الخميس, سبتمبر 19, 2024
مقالات

التداعيات الاقتصادية للحرب (7)

بقلم: بخيتة محمد عثمان

لا للحرب..نعم للسلام

تداعيات عام هجري من الحرب الدائرة على الاقتصاد السوداني، في صبيحة مثل هذا اليوم الرابع والعشرون من رمضان العام السابق، وكان اليوم سبتا(درج السودانيون على تسمية يوم السبت بالسبت الأخضر)، هل هو كذلك، لنرى، في هذا اليوم استيقظ السودانيون كعادتهم وهم يودون الذهاب إلى أعمالهم أو للتسوق لشراء ما يستطيعون من ملابس لأطفالهم وحلوى ومستلزمات خبائز العيد، فإذا بهم ، والغالبية لم تخرج بعد، يتفاجأون بأصوات المدافع من غير علم وظل بعضهم يتسآل ماهذا؟حرب..!! نعم إنها الحرب قد بدأت وحدث ما حدث لتكمل عامها الهجري الأول وتفصلها 11يوما فقط عن عامها الميلادي. وهنا سأطرح سؤالا جوهريا علنا نجد إجابته بين السطور. ماذا فعلت الحرب باقتصاد يئن من هشاشته حتى من قبلها؟…. فاستمرار الحرب معناه الانهيار الكامل للاقتصاد وبالتالي (صوملة) الدولة وتفكيك البلد. فالاقتصاد السوداني يرزح تحت وطأة ضغوطات واسعة زادتها الحرب المستعرة اشتعالا، بينما يدفع المواطن فاتورة باهظة لهذه الحرب انعكست على الاوضاع الإنسانية والمعيشية والمجاعة التي بدأت تكشر عن أنيابها. فالحرب أدت لإنهيار الأنشطة الاقتصادية، كما ذكرت في مقالي السابق، وبالتالي تضرر الأصول الاستراتيجية للدولة، ومما زاد الطين بله، هجرة عدد كبير من مشغلي الأيدي العاملة إلى دول الجوار، الأمر الذي ضعف تشغيل آلية البنى التحتية في القطاعات الخدمة وأدى بدوره إلى تعطيل عملية الدوران الاقتصادي وتهالك سوق الإنتاج. وقد فقدت الحكومة مليارات الجنيهات من العملة المحلية أثناء الحرب بعد تعرض البنوك لعمليات نهب وسرقة للأموال الموجودة، بجانب نهب أموال المواطنين من المنازل، كذلك أثرت الحرب على مظهر وسلامة تداول العملة، مما قاد إلى تفاقم جرائم التزييف والتي ستكون عواقبها وخيمة على الاقتصاد.
وسأركز في هذا المقال السابع من سلسلة التداعيات على مؤشر اقتصادي إذا ترك في تدهوره سيقود الاقتصاد إلى الانزلاق في حالة الانهيار التام، ألا وهو تدهور سعر الصرف للجنيه السوداني مقابل العملات الأجنبية، فالتراجع المخيف للعملة الوطنية يعد أبرز مؤشرات الانهيار.
بعد مرور العام على اندلاع الحرب واستمراريتها، شهدت قيمة الجنيه السوداني أمام الدولار مستويات تراجع غير مسبوقة في تاريخ التداولات، مما أفقد العملة السودانية جزءا كبيرا من قيمتها، ووصلت حدودا متدنية، فبعد أن كانت 580 جنيها في منتصف أبريل 2023 تعادل دولارا، أصبح اليوم السعر الرسمي للجنيه مقابل الدولار يساوي 1128 وتجاوز ال 1400 للسوق الموازي. وظل الجنيه يعاني من انهيار متواصل في القيمة الشرائية منذ اندلاع الحرب وهذا الارتفاع الجنوني والمعدلات القياسية لسعر الصرف أدى إلى زيادة كبيرةفي أسعار السلع والخدمات وفاقم أزمة واحدا من المؤشرات الاقتصادية الخطيرة ألا وهو التضخم الجامح الذي حد من القوة الشرائية للمواطنين في ظل البطالة الإجبارية الحادة والدخول المفقودة وكل ذلك أدى إلى التدهور الكبير في إيرادات الموازنة العامة الضريبية وقاد ويقود إلى العجز الكبير في الدخل القومي الذي لم تقدر نسبته حتى الآن! كذلك اتساع دائرة الحرب في مناطق الإنتاج أدت لانخفاض القاعدة الإنتاجية وبالتالي انخفاض إيرادات الخزينة العامة مع تفاقم الانفاق العام الموجه لتمويل العمليات الحربية.
وللمقارنة حا أصوغ أمثلة لسعر الصرف عبر الأزمنة:
الجنيه السوداني كان في العام 1961 يعادل:
1جنيه =
4 دولارات
6 جنيه مصري
1 جنيه استرليني
20 ريال سعودي
الأمارات لم تكن لها عملة في ذلك الوقت(عجيبة يا دنيا).
وفي العام 1978/1979 وبعد تطبيق برنامجي التركيز المالي والانعاش الاقتصادي أصبح:
1دولار = 90 قرشا
وفي الأعوام 1989-2019
( كل خمس سنوات وفي الحسبان سحب الأصفار).
1دولار= 12، 216، 1994، 2608، 2057، 7200، و 2019، 45,2 واليوم 4/4/2024 أصبح السعر 1128 مع مراعاة الفروق بين البنوك هبوطا وصعودا.
هذا التدهور الكارثي والذي يقفز بسرعة ليصل الألفين جنيها هو مؤشر خطير لدخول الاقتصاد مرحلة الانهيار ورغم ذلك لم يتم الالتفات لمعالجة الاختلالات، بل الصرف كله موجه لهذه الحرب الاستنزافية.
لازم تقيف…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *