الخميس, نوفمبر 21, 2024
أخبارتقاريرسياسة

محاكمة كوشيب.. هل بدأت العدالة تأخذ مجراها؟

الخرطوم: نهلة مجذوب

دعت المحكمة الجنائية الدولية ومنظمة هيومن رايتس ووتش ومنظمة إنهاء الإفلات من العقاب بالسودان، لحضور محاكمة المتهم علي كوشيب خاصة ذوي واسر الضحايا، والذي وُجِّهت له 31 تهمة منها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ارتُكبت في 2003 و2004 في أربعة من قرى غرب دارفور، كودوم، وبنديسي، ومكجار، ودليج. تشمل هذه التهم القتل، والشروع في القتل، والنهب، والاغتصاب، والتعذيب، وتوجيه الهجمات عمدا ضد المدنيين، وغيرها.

وترى هذه الجهات الحقوقية أن قضية دارفور تاريخية ولن تتوارى الى ان تتحقق العدالة كاملة، وبحسب محكمة الجنايات ستبدأ أول جلسات محاكمة علي كوشيب أحد قادة ميليشيا الجنجويد غدا 5 أبريل ٢٠٢٢، أمام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، بهولندا. ومنذ أكثر من 15 عاما، حددت “هيومن رايتس ووتش” كوشيب على أنه شخص ينبغي للمحكمة الجنائية الدولية التحقيق معه بسبب جرائمه المزعومة في دارفور. فيما أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أول مذكرة توقيف بحق علي كوشيب في 27 أبريل 2007.

وفي هذا الصدد أصدرت منظمة هيومن رايتس ووتش، وثيقة أسئلة وأجوبة بجانب وفيديو قبل المحاكمة وفق ما وصلت إليه من من نتائج بعد تقصيها الحقائق حول إنتهاكات جرائم دافور، وذلك لتوضيح القضية وابعادها والمتهمين فيها، والذين يمثل منهم حاليا علي كوشيب، وهو الاسم المستعار لعلي محمد علي، الذي حدّدت “المحكمة الجنائية الدولية” هويته على أنه علي محمد عبد الرحمن. يُعتقد أن كوشيب كان القائد الأساسي لميليشيا “الجنجويد” في منطقة وادي صالح، غربي دارفور. شغل أيضا مناصب قيادية مع القوات المساعِدة للحكومة السودانية، وهي “قوات الدفاع الشعبي” وشرطة “الاحتياطي المركزي”.
في أوائل 2003، تعاونت الجنجويد مع قوات الحكومة السودانية أثناء نزاعها المسلح مع الجماعات المتمردة لتنفيذ حملة منهجية من “التطهير العرقي”.

وُجِّهت إلى كوشيب 31 تهمة منها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ارتُكبت في 2003 و2004 في أربعة من قرى غرب دارفور، كودوم، وبنديسي، ومكجار، ودليج. تشمل هذه التهم القتل، والشروع في القتل، والنهب، والاغتصاب، والتعذيب، وتوجيه الهجمات عمدا ضد المدنيين، والنقل القسري وتدمير الممتلكات، والاعتداء على الكرامة الشخصية، والاضطهاد والمعاملة القاسية وغير الإنسانية. اتُهم أيضا بتوجيه الهجمات، والتعبئة، والتجنيد، والتسليح، وتوفير الإمدادات لميليشيا الجنجويد تحت قيادته. ومنذ أكثر من 15 عاما، حددت “هيومن رايتس ووتش” كوشيب على أنه شخص ينبغي للمحكمة الجنائية الدولية التحقيق معه بسبب جرائمه المزعومة في دارفور.

وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية أول مذكرة توقيف بحق علي كوشيب في 27 أبريل 2007. نُشرت علنا مذكرة التوقيف الثانية الصادرة بحقه عام 2018 في 2020. تضمنت المذكرتان ما يزيد عن 50 تهمة بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. دُمجت التهم لتصبح 31 قبل انعقاد الجلسات المسماة جلسات تأكيد التهم، والتي عُقدت في أيار 2021. بعد تلك الجلسات، أكد قضاة المحكمة الجنائية الدولية جميع التهم وأحالوا القضية للمحاكمة.

وسلّم كوشيب نفسه إلى المحكمة الجنائية الدولية طواعية في جمهورية أفريقيا الوسطى. في 9 يونيو 2020، أعلنت المحكمة أنه محتجز لديها. وهذه المحاكمة هي المرة الأولى التي يُحاسب فيها زعيم على جرائم خطيرة يُزعم ارتكابها في دارفور، وإن كان ذلك بعد 18 عاما من ارتكابها. وهي فرصة نادرة طال انتظارها للضحايا والمجتمعات التي أرهبتها الجنجويد حتى يشاهدوا قائدا مزعوما يمثل أمام العدالة. هي أيضا المحاكمة الأولى من نوعها للمحكمة الجنائية الدولية على جرائم ارتكبتها القوات الحكومية والميليشيات المتحالفة معها في دارفور، وتُظهر أنه من الممكن أن يمثل مرتكبو الجرائم أمام العدالة حتى بعد أكثر من عقد من الزمان.
وحسب هيومن رايتس، قال رجل من دارفور يعمل مع اللاجئين والنازحين داخليا الدارفوريين عن محاكمة كوشيب: “نثمن دور المحكمة الجنائية الدولية، ليس انتقاما، بل إنما من أجل العدل. من أجل أن يعرف كل الناس في الدنيا أن لا أحد أكبر من العدل. لا بد أن يعرف أي دكتاتور تسوّل له نفسه أن يبيد شعبه أو يبيد جيرانه أو الآخرين أن هناك قانونا أمامه”. ولطالما خاض أهالي دارفور والنشطاء في السودان وفي أفريقيا حملات واسعة لتسليم كوشيب وغيره من المشتبه بهم من قبل المحكمة الجنائية الدولية. تظاهرت المجتمعات المحلية والنازحين من دارفور في السودان للمطالبة بمثول كوشيب للعدالة وأقاموا وقفات احتجاجية من أجل ضحايا الهجمات التي يُزعم أنه مسؤول عنها.

وقال ناشط يقيم في الخرطوم ويعمل مع ضحايا دارفوريين لـ هيومن رايتس ووتش”: “عندما جلسنا مع الضحايا [في السنتين المنصرمتين في دارفور]، سألناهم عما يحتاجون إليه فأجابوا “نريد العدالة”… لا يمكننا التعبير عن مشاعرنا.. عن مدى سعادتنا.. لأن العدالة تأخذ مجراها”.

ويواجه أربعة آخرون، بينهم الرئيس السوداني السابق عمر البشير، اتهامات من المحكمة الجنائية الدولية. جميعهم فارّون من العدالة: والبشير يواجه خمس تهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وتهمتين بارتكاب جرائم حرب، وثلاث تهم إبادة جماعية. وهو حاليا محتجز في السودان ويُحاكم مع مسؤولين سابقين آخرين لدوره المزعوم في انقلاب 1989 ضد آخر حكومة منتخبة في السودان. في ديسمبر 2019، حُكم على البشير بالسجن سنتين في إدانة متصلة بالفساد.

ومن المتهمين أحمد هارون، وزير الدولة السابق للشؤون الإجتماعية والحاكم السابق لولاية جنوب كردفان، مطلوب في 20 تهمة بارتكاب جرائم ضد الإنسانية و22 تهمة بارتكاب جرائم حرب. بحسب معلومات هيومن رايتس ووتش، هارون محتجز في السودان لكن لم توجه إليه أي تهمة بارتكاب الجرائم بموجب القانون السوداني.

وعبد الرحيم محمد حسين، وزير الدفاع السابق، مطلوب في سبع تهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وستة جرائم حرب. وهو محتجز في السودان ويواجه أيضا تهما محلية تتعلق بدوره المزعوم في انقلاب 1989.

وعبد الله باندا أبكر، قائد “حركة العدل والمساواة” المتمردة في دارفور، وُجهت إليه ثلاث تهم بارتكاب جرائم حرب تتعلق بهجوم على قاعدة للاتحاد الأفريقي في دارفور. مثُل باندا طوعا أمام المحكمة في البداية عام 2010. أكد القضاة التهم الموجهة إليه في 2011 وأحالوه إلى المحاكمة. أصدر القضاة مذكرة  توقيف بحقه لضمان حضوره المحاكمة في 2014، وهو طليق منذ ذلك الحين. لن يُحاكَم حتى يمثل طوعا أو يُقدم للمحكمة.

واتُهم اثنان من قادة المتمردين السودانيين الآخرين بجرائم تتعلق بالهجوم على قاعدة للاتحاد الأفريقي، لكن أحدهما توفي، وهو صالح محمد جربو جاموس، ورفض قضاة المحكمة الجنائية الدولية تأكيد التهم الموجهة إلى الآخر، وهو بحر إدريس أبو قردة. واوضحت هيومن رايتس ووتش ان القوات الحكومية السودانية والميليشيات المتحالفة معها ارتكبت جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، لكن بسبب قيود على أبحاثها لم تتوصل إلى إذا ما كانت الجرائم استوفت عنصر التعمد المطلوب لتُصنَّف جرائم إبادة جماعية. توصلت هيومن رايتس ووتش أيضا إلى تورط الجماعات المتمردة في جرائم خطيرة تشمل الهجمات على المدنيين، والقتل، والاختطاف، والنهب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *