الجمعة, يوليو 26, 2024
مقالات

أما آن الأوان للتقدم الجماعي؟ (3-8)

بقلم: منذر مصطفى

مركز الدراسات السودانية

تلعب القيادات الوسيطة دورا تحويلياً في ديناميكيات الاحزاب السياسية بالسودان، ويعزوزن الشمولية والتنوع، وبحسب المحلل السياسي الدكتور أحمد الزبير، فإنهم “يتحدون هياكل السلطة التقليدية داخل الأحزاب، ويعززون بيئة أكثر ديمقراطية وشمولية” (الزبير، 2019). ويضمن تمثيلهم للمجتمعات المهمشة سماع أصواتهم، مما يؤدي إلى مناقشات داخلية أكثر حيوية وزيادة المشاركة الحزبية، وتؤكد الدكتور هالة الكارب الناشطة السودانية في مجال حقوق الإنسان بأنهم ” يقدمون رؤى ووجهات نظر لا تقدر بثمن، مستمدة من ارتباطهم الوثيق بالحركات الشعبية والمجتمعات” (الكارب، 2020)، وتعترف بقيمة مساهماتهم وتجاربهم الحياتية ومعارفهم المباشرة في اتخاذ قرارات مستنيرة ومرتكزة على الناس داخل الأحزاب السياسية، وتؤكد دراسة أجرتها المجموعة السودانية للديمقراطية أولاً (SDFG) على أهميتهم في تضخيم الأصوات المهمشة وتعزيز الشمولية (SDFG, 2018)، لا سيما من خلال الدفاع عن المجتمعات الممثلة تمثيلا ناقصا، وتشير الدراسة لدور القيادات الوسيطة في تمكين الفئات المهمشة ودفع الأحزاب إلى اعتماد نهج شامل في عملية صنع القرار.

وينسحب تأثيرهم على صياغة السياسات بنطاق واسع، وتسلط الخبيرة الدكتورة سارة عبد الجليل، الضوء على دورهم في غرس المناقشات السياسية مع الحكمة الشعبية، وتقول: “يحققون فهماً عميقاً للاحتياجات والتحديات التي تواجهها المجتمعات المهمشة، ويشكلون السياسات التي تعالج القضايا المجتمعية بشكل فعال” (عبد الجليل، 2017). وتضيف: تشكل مساهماتهم بشكل كبير برامج الاحزاب، مما يعزز سياسات أكثر استجابة وأكثر تركيزا على الناس، ويؤكد الدكتور محمد الحسن التزامهم بهذه المبادئ، مشيراً إلى أنهم “يدعون إلى الشفافية والمساءلة وحماية حقوق الإنسان، مما يدفع الأطراف إلى إعطاء الأولوية لهذه القضايا في صياغة السياسات” (الحسن، 2021). ويعزز نفوذهم ثقافة الحكم المسؤول داخل الأحزاب السياسية.

وبينما يواصل السودان رحلته السياسية تظل العلاقة بين الزعماء السياسيين والمنظمات السياسية علاقة ديناميكية ومعقدة، ومتوترة في أفضل الاحوال، ورغم التحفظات التاريخية لعب المنبثقون من حركات شعبية، دوراً محورياً في سد الفجوة بين المنظمات السياسية والسكان على نطاق أوسع، مدفوعون بهموم هذه المجتمعات وتطلعاتها ومظالمها، وفوق ذلك يدافعون عن مصالحهما ويسعون بجد لإسماع أصواتها في عمليات صنع القرار، بل ويحشدون الدعم الشعبي حول رؤى بعينها، ويقيمون الروابط ويبنون الجسور، بما في ذلك بناء الثقة وتقوية العلاقات، ولكن هذا الدعم الموسمي مشروط بحزمة إصلاحات حول قضايا الحكم وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية، لجعل العمليات السياسية أكثراً تركيزاً على الناس وأكثر إستجابة وتقارب مع أولويات الجمهور، غير أن ربيع العمل المشترك سرعان ما يتلاشى مع حرارة صيف التردد بإحتضان المطالب الشعبية، وحينها تصبح القيادات الوسيطة مهدد لهياكل السلطة القائمة، أو هكذا تعتقد قيادة النظام السياسي.

وتتشابك التحديات والفرص الأن مع انطلاق القيادات الوسيطة والمنظمات السياسية في رحلة تحويلية جديدة لصياغة طريق للتعاون، بما في ذلك نيتهم الاستفادة من وجهات النظر المتنوعة في التغلب على العقبات، وتسخير قوة الوحدة لتشكيل مستقبل أكثر إشراقاً للأمة.

يتبع..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *