البحث عن “فوطة سلام”.. حرب السودان تهين كرامة النساء وتفاقم معاناتهن
تقرير: عائشة السماني
منذ اندلاع الحرب في السودان فقدت الاسر السودانية مصادر الرزق وخاصة شريحة النساء اللائي يعلن اسرهن من خلال الاعمال غير المنتظمة مثل (بائعات الاطعمة والشاي) أصبحت هناك مشكلة في أدوات النظافة الشخصية للنساء وخصوصا الفوط الصحية، خصوصا بعد توقف المصانع وارتفاع اسعار الفوط وانعدامها في اغلب المناطق.
الأولوية للطعام
تقول حواء التي تبلغ من العمر 17 عاما من احدى قرى ولاية الجزيرة، لـ(مدنية نيوز) انها تظل داخل غرفتها طوال فترة الدورة الشهرية، لانها لا تجد فوطا تستخدمها هي واخواتها الاربع، بل تقول ان كل بنات القرية التي تسكنها يفعلن ذلك، واضافت ان مصدر دخل والدتها التي كانت توفر لهن ذلك توقف، وان الاولوية اصبحت فقط للاكل، واشارت الى ان الاسر لا تشعر بهذه المشكلة، وأكدت انه كم تمنت ان تكون ولدا او تختفي منها هذه الدورة نهائيا.
معاناة نفسية
ولم تكن معاناة سعاد التي تحدثت لـ(مدنية نيوز) من منطقة شرق النيل بولاية الخرطوم تختلف عن حواء، إذ قالت انهن -هي واخواتها- اصبحن يستخدمن الملابس القديمة ايام الدورة بسبب غلاء اسعار الفوط الصحية منذ اندلاع الحرب، واضافت ان سعر القطعة الواحدة بلغ 500 جنيه، وتباع في الاسواق وليس في الصيدليات، مشيرة الى انها ايام الدورة تحتاج الى 15 قطعة واحيانا اكثر من ذلك، ونوهت الى انهن اصبحن الان يستخدمن الملابس ويغسلنها، ثم يستخدمنها مرة اخرى وهكذا، حتى نفد ما لديهن من ملابس، واشارت الى ان صديقتها حكت لها انها قامت بتمزيق احدى مراتب الاسفنج واستخدمتها لكنها لم توفر لها الحماية، بل كانت تضعها وتظل في الغرفة لان ملابسها تتبلل رغم ذلك.
بدورها تقول صفاء التي تبلغ من العمر 22 عاما وتسكن احدى مناطق ام درمان، انها تلجأ لاستخدام القطن ايام الدورة في الشهور الاولى من الحرب لانه اقل سعرا ومتوفر في المتاجرـ لكن الان وبعد ان طال امد الحرب واصبحت الاولوية بالنسبة للاهل هي توفير الطعام، اصبحت تستخدم الملابس القديمة ثم تغسلها وتستخدمها مرة اخرى، واضافت انها تعاني نفسيا من هذا الموضوع.
حساسية والتهابات
وقالت المدافعة عن حقوق الانسان نهلة الخزرجى في حديث لـ(مدنية نيوز) ان موضوع الفوطة اصلا بالنسبة للنساء كبيرات السن في دارفور كن لا يستخدمنها بل يوفرنها للفتياتـ وذلك بسبب الفقر، لكن منذ انداع الحرب الحالية اصبحت حتى الفتيات لا يستطيع الاهالي توفيرها لهن، لذا لجأ لاستخدام الاقمشة القديمة، وحتى هذه تجد ان الفتاة لديها قطعة واحدة تستخدمها ثم تقوم بغسلهاـ وقبل ان تجف تستخدمها مرة اخرى وهي رطبة، لذا سمعت عددا من الفتيات يشكين من الالتهابات والحساسية، واضافت نهلة انهن لا يستطعن شراء الفوطة فهي معدومة في بعض مناطق دارفور، وغالية في البعض الاخر، وحتى المدن الكبيرة مثل نيالا لا توجد بها هذه الفوط.
ونسبة لمعانات النساء والفتيات من مشكلة الفوط الصحية قامت المبادرة الاستراتجية لنساء القرن الافريقي (شبكة صيحة) بحملة اسمتها “فوطة – سلام” حيث تم توزيع اكثر من 100 حقيبة كرامة في ابريل الجاري، تحتوي على الفوطة الصحية والمستلزمات الضرورية للنساء والفتيات المتأثرات بالحرب في السودان، لكنها قالت أنها لا زالت على بعد 42,18$ من تحقيق الهدف الاساسي لتفطية حوجة النساء والفتيات في السودان.
مجموعة الكرامة
وتقول رئيسة وحدة مكافحة العنف ضد المرأة سليمى اسحاق، إن انعدام مسلتزمات النساء والفتيات وخاصة الفوطة الصحية يعيق حرية حركتهن في المشاركة في الانشطة، واضافت انه بعد الحرب أصبح الحصول على مستلزمات النظافة الشخصية والملابس الداخلية صعبا ولا تسطيع الاسر توفيرها.
لذا قامت الوحدة بتوزيع مجموعة الكرامة الخاصة فيما يتعلق بعملية الشفاء الجماعية، بدعم من صندوق الأمم المتحدة للسكان وتنفيذها من قبل مؤسسة تنمية المجتمع، وتحتوي الحقيبة على (ملابس داخلية، زجاجة جرسلين، 4 عبوات فوطة صحية، مزيل عرق، موس حلاقة، شعلة، نعال، جلابية ومبلغ مالي) واشارت الى ان الوحدة طالبت المنظمات المحلية بالقيام بتوزيع حقيبة الكرامة على كل المناطق، واشارت الى ان الحوجة اكبر، والمنظمات لا تستطيع تغطية كل المحليات.
فقدان التمويل
وأوضحت سليمى ان انعدام الفوط الصحية وكل مسلتزمات النساء والفتيات يسبب لهن حالة من الكئابة والاكتئاب، ويدخلهن في وضع نفسي سيء، وابانت ان هناك الاف من النساء مهددات بوضع نفسي سيء، ونوهت الى ان استخدام الملابس القديمة يسبب اثارا صحية مثل الالتهابات وغيرها من الامراض.
وكانت غرف الطوارئ التي تكونت في كل المناطق المتأثرة بالحرب توفر الفوط الصحية، لكن تقول هذه الغرف التي تحدثت معها (مدنية نيوز) في (شرق النيل، ام درمان وبحري) انه بعد انقطاع الاتصالات فقدت هذه الغرف التمويل، لذا اصبحت لا تستطيع حتى توفير الطعام وكل الخدمات، وطالبت هذه الغرف التصدي الفوري لهذا الوضع وتوفير المساعدات الانسانية وخاصة احتاجات النساء، وعلى راسها الفوط الصحية.