مذكرة من المجتمع المدني السوداني تنتقد الحكم الصادر برجم شابة وتدفع بمطالب
الخرطوم: مدنية نيوز
وصفت (26) من منظمات المجتمع المدني، الحكم الذي أصدره قاضي محكمة الجنايات هارون محمد هارون، بالاعدام رجماً بالحجارة في مواجهة شابة تبلغ من العمر (20) عاماً، بتهمة ارتكاب جريمة الزنا في مدينة كوستي بولاية النيل الأبيض، بالانتهاك السافر لمبادئ وقيم حقوق الإنسان والحقوق الدستورية.
ومن بين الجهات الموقعة (المبادرة الاستراتيجية لنساء القرن الأفريقي “صيحة”، هيئة محامي دارفور، حملة خشي اللجنة، محاميات للتغيير، عديلة للثقافة والفنون، شبكة الإعلاميات السودانيات).
وأشارت المذكرة إلى أن رئيس الجهاز القضائي بولاية النيل الأبيض منع الزيارة عن الشابة (م) التي تقبع حالياً في السجن، ورأت المذكرة أن الحكم يعكس الحالة التي وصفتها بالبائسة للإطار القانوني في السودان (في وقت تتصدر فيه النساء فى السودان صفوف المقاومة الأمامية في المطالبة بالحكم المدني الديمقراطي، بينما لا يزال السودان يتبنى نهجا قانونياً مجحفاً لحقوق النساء والبنات).
واعتبرت تلك الجهات أن ذلك الحكم ينتهك الحقوق الدستورية غير القابلة للانتقاص للشابة (م)، ويسلط الضوء على العنف الذي تمارسه المحاكم السودانية على المرأة، ونبهت إلى أن قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991 ينتهك من ناحية إجرائية حقوق المرأة، واستندت على أنه يسمح للمحكمة بأن تقبل تنازل المتهمين عن حقهم في التمثيل القانوني أثناء الإجراءات القانونية والمحاكمات، وشددت على أن ذلك ينتهك حق النساء في المحاكمة العادلة ويعرض حياتهن للخطر.
ولفتت تلك الجهات إلى أن جهود المجتمع المدني والجهود الاعلامية تظل محدودة في رصد حالات الانتهاك التي تؤدي بالمئات من النساء إلى السجون السودانية، (حيث تتفاقم ظواهر تجريم النساء تحديداً في أعقاب انقلاب 25 أكتوبر الذي أعاد عجلة الانتهاكات إلى ما قبل سقوط نظام البشير).
ودفعت المذكرة بملاحظة أن الكثير من السجينات هن من النساء الفقيرات أو النازحات واللاجئات ومن ضحايا جرائم الاتجار بالبشر وجرائم العنف المبني على النوع، وقالت: (وفقاً للتقارير الأخيرة يتجاوز عدد النزيلات في سجن النساء بأم درمان ثلاثة أضعاف سعة السجن حيث تصل أعداد السجينات إلى ما يقارب الـ 1500 سجينة، بالإضافة إلى الأطفال المصاحبين لأمهاتهم).
وانتقدت المذكرة إخفاق الحكومة الانتقالية التي حكمت البلاد عقب ثورة ديسمبر 2018 في إحداث أية تعديلات في الإطار القانوني السوداني وخاصة القانون الجنائي والقوانين الإجرائية (التي تواصل تجريم النساء والفتيات علناً وتساهم في انتهاك حقوقهن)، ومثلت لذلك بقانون الأحوال الشخصية الذي يسمح بالعنف الجنسي ضد الطفلات بحجة أهليتهن للزواج فى عمر 10 سنوات.
وقالت المذكرة: بصفتنا ناشطات وناشطين بالمجتمع المدني ومدافعين عن حقوق النساء، فإننا نؤكد على حقيقة أن السودان يحكمه نظام قانوني مختل، وذلك لاستمرار السلطات في ممارسة الانتهاكات الممنهجة والإخلال بالتزامات المعاهدات والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، ومن ضمنها اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب التي صادق عليها السودان في العام 2021 والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية بموجب المادة 4، والتي تشمل الحق في الحياة، والحق في المحاكمة العادلة، والحرية من التعذيب والمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية والمهينة.
ودعت تلك الجهات، منظمات حقوق الإنسان والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية وهيئات الأمم المتحدة لمطالبة السودان باحترام حقوق المرأة ومنع استمرار الأعمال الوحشية ضد النساء والبنات.
وطالبت المذكرة الأحزاب والمنظمات السياسية السودانية بإجراء مراجعة شاملة وإصلاح القوانين السودانية بما في ذلك القانون الجنائي وقانون الأسرة لإلغاء عقوبة الزنا وإلغاء جميع أشكال العقوبات اللا إنسانية المتجذرة في القانون السوداني كشرط أساسي في التحول المدني والديمقراطي في البلاد.
كما تمت مطالبة الجهات السياسية السودانية والدولية الفاعلة وأصدقاء السودان بإعطاء الأولوية لتعزيز قدرة المدافعين عن حقوق المرأة والمحامين ومقدمي الخدمات الإنسانية للتصدي للعنف المنظم ضد النساء في السودان.
وشملت المطالبات الاستثمار في رفع مقدرات القضاء السوداني ومؤسسات سيادة القانون وفقاً للقوانين والمعاهدات الدولية، خاصة تلك التي تخاطب حقوق المرأة وتمكينها من الوصول إلى العدالة، ورأت المذكرة أن إرساء حقوق النساء في السودان مرتبط ارتباطاً وثيقاً ببناء الأمن والسلام والاستقرار في السودان.