أما آن الأوان للتقدم الجماعي؟ (1-8)
مركز الدراسات السودانية
بقلم: منذر مصطفى
المراقب لحركة تفاعلات النظام السياسي بالسودان، والتطورات المرتبطة بالإنتقال لنظام حكم ديمقراطي، يجد فراغات في إمكانيات القيادات الوسيطة وحالة خصومة شبه دائمة مع الشعب تستثمر فيها الانظمة الشمولية الحاكمة، لا سيما الثيوقراطية منها، وتفرض بيئة موسومة بإنتهاك حقوق الانسان والتشريد القسرى للنشطاء المدنيين، وسرعان ما يتم التحكم بالعمليات السياسية وإفراغها من أجندة الإصلاح، وفي الغالب يعود النظام العسكرى أشد قسوة وبطشاً.
هناك تعريفات متعددة القيادات السياسية الوسيطة، لكن أهمها على الاطلاق وسمهم بالموصلون والميسرون الذين يسدون الفجوة بين صناع القرار على المستوى الأعلى والمجتمعات المحلية، ويجسدون القوة التحويلية للحوار والتعاون في السـعي لتحقيق التقدم الجماعي، كما تعرفهم أحد أبرز المفكرين في مجال القيادة والتطوير التنظيمي “Margaret Wheatley” بأنهم أفراد يبحرون في الديناميكيات المعقدة للسلطة والنفوذ والتغيير المجتمعي، ويجسدون القوة التحويلية للقيادة العلائقية، ويعتقد “Robert Greenleaf” بأن عليهم دائماً الالتزام بخدمة الآخرين وإعطاء الأولوية للرفاهية الجماعية، والتركيز على الاستماع والتعاطف وتمكين الآخرين لتحقيق إمكاناتهم الكاملة.
لعب القادة السياسيون على المستوى المتوسط دوراً حيوياً في تاريخنا السياسي، حيث عملوا كوسطاء وبناة جسور بين الإتجاهات السياسية المختلفة ومجموعات المصالح، وقادو بنجاح منذ الإستقلال ثلاث ثورات او إنتفاضات شعبية ناجحة، إستهدفت الإطاحة بالانظمة السياسية التى اقامها العسكرييين، فقد آدت ثورة اكتوبر 1964 الى الإطاحة بنظام الجنرال إبراهيم عبود الذى جاء عبر إنقلاب عسكري فى نوفمبر 1958، ثم افضت ثورة ابريل 1985 الى إسقاط نظام نميري الذى وصل الى حكم الحكم بإنقلاب عسكري فى مايو 1969م، ثم كانت ثورة ديسمبر 2018م الشعبية التى اسقطت نظام عمر البشير الذى حكم البلاد منذ انقلاب يونيو 1989م، ولم يتوقف دورهم عند هذا الحد وإمتد لمقاومة إنقلاب اكتوبر 2021، وإنهاء الحروب، بما في ذلك حرب أبريل 2023.
النموذج الملهم والخبرة الرائعة لنادي الخريجين والقادة الذين رعاهم تقف بمثابة شهادة على القوة الهائلة للقيادات الوسيطة في قيادة التغيير، وكيف تجاوز تأثيرهم لإنجازاتهم الأولية، كما يتضح من انتصار جبهة الهيئات، وكيف امتد مسلسل التأثير إلى أبعد من ذلك، ليشمل الجهود الصامدة التي تبذلها لجان المقاومة وتجمع المهنيين السودانيين، إلى جانب التطورات التحويلية اللاحقة، كل ذلك يجبرنا على تكريمهم ويدفعنا إلى التفكير في كيفية تعزيز قدراتهم وتمكينهم، مع الاعتراف بإمكانياتهم كمحفز لتقدم حركتنا الديمقراطية الوطنية.
يتبع..