الثلاثاء, أبريل 30, 2024
مقالات

أحداث شرق نيالا وعلاقات الإنتاج

بقلم: محمد بدوي

يحتل السودان المرتبة الخامسة عالميا في انتاج الفول السوداني، بنسبة ظلت تقدر ب١٤٪، ويزرع في مناطق عديدة لكن شرق دارفور ظل يساهم ب٤٠٪ من الانتاج، بينما ظلت مناطق أخري مثل كرينك بغرب دارفور ومناطق شرق جنوب دارفور التي تعرف اداريا بمحلية بليل تنتجان كميات كبيرة لتناسب التربة والمناخ مع نمو الفول السوداني، تراجعت زراعة الفول لعدة اسباب، قرار منع تصدير الفول الصادر فى ، ٢٠٢٠، السبب الرئيسي الثاني حالة عدم الاستقرار في بعض المناطق مثل كرينك وشرق نيالا التي يمكن رصد موجات من النزوح واللجوء خلال الفترة من (٢٠٠٣ الي ٢٠٢٢)، ولابد من الاشارة الي محاولات المزارعين عقب ٢٠١٢ الى محاولة الرجوع لمزارعهم خلال موسم الزراعة لكن ظل الخطرعال ويعتمد على الحظ فى حفظ الارواح اما المحاصيل فقد كانت تخضع فى احسن الاحوال للمشاركة مع بعض الذين استقروا فى المناطق الزراعية الغنية بعد نزوح سكانها، طبيعة زراعة الفول فى تلك المناطق ظل طبيعيا بما جعل الصنف مرغوبا فى السوق العالمية المرتبطة بالصناعات الدوائية والحلويات.
النظر الي منطقتا كرينك وشرق نيالا تمتازان بخصوبة الارض فالي جانب الفول هنالك الذرة الرفيعة فى الدورة الزراعية مما شكلتا مناطق رعوية جاذبة وهو ما يفسر كثافة استقرار مجموعات اخري بدلا عن سكانها بعد ٢٠٠٣ داخلها، من الناحية التاريخية فكرينك كانت المركز العسكري الاول حيث اول حامية عسكرية قبل ان تحول للجنينة العاصمة الحالية، مناطق شرق نيالا فهي تاريخيا كانت تحت سيطرة مملكة الداجو (من الثاني عشر الى الخامس عشر ميلادي) التي امتدت حتى مناطق جنوب وغرب كردفان الحالية وهو ما يفسر وجود الداجو في لقاوة وغيرها، ثم اعقبتها سلطنة التنجر، لابد من الاشارة الي ان مدينة نيالا ( نا -لا) اصبحت العاصمة فى العام ١٩٢٩ حيث اختيرت لتمون مركز لريفي غرب البقارة،عقب ضم سلطنة الفور للسودان فى ١٩١٦،وهذا يكشف الاهمية التاريخية لكلتا المنطقتين وبالضرورة ان يقترن ذلك بقيمة استراتيجية، فبعد العام ٢٠٠٣ ظلت بعض الحركات المسلحة تستطيع الحصول على التموين من مناطق شرق نيالا عبر العلاقات لكون الداجو لم يشاركوا فى صراع دارفور مع اي من الاطراف، ذاك الامان النسبي ما يفسر موقع معسكر كلمه الذي يأوي حوالي (٩٤) الف نازحة/ نازح، الاحداث فى ٢٠١٤ فبراير والاعتداء على حوالي ١٧ قرية عرفت بقري ام قونجا،يشير الى الاهمية العسكرية للاعتداءات وقطع الطريق الامن، لعل ذلك ما جعل الحركات المسلحة التي حاولت فى ٢٠١٧ العبور من دولة جنوب السودان ان تلجا الي مناطق ابعد اخرجتها شمالا الى جبال عدولة داخل ولاية شمال دارفور، برز بعد نزوح سكان ام قونجا تحول المناطق الي مراعي للرعاة.
ستظل حالة الامن مرتبطة بالتغيرات في علاقات الانتاج المرتبطة بالأرض حيث أن الهجمات المتكررة قد تدفع الى انشطة اخري مثل التعدين الاهلي عن الذهب اوحمل المجموعات التي ظلت خرج الصراع من الى الانضمام الى دائرة الاستقطاب العسكري بهدف البقاء فى مناطقها الاصلية، وفوق ذلك ستظل الزراعة بشقيها للاكتفاء الذاتي والمحاصيل النقدية بعيدة عن الاهتمام بما يصب فى تعزيز التحولات الراهنة فى علاقات الارض
أخيرا: الحالة مرتبطة بتحولات الامن والاقتصاد وسؤال صمود الاتفاق الاطاري الذي وقع بين المكون العسكري وأطراق تحالف الحرية والتغيير في واقع يتطلب النظر للصورة الكلية وتعقيداته والمطلوبات الاساسية للانتقال الديمقراطي وأهمها الرغبة والإرادة السياسية من كافة الاطراف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *