القانوني خليل تكراس لـ(مدنية نيوز): لا علاقة للعملية السلمية بالقضاء وهذه تحديات الجنائية بدارفور
المحامي والمستشار السابق بمفوضية حقوق الإنسان خليل تكراس في حوار مع (مدنية نيوز):
* المحكمة الجنائية لا تستطيع تغطية كل جرائم دارفور لهذه الأسباب..
* لابد ان يحدث تعديل للقوانين السودانية حتى تواكب نوع الجرائم الموجودة
* لا يمكن تطبيق العدالة الإنتقالية في جانب المحاسبة والمحاكمات ولكن..
حوار: هانم آدم
قال المحامي والمستشار القانوني السابق بالمفوضية السامية لحقوق الإنسان الأستاذ خليل تكراس، ان المحكمة الجنائية الدولية مواجهة بعدد من التحديات في دارفور، الأمر الذي يصعب عليها تغطية كل القضايا المتعلقة بالإنتهاكات والجرائم التي تمت هناك. وتابع انه حتى المحاكم الوطنية المكونة ستواجه مشكلة بسبب تعامل السودان بعدم رجعية القوانين في إشارة منه الى ان معظم الجرائم ارتكبت في الفترة من (2003م ـ 2004 ـ 2005 وحتى العام 2015م).
وطالب بتعديل القوانين والنظر لمبدأ رجعية هذه القوانين لإيجاد معالجة تشمل المحكمة وقوانينها وإجراءتها والإنتهكات التي حدثت في تلك الفترة، والا سوف يتم التأسيس لعملية إجرائية للافلات من العقاب بواسطة القانون.
وتطرق تكراس للعديد من القضايا المتعلقة بالعدالة الإنتقالية في دارفور في الحوار الذي أجرته معه (مدنية نيوز) بالجنينة، فإلى نص الحوار:
* شاركت كمدرب في ورش العدالة الإنتقالية التي أقامتها منظمة الناس بالناس بولايات دارفور من ضمنها ورشة انعقدت بولاية غرب دارفور، وناقشت العديد من القضايا والموضوعات، ماهي ابرز تلك القضايا؟
من الموضوعات التي تم طرحها موضوع المحكمة الجنائية الدولية، ودار تساؤل حول إمكانيتها في معالجة الجرائم والانتهكات التي تمت في دارفور . فمن ناحية مؤسسية نعم هي محكمة مختصة، وقد تم تحويل عدد من القضايا بالنسبة لها، والتي تم التحقيق فيها وفق الياتها من ضمنها اللجنة الدولية والتي تم تخصيصها بواسطة القاضي (كاسياسي) و(محمد الفايد) وتحققت في عامي ( 2004 ـ 2005) واصدرت القرار وبناءا عليه تمت إحالة القضية للمحكمة الجنائية الدولية، ولكن المحكمة الجنائية مواجهة بعدد من التحديات في دارفور، واحدة من تلك التحديات انها لن تستطيع تغطية كل القضايا المتعلقة بالانتهاكات والجرائم التي تمت في الاقليم.
* لماذا لا تستطيع المحكمة الجنائية تغطية كل الجرائم التي تمت بدارفور؟
لكثرة العدد الموجود من الجرائم، والمحكمة بطبيعتها تنتقي بعض القضايا، ولديها إجراءات عقيمة جدا. لذلك لا اتوقع ان تستطيع المحكمة ان تحاكم هؤلاء (الخمس اسماء التي ذكرت). وهذا يخلق نوع من الاستياء وسط الضحايا لانهم محتاجون لمحاكمة عادلة وسريعة وشفافة، فالمحكمة الدولية لديها إجراءاتها القانونية، واتوقع ان تتم محاكمة كوشيب عام او إثنين، والرئيس السابق (عمر البشير) اذا جاء يمكن ان تتم محاكمته خلال ثلاثة او اربعة اعوام، اما البقية الموجودون فيمكن ان يتوفى أحدهم أثناء إجراءت المحاكمة. فالمحكمة تتخذ فترات زمنية ويتم تطبيق الإجراءات القانونية.
ايضا من التحديات التي ستواجه المحكمة نظام التقاضي والإثبات، وصعوبة وصول الضحايا وذويهم والشهود لمقر المحكمة خارج السودان، وحماية الشهود، وتعذر القبض على كل المتهمين بواسطة المحكمة الجنائية لعدم وجود شرطة خاصة بها تنفذ أوامر القبض، حيث أنها تعتمد على الآليات الدولية منها (الانتربول)، كما ان طبيعة العقوبات نفسها قد لا ترضي الضحايا لانها تخلو من عقوبة الإعدام، فالمحكمة الجنائية الدولية دوما تقوم بإختيار قضايا محددة كنماذج لمحاكمة القيادات التي أصدرت الأوامر، ونفذت الإنتهاكات وذلك لمنع الإفلات من العقاب وضمان عدم تكرار الإنتهاكات وفرض هيبة قضاء الولاية الدولية.
* اذن وكيف يتم تطبيق العدالة في الحالة؟
هذا يتطلب وجود آليات اخرى من ضمنها المحكمة المختلطة، او القضاء الوطني بعد عملية الإصلاح المؤسسي. لان القضاء الوطني غير قادر الان على محاكمة الجناة، ولا تستطيع النيابة ان تفتح بلاغا او يتم القبض على معظم الجناة لانهم في السلطة، ويمتلكون السلاح، كما أن السلطة في حد ذاتها لا ترغب في محاكمة الجناة لانهم في سدة الحكم. فلابد ان يحدث تعديل للقوانين السودانية حتى تواكب نوع الجرائم الموجودة. وحتى المحاكم الوطنية المكونة ستواجه مشكلة لماذا؟ لان السودان يتعامل بعدم رجعية القوانين ومعظم الجرائم ارتكبت في الفترة من ( 2003م ـ 2004 ـ 2005 وحتى العام 2015م ) فاذا تم تعديل القوانين بالضرورة المشرع السوداني الذي سوف يعدل هذه القوانين، ولابد وان ينظر لمبدأ رجعية هذه القوانين من اجل إيجاد معالجة حتى تشمل المحكمة وقوانينها وإجراءتها الإنتهكات التي حدثت في تلك الفترة، والا سوف يتم التأسيس لعملية إجرائية للافلات من العقاب بواسطة القانون.
* هناك حديث عن اليات لتطبيق العدالة الانتقالية في اتفاقية جوبا والمحكمة الخاصة، وان يتم تعيينها بواسطة النائب العام السوداني بالتشاور مع اطراف العملية السلمية كيف تنظر لهذا الأمر؟
اعتقد ان هذا خطأ حقيقي، فما هي علاقة العملية السلمية بالقضاء؟ نحن نتحدث عن مؤسسة قضائية يتم اصلاحها، حتى تصبح قومية، فاذا اصبحت في هذا المكان فلا يوجد داع لوجود اطراف العملية السلمية فمن اجل ماذا؟ من اجل ان تقول انك تريد هذا القاضي او لا؟ وفي إعتقادي ان هذه واحدة من الأخطاء التي يجب ان تعالج. ونضمن وجود قضاء نزيه مهني، بعدها النائب العام ورئيس القضاء هم من يقومون بتشكيل المحكمة بإجراءت يفترض ان تسيير عليها، ولكن اذا كان هناك تدخل من اطراف العملية السلمية فسوف تفقد المحكمة حياديتها وتصبح هناك وصايا عليها وهذه من الاخطاء التي يجب ان تعالج فورا في اعتقادي.
* وكيف تنظر لموضوع العدالة الانتقالية في دارفور حاليا؟
هو واحدة من المواضيع المسكوت عنها، فالظروف الان غير مواتية لتنفيذ توصيات العدالة الانتقالية وذلك لعدم وجود الآليات، ولا دولة سيادة القانون، ولا مؤسسات راشدة تستطيع ان تعالج هذه المسألة، ولا يمكن تطبيق العدالة الإنتقالية في جانب المحاسبة والمحاكمات لوجود الجناة في مفاصل السلطة، ولكن يمكن القيام بدور التوعية والتثقيف للضحايا والمجتمع في مفهوم العدالة الإنتقالية، وتهئية المناخ لتنفيذها في ظل الحكم المدني الديمقراطي، وذلك بعد تكوين الآليات الخاصة بها. فمسؤولية تنفيذ العدالة الانتقالية جماعية، ولكن الدولة المدنية الديمقراطية هي التي تتحمل المسؤولية الكبرة، وتقوم بإنفاذ سلطة القانون وإنصاف الضحايا.