ان دور … عاش السلام، لا للحرب
كتبت : هيام تاج السر
لم تكن مجرد كذبة أبريل، التي عهدها الناس، بل كان يوماً أسوداً على السودان والرياضة السودانية
منتصف ابريل من العام الجاري 2023، طرأ تحول كبيرعلى الأوضاع في السودان، حيث انقلبت رأساً على عقب بفعل الحرب التي اندلعت في قلب العاصمة الخرطوم بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع التابعة له
استيقظ السودانيون صباح ذلك السبت، قبل سبعة أشهر، على أزيز الطائرات المقاتلة، ودوي الانفجارات العنيفة، فتوقفت الحياة ومنذ ذلك الوقت، وظلّ السودانيون في انتظار فجر الأحد؛ الذي لم يُشرق حتى بعد مرور أكثر من نصف عام على اشتعال الحرب.
استمرار الحرب وتصاعدها بهذه الوتيرة وعدم استجابة طرفيها لنداءات وقف اطلاق النار والجنوح للسلام انعكس سلباً على مناحي الحياة كافة، بما فيها الرياضة، مثل لعبة كرة القدم التي تضاعفت معاناتها وازدادت تراجعاً على تراجعها، فيما باتت جماهير الرياضة التي كانت تحلم بمستويات كبيرة وانتصارات ونجاحات للمنتخبات والأندية، صارت العودة إلى الملاعب ومشاهدة المباريات التنافسية أقصى أحلامها وسقف طموحاتها.
بعد الخامس عشر من أبريل، تمددت الحرب كالنار في الهشيم وقضت على الأخضر واليابس وطالت الجميع، ولم يكن الرياضيين بمعزل عنها؛ بطبيعة الحال، بعدما تعرضوا لألوان وفنون من العذاب، سيما وأنّ الحرب طالتهم كافة وبكل فئاتهم (لاعبين ،مدربين، حكام ،إعلاميين ،وإداريين)؛ في جميع الألعاب، كما لم تسلم البني التحتية على ردائتها، من الدمار والتخريب، فانهارت واحدة تلو الأخرى
كل ذك هينٌ إزاء فقد الأرواح، حيث توالت الفواجع والأحزان في الوسط الرياضي، حيث رحل المدرب الفذ واللاعب التاريخي بنادي الهلال السوداني الكابتن فوزي المرضي، حزناً و(كمداً) إن جاز التعبير، على ابنته الوحيدة التي قتلت برصاص الحرب الطائش الأرعن؛ قبل وفاته بأسبوعين، كما فجع الرياضيون برحيل حارس المرمى الأسطورة حامد بريمة لاعب المنتخب والمريخ الذي توفي نتيجة لعدم توفر الرعاية صحية بسبب توقف المستشفيات، وكذلك الأمر بالنسبة للراحلين؛ حسن بركية؛ لاعب المنتخب الأولمبي ونادي الوادي بمدينة نيالا (غرب السودان) التي شهدت معارك ضارية ومروعة بين الطرفين المتقاتلين، وأحمد عبد السلام؛ لاعب المريخ الناشئ، وأمير حسب الرسول؛ مدير الإعلام بالاتحاد السوداني لكرة القدم والذي يشغل منصب نائب رئيس نادي المريخ بمدينة نيالا؛ حيث قتل في بداية الحرب داخل منزله بمنطقة جبرة جنوب العاصمة الخرطوم، فضلاً عن فجيعة المجتمع الرياضي بوفاة المصوّر الصحفي؛ عصام الحاج.
علاوة على التدهور المريع الذي شمل البنية التحتية الرياضية بالسودان – قبل الحرب – فقد الحقت المعارك الدائرة بين الطرفين دونما هوادة أضراراً فادحة بالقليل الهش الذي كان قائماً منها، حيث اطاحت بما تبقى من حلم وأمل للمجتمع الرياضي، باكتمال المدينة الرياضية التي قصفت ودمرت، بسبب تحويلها إلى ثكنة عسكرية، فضلاُ عن قصف مقر الاتحاد العام كرة القدم بضاحية (الخرطوم 2)، وسط العاصمة السودانية، وملعبيّ ناديي المريخ والهلال، وغالبية دور الاتحادات الرياضية المحلية بالعاصمة.
أصبحت الحرب السودانية المهدد الأكبر والأول للرياضة التي كانت تعاني في الأساس، وبتوقف معظم الأنشطة والألعاب الرياضية تواصل كرة القدم مشوارها المتعثر وحيدة خشية العقوبات الدولية، حيث شكّل اتحاد اللُعبة لجنة طوارئ لا تزال قف حائرة بين استكمال الموسم أو تجميده، حيث لم تنجح خطة استكمال أو فتح موسم جديد بالمناطق الآمنة من الحرب، لأن الإنسان (المورد البشري) هو محور الحدث الرياضي، ولا يُمكن أن يبدع أو ينجز وتفكيره في امن أسرته .
واصل اتحاد الكرة جهوده ووجد التعاون اللازم في هذا الاتجاه من عديد الدول الصديقة التي استجابت لنداء المسؤولين عن الكرة السودانية، في استضافة المنتخبات وتوفير المعسكرات وأيضاً المباريات الودية والسماح لها بلعب مبارياتها الدولية، خاصة أن الإنسحاب عن البطولات يترتب عليه ما يترب عقوبات وآثار سالبة *كان تاثير الحرب كبيراً هنا حيث إنّ المنتخب بجميع فئاته والأندية التي لها استحقاقات خارجية أدّت مبارياتها خارج السودان؛ ما أفقدها عامليّ الأرض و الجمهور؛ بجانب المآسي التي يعيشها اللاعبون البعيدون عن أسرهم، التي تعاني ويلات حرب ضروس، الأمر الذي تسبب في خروج المنتخبات وعدد من الأندية من الأدوار التمهدية للبطولات.
*آوت دور
*تمنيناها كذبة أبريل فكانت حربا ضروسا
*الحرب قضت على أخضر ويابس الرياضة في السودان.
*عانى الرياضيون كثيراً، وفقدنا منهم أنفساً عزيزة..
*الآن يتعيّن على الرياضيين لعب أدوار أكثر أهمية من لعب الكرة بالدعوة لإيقاف الحرب، ونشر ثقافة السلام.
*عاش السلام لا للحرب.