السودان.. وزارتان تواجهان تهمة التلاعب في الإغاثة المتجهة إلى دارفور
كتب: عبدالرحمن العاجب
بالتوازي مع الحرب الدائرة في السودان، برز إلى السطح مؤخراً تفشي ظاهرة التلاعب في مواد الإغاثة الموجهة إلى الأقاليم المنكوبة. وكشفت المتابعات عن تجاوزات في الإغاثة المتجهة إلى إقليم دارفور. وحتى الآن، تلاحق التهم وشبهات الفساد وزارتي المالية والتنمية الاجتماعية، بجانب حكومة إقليم دارفور.
وتفيد المتابعات أن موادا إغاثية قادمة من دولة الإمارت ومتجهة إلى إقليم دارفور قد تم شحنها من ميناء بورتسودان، شرق البلاد، إلى مدينة كوستي، جنوبا، بتاريخ 25 – يونيو الماضي، وبعد وصولها إلى كوستي تم استبدال عربات الشحن بتاريخ 27 – يونيو.
وأكدت مصادر واسعة الاطلاع إن عدد الشاحنات عندما تحركت من بورتسودان كانت (13) شاحنة تحمل مواد إغاثية تقدر ب (350) طن، والاغاثة عبارة عن كراتين، زنة الكرتونة الواحدة (25) كيلو، هي عبارة عن (سكر – زيت – أرز – حليب – معجون طماطم – فول – عدس – ملح – تونه – مكرونة – دقيق قمح).
وما بين مدينة بورتسودان وكوستي تم فقدان (4) شاحنات من جملة 13 شاحنة. وتفيد المتابعات ان شاحنة واحده تم الاستيلاء عليها في مدينة ودمدني، وشاحنة أخرى تم تقسيم شحنتها على الشاحنات الأخرى، بجانب اختفاء عدد شاحنتين في ظروف مجهولة، وكشفت المتابعات إن حمولة الشاحنة تقلصت من (350) طن إلى (294) طن فقط.
وكشف مصدر واسع الإطلاع عن معلومة مفادها إن وزير المالية والتخطيط الاقتصادي، جبريل إبراهيم، قام بالتصديق على مبلغ (650) مليون جنيه لترحيل الإغاثة من مدينة بورتسودان إلى مدن مختلفة في إقليم دارفور، وفي سياق متصل بالمبلغ المخصص لترحيل الإغاثة، أفاد المصدر بأن المبلغ تم تحويله في حساب موظف كبير بوزارة الرعاية الاجتماعية.
وبحسب المختصين فإن الخطوة تخالف القوانين واللوائح والإجراءات المالية والمحاسبية، من واقع أن المبالغ حكومية وتم تحويلها في حساب شخصي.
واسندت مهمة الترحيل لشخص آخر، ليست لديه القدرة المالية ولا الكفاءة الإدارية، ولا يتمتع بخبرة في هذا المجال. واتضح لاحقا أنه من موظفي وزارة التنمية الاجتماعية، وبدوره قام بإسناد عملية شحن الإغاثة من كوستي إلى دارفور لأحد السماسرة المشهورين بمدينة كوستي، فقام الأخير بتحويل المبلغ الخاص بترحيل الإغاثة إلى غرض آخر، وهو ترحيل تقاوي الموسم الزراعي المقدمة من العون الأمريكي لصالح منظمة الفاو بفائدة إضافية.
وتفيد المتابعات أن السمسار الأخير تسلم مبلغ (58) مليون وأخفى نفسه في مكان مجهول، فيما تسلم الموظف الحكومي نصيبا من أموال ترحيل الإغاثة، بينما نال الموظف الكبير بوزارة التنمية الاجتماعية نصيبا أكبر من المال وسافر إلى روسيا.
وبرغم التصديق على مبلغ (650) مليون جنيه للترحيل إلا أن الإغاثة الإماراتية لإقليم دارفور ظلت قابعة على ظهر الشاحنات ومربوطة بالمشمعات لفترة طويلة امتدت لأكثر من شهرين تحت هجير الشمس وزخات المطر والرطوبة، ومن الراجح أن يتلف جزء كبير منها.
وفي المقابل، تحدث عدد من المواطنين عن تسرب كميات كبيرة ومتنوعة من مواد إغاثة كانت قد تبرعت بها دول صديقة للشعب السوداني لمواجهة تداعيات الحرب ووصلت إلى السودان، وكشف المواطنون عن تسرب المواد الغذائية، خصوصا تلك المقدمة من (مركز الملك سلمان للأعمال الإنسانية) السعودي للمتضررين من الحرب بالسودان، إلى الأسواق وهي تباع في بورتسودان وكوستي ومدني والأبيض، فيما أكد عدد كبير من المواطنين المتضررين من الحرب عدم استلامهم أي مواد اغاثية، لا في الخرطوم ولا في الولايات المتأثرة بالحرب.
ووصف بعض المتابعين ما حدث بالفضيحة الكبرى لجهة إن تلك الإغاثة تبرعت بها دول صديقة للسودان لإنقاذ حياة بعض المواطنين المتضررين من الحرب، فضلا عن تخصيص ميزانية من مال الشعب السوداني لترحيلها إلى المناطق المتضررة.
وبالنسبة للبعض فإن التقصير الأخلاقي الكبير يكمن في أن يقوم بعض الوزاراء والموظفين الذين ينتمون لنفس الشعب المكلوم والجائع بالسطو على الإغاثة والأموال المصدقة لترحيلها.