الأزمة السودانية والتطورات الإقليمية والعالمية (2)
الخرطوم: حسين سعد
في المحور الحادي عشر لسلسلة حلقات الازمة السودانية والتطورات الاقليمية والعالمية؛ هناك تطور خارجي لابد من النظر اليه مع توقيت الدعوة لحوار الالية الثلاثية وهو أزمة الغذاء التي بدأت تتفاقم في دول غرب إفريقيا وعلى مستوى أوسع نطاقاً في أنحاء القارة السمراء، بسبب العوامل التقليدية المعروفة مثل الجفاف والصراعات المسلحة وسوء الإدارة الحكومية والفساد. وفي خلال السنوات القليلة الماضية أصبحت الأوضاع أشد سوءاً بظهور عوامل جديدة مثل التداعيات الناجمة عن تفشي فيروس كورونا وانصراف الاهتمام العالمي إلى قضايا أكثر تماساً مع اهتمامات الدول والشعوب الغربية مثل اندلاع الحرب الجديدة بين روسيا وأوكرانيا، وتواجه مساحات شاسعة من غرب إفريقيا، ومنها أجزاء من بوركينا فاسو ومالي والنيجر ونيجيريا خصوصاً، حركات الإرهاب المسلح، الذي أجبر ملايين الأشخاص على ترك أراضيهم. وهذه الدول خصوصاً إلى جانب تشاد، تعتبر من أشد الدول تضرراً من الجوع، كما تشهد المنطقة أيضاً فيضانات وموجات جفاف شديدة بسبب آثار تغير المناخ ما جعل الزراعة أكثر صعوبة، وتحولت معها المناطق الزراعية الى أصقاع مهجورة.، ووفقاً لشبكة الوقاية من أزمات الغذاء في غرب افريقيا، انخفض إنتاج الحبوب في 2021-2022 بنسبة 39 في المئة على أساس سنوي في النيجر و15 في المئة في مالي، ومؤخرا حذرت 11 منظمة إغاثة دولية في بيان مشترك من أن هناك نحو 27 مليوناً يعانون الجوع في منطقة غرب إفريقيا، وقد يرتفع هذا العدد إلى 38 مليوناً بحلول يونيو ، بزيادة 40 في المئة عن العام الماضي وهو ارتفاع تاريخي غير مسبوق، وفي تحذير منفصل، نبهت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، إلى الأزمة الغذائية الكبرى التي تعانيها إفريقيا حالياً لكن «لا يلاحظها أحد» بسبب الحرب في أوكرانيا. وقال مدير العمليات في المنظمة دومينيك ستيلهارت، إن ملايين الأسر جائعة والأطفال يموتون من سوء التغذية. وأشارت المنظمة إلى اعتزام العديد من المانحين بالفعل قطع التمويلات المخصصة لضحايا الجوع في إفريقيا لدفع تكاليف اللاجئين في أوروبا.
تمدد الجوع..
ولا تقتصر أزمة الجوع على شعوب غرب إفريقيا وحدهم، لكنها تتمدد على مستويات أوسع نطاقاً. اذ إن التقديرات تؤكد أن شبح الجوع يتهدد 346 مليون شخص من شعوب القارة، وهو رقم يعادل ربع السكان، وسجلت إحصاءات المنظمات الدولية أن أكثر من 70 في المئة من سكان جنوب السودان مهددون بالجوع الشديد ونقص الغذاء بسبب عدم الاستقرار السياسي والكوارث الطبيعية. وتضاعف عدد النازحين في بوركينا فاسو بسبب الجوع خلال العام الماضي، بينما يحتاج أكثر من 6 ملايين شخص في القرن الإفريقي إلى تدخل طارئ لمواجهة محنة الجفاف الشديد. وطالت تأثيرات الجفاف حوالي 90 في المئة من أراضي الصومال. وقال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة إن 1.4 مليون طفل دون سن الخامسة سيصابون بسوء تغذية حاد حال تأخر موسم الأمطار هذا العام، وأكد مدير البرنامج أن المنظمة الدولية تكثف عملياتها لمساعدة أكبر عدد ممكن من الأشخاص، لكن عدد الذين يواجهون خطر المجاعة هائل بينما تواجه المنظمات العاملة نقص الأموال اللازمة لمواجهة الكارثة
قالت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) يوم الجمعة الماضي إن تراجع صادرات القمح والسلع الغذائية الأخرى من أوكرانيا وروسيا يدفع ما بين 11 مليونا و19 مليون شخص لبراثن الجوع خلال العام المقبل.
وتسبب الصراع في أوكرانيا في أزمة غذاء عالمية، مع ارتفاع أسعار الحبوب وزيوت الطهي والوقود والأسمدة. وتزوّد روسيا وأوكرانيا العالم بما يقرب من ثلث إمدادات القمح، في حين أن روسيا هي أيضا مُصدر رئيسي للأسمدة وأوكرانيا مورّد أساسي للذرة وزيت دوار الشمس.
وقال بوبكر بن بلحسن، مدير إدارة الأسواق والتجارة في منظمة الأغذية والزراعة إن الصراع “يمكن أن يترتب عليه سقوط ما بين 11 و19 مليونا آخرين في (براثن) الجوع.. وهو جوع مزمن على مدى 2022 و2023″.
وقال للصحفيين إن هذا التقدير الأولي وُضع استنادا إلى انخفاض صادرات السلع الغذائية من أوكرانيا وروسيا.
وأضاف أن “البلدان الأكثر تضررا هي منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا نظرا لاعتمادها الكبير على الواردات، خاصة القمح، من هذين البلدين، وكذلك الزيوت النباتية وزيت دوار الشمس”.
ومضى قائلا إن بعض الدول في جنوب الصحراء الأفريقية وآسيا، مثل بنجلادش وإندونيسيا، “تأثرت بشدة”.
وقالت الفاو أيضا في تقرير يوم الخميس إن زيادة تكلفة المستلزمات الزراعية مثل الأسمدة يمكن أن تثني المزارعين عن التوسع في الإنتاج وتفاقم الأمن الغذائي في البلدان الفقيرة التي تتحمل فواتير استيراد كبيرة (يتبع)