسى كديس، عن وجود مخطط سابق في عهد النظام البائد لتجفيف المدرسة، وأشار إلى أن عدد الطلاب بالمدرسة يبلغ (50) طالباً لثلاثة فصول المرحلة الثانوية.

ولفت إلى أن عدد الطلاب بالصف الأول الثانوي يبلغ (21) طالباً، والصف الثاني يوجد به (11) طالباً، يبلغ عدد الطلاب في الصف الثالث الثانوي (18)، وأشار إلى أن جملة عدد المعلمين بالمدرسة يبلغ (18) معلماً ومعلمة.

وانتقد كديس الحكومة وقال إنها غائبة تماماً عن أداء وظيفتها الأساسية، وأضاف أن النظام السابق ساهم في تجفيف المدرسة بعدم قبول طلاب الشهادة الأساسية السودانية، حيث كان يتم قبول  الطلاب الأجانب فقط. ويضيف مدير المدرسة أن هناك شائعة ترسخت في عقلية الأهالي تفيد بأن المدرسة فاشلة، الشيء الذي أضر بسمعتها، ووصف ذلك بأنه سيناريو مخطط لتجفيف المدرسة.

بعض الورش على سور المدرسة

الاستثمار

ويشير مدير مدرسة الديوم إلى أن هناك مشكلة حقيقية تواجه مستقبل المدرسة، تتمثل في العقارات الاستثمارية القائمة بالمدرسة وتبلغ (16) عقاراً تم تخصيصها من قبل وزارة التربية والتعليم للمعلمين وتم استأجارها من الباطن لتجار آخرين لأعمال ورش للخشب والأثاثات، وأوضح أن هذه العقارات التي خُصصت للمعلمين أصبحت الآن تستحوذ على جزء كبير من المدرسة.

وأوضح أن المدرسة لم تستفد من إيجار هذه العقارات، ويذهب ريعها شهرياً لوزارة التربية والتعليم، وقال إن وزارة التربية اشترطت أن يكون إيجار العقار بمبلغ (500) جنيه.

منازل بالمدرسة

وكشفت جولة (مدينة نيوز) عن وجود ثلاثة منازل بالمدرسة أحدها لوكيل المدرسة، وآخر لمعلمة بوزارة التربية والتعليم لا تربطها صلة بالمدرسة، وعند سفرها للولايات المتحدة الأمريكية قامت باستجلاب شقيقتها وأبنائها للسكن بالمدرسة، والمنزل الثالث لحارس  المدرسة وأسرته.

وبحسب مشاهدات (مدنية نيوز) لا يتواجد بالمدرسة عدا أربعة معلمين، ولا يوجد طالب بالمدرسة، وبرر أحد الأستاذة غياب التلاميذ لنهاية المقرر.

ومن جهته أقر مدير المدرسة أن المعلمة التي تسكن بالمدرسة لم تكن ضمن الاصطاف العامل، ولفت إلى صدور أمر إخلاء من المحلية للمعلمة للمنزل، وأضاف: (علمت أنها تقدمت باسترحام لإبقاء شقيقتها بالمنزل لمدة (٤) أشهر، وأضاف أن وكيل المدرسة يسكن بالمدرسة قبل تحويلها إلى ثانوية.

جانب من المدرسة

تردي البيئة

وكشف المدير عن تردي البيئة المدرسية وانتشار النفايات بالقرب من المدرسة، وأرجع ذلك لوجود الورش، واشتكى من انعدام دورات مياه بالسوق والتبول بجوار المدرسة، وشدد على ضرورة إجراء صيانة ضرورية لدورات المياه، وأضاف: (تقدمت بمذكرة لصيانة الحمامات لكن لم تستجيب المحلية ووزارة التعليم).

وانتقد المدير تباطؤ السلطات لمعالجة مشكلة المدرسة بالرغم من زيارة معتمد الخرطوم  للمدرسة ووقوفه على الوضع.

ومن جانبه أوضح رئيس لجنة الخدمات حاتم علي طه، عن متابعة اللجنة لقضية المدرسة والعقارات الملحقة بها، وكشف عن تضرر سكان المنطقة من وجود العقارات والورش بالمدرسة، وقال إنها بيئة غير صالحة للدراسة، ووصفها أنها سيئة، وكشف عن اتجاه لرفع مذكرة حول عدم وجود الطلاب بالمدرسة.

قرارات الوزارة

تساؤلات طرحتها (مدنية نيوز) على مدير المرحلة الثانوية بولاية الخرطوم أحمد يس، حول أسباب عدم قبول الطلاب بالمدرسة، خاصة أن منطقة الديوم لا توجد بها مدرسة ثانوية؟ وهل لوزارة التربية لوائح تمنع إيجار العقارات بالمدارس لأعمال الورش والنجارة؟ وفي رده أقر مدير التعليم الثانوي بالولاية بتلقي شكاوى ضد العقارات الموجودة بالمدارس، ولفت إلى أن المستشار القانوني للوزارة يتابع عدد كبيراً من القضايا بسبب العقارات ومخالفات لوائح وزارة التربية والتعليم التي تنص على أن عقارات المدارس يجب أن تخصص لما يفيد العملية التعليمية من مكتبات وغيرها.

وكشف عن شروع الوزارة في إجراء مراجعات فورية لقضية الاستثمار بالمدارس وتجفيفها،  ولفت إلى صدور قرار بقبول الطلاب بمدرسة الديوم من العام القادم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *