السودان.. جغرافيا وطرق جديدة بسبب الحرب
نيروبي: مدنية نيوز
كلّ يوم تنقل وسائل التواصل الاجتماعي وقروبات الواتساب، عن نزوح قرية من الجزيرة قسرًا من منازلهم وأراضيهم، الامر الذي جعل سكان تلك القرى المهجرة قسرياً يعيشون في فقر مدقع وعوز. وقد تتسبّب عمليات الإخلاء القسري بصدمة حقيقيّة. بل إنها تزيد من تدهور حياة المهمشين أصلاً أو الضعفاء في المجتمع. كما أنّها تنتهك مجموعة واسعة من حقوق الإنسان المعترف بها دوليًا، بما فيها الحقوق في السكن اللائق والغذاء والماء والصحة والتعليم والعمل والأمن الشخصي والتحرر من المعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة وحرية التنقل،وشهدت ولاية الجزيرة عقب دخول الدعم السريع الي الولاية التي تحتضن شيخ المشاريع الزراعية مشروع الجزيرة والمناقل في ديسمبر 2023م انتهاكات واسعة النطاق بقري ومدن الولاية في كل من ود النورة والولي والحصاحيصا وازرق والسريحة وابوعشر وام دقرسي والهلالية والبشاقرة شرق والتكينة ورفاعة وبانت وقراها، ومدني والحوش وقراها وجنوب الجزيرة لكن الهجمات التي نفذتها قوات الدعم الرسيع عقب انضمام كيكل الي القوات المسلحة كانت اكثر عنفا وشهدت ممارسات عنيفة لحقوق الانسان شملت القتل والاعتقال والاغتصاب والنزوح القرسي للقري والمدن،لكن شرق الجزيرة كانت اكثر القري والمدن التي شهدت انتهاكات فظيعة حيث هجرت قري بكاملها ونهبت ممتلكات اهلها وتقع محلية شرق الجزيرة بالبطانة وشرق النيل الازرق حدودها من الناحية الشمالية محلية شرق النيل بولاية الخرطوم ومن الناحية الجنوبية محلية ام القري وشرقا ولايتي كسلا والقضارف
انتهاكات فظيعة..
سيطرت قوات الدعم السريع على مدينة تمبول بشرق الجزيرة ، في أعقاب معارك مع القوات المسلحة على خلفية إعلان انشقاق قائدها بالجزيرة أبوعاقلة كيكل من الدعم السريع وإنضامه الي القوات المسلحة، وفي وقت سابق قالت منسقة الامم المتحدة بالسودان نكويتا سلامي ان قوات الدعم السريع شنت هجوم كبير علي انحاء شرق الجزيرة ،وقالت سلامي إن مقاتلي الدعم السريع أطلقوا النار على المدنيين بشكل عشوائي، وارتكبوا أعمال عنف جنسي ضد النساء والفتيات، ونهبوا الأسواق والمنازل على نطاق واسع، وأحرقوا المزارع من جهته قال مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الاوربي جوزيب بوريل انه وردت معلومات تفيد بارتكاب قوات الدعم السريع عمليات قتل جماعي واغتصاب وطالب بوقف المجازر ضد المدنيين في ولاية الجزيرة ومحاسبة الجناة وفي المقابل وصفت تقارير لمنظمات انسانية عالمية وصفت هذه المنظمات تصعيد الهجمات في شرق ولاية الجزيرة بكونه واحدًا من أشد أعمال العنف منذ اندلاع الصراع. وأشارت إلى وصول تقارير عن حالات عنف جنسي واعتقالات تعسفية واحتجاز لأطفال، إضافة إلى حالات إصابة أطفال نازحين بجروح ناتجة عن إطلاق النار، ما يزيد من خطورة الوضع الإنساني وتحديات الوصول للنازحين.
جريمة حرب:
يعرف التهجير القسرى بأنه ممارسة ممنهجة تنفذها حكومات أو قوى شبه عسكرية أو مجموعات متعصبة تجاه مجموعات عرقية أو دينية أو مذهبية بهدف إخلاء أراض معينة وإحلال مجاميع سكانية أخرى بدلا عنها،ويكون التهجير القسري إما مباشرا أي ترحيل السكان من مناطق سكناهم بالقوة، أو غير مباشر، عن طريق دفع الناس إلى الرحيل والهجرة، باستخدام وسائل الضغط والترهيب والاضطهاد،ويعرف القانون الدولي التهجير القسري بأنه إخلاء غير قانوني لمجموعة من الأفراد والسكان من الأرض التي يقيمون عليها، وهو يندرج ضمن جرائم الحرب وجرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية،ووفق ما ورد في نظام روما الإنساني للمحكمة الجنائية الدولية، فإن إبعاد السكان أو النقل القسري للسكان، متى ارتكب في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أية مجموعة من السكان المدنيين يشكل جريمة ضد الإنسانية،كما أن المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 حظرت النقل القسري الجماعي أو الفردي للأشخاص، أو نفيهم من مناطق سكناهم إلى أراض أخرى، إلا في حال أن يكون هذا في صالحهم بهدف تجنيبهم مخاطر النزاعات المسلحة.
دساتير العالم:
تضمنت غالبية دساتير العالم نصوصا تحظر إبعاد أى مواطن عن وطنه أو تمنعه من العودة إليه، كما تضمنت العديد من المواثيق والاتفاقيات الدولية بنودا تحظر التهجير القسري،منها ما أكده الإعلان العالمى لحقوق الإنسان،وكذلك تضمن العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التى وافقت عليها الجمعية العمومية للأمم المتحدة فى 16 ديسمبر 1966 ، النص على حماية حق الإنسان فى التنقل وعدم جواز تهجيره قسرياً،وبحسب النظام الأساسى للمحكمة الجنائية الدولية الدائمة، يقع التهجير القسرى فى حالة إبعاد السكان، أو النقل القسرى لهم، متى اُرتكب بطريقة متتابعة ومنظمة، أو على نحو واسع النطاق، ضد أى مجموعة من السكان المدنيين،كذلك حظرت اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية المدنيين فى وقت الحرب التهجير القسري، حيث نصت على ( يحظر النقل الجبرى الجماعى أو الفردى للأشخاص المحمّيين أو نفيهم من الأراضى المحتلة إلى أراضى دولة الاحتلال أو إلى أى أراض فى أى دولة أخرى محتلة أو غير محتلة أياً كانت دواعيه) كما كفلت اتفاقيات جنيف الحق فى التنقل، وحظرت جريمة التهجير القسري، حيث تضمنت أن قيام دولة الاحتلال على نحو مباشر أو غير مباشر بنقل أجزاء من سكانها المدنيين إلى الأرض التى تحتلها أو إبعاد أو نقل سكان الأرض المحتلة أو أجزاء منها داخل هذه الأرض أو خارجها، يعد جريمة حرب أخيرا تضمن كل من البروتوكولين الإضافيين لاتفاقيات جنيف الأربع عام 1949 النص على أن الاتفاقيات تشمل السكان المدنيين بالحماية فى النزاعات المسلحة الداخلية من جهة أخرى
الجرائم الدولية:
ومن جهته قال المحامي والمدافع عن حقوق الإنسان عبدالباسط الحاج في حديثي معه ان التهجير القسري واحد من الجرائم الدولية التي جرمها القانون الدولي الإنساني حيث حظر القانون الدولي الهجوم العشوائي علي المدنيين و الحظر كذلك تهجيرهم حيث تشكل المخالفة لهذه القواعد جرائم حرب او جرائم ضد الإنسانية اذا توفرت عناصر معينة للجرائم ضد الإنسانية ولكن بشكل عام فهي جريمة خطيرة و محظورة،وأضاف ما حدث في قري الجزيرة من جرائم مؤسفة يتحمل مسؤوليتها الدعم السريع حيث ان عمليات التهجير كانت بشكل متكرر وإجباري، و ممارسات تجبر السكان للهجرة القسرية ضمن ذلك جرائم خطيرة اخري تمارس في سياق الهجوم علي القري و علي المدنيين ترتقي ان تكون جرائم حرب او جرائم ضد الانسانية.
صعوبات عديدة..
وفي الاثناء اكد تقرير نشرته مصفوفه تتبع النزوح التابعة لمنظمة الهجرة الدولية اكد التقرير وصول اعداد كبيرة من النازحين الي ولايات كسلا والقضارف ونهر النيل في حالة تنقل مستمر، وقد رصدت المنظمة تزايد عدد النساء والأطفال بين النازحين، بنسبة 50%، ما يزيد من الضغط على الموارد المحلية والإيواء. ويواجه النازحون صعوبات في تلقي المساعدات الإنسانية، مع إبلاغ العديد منهم عن فقدان وثائق الهوية. من جهته كشف المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي في بيان أمام اللجنة الثالثة للجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الأربعاء الموافق السادس من نوفمبر 2024م، حول أرقام النزوح في السودان وكسرها حاجز ال11 مليون لأول مرة. وسلط غراندي الضوء على الأزمة السودانية بعد وصول عدد النازحين قسرا في أنحاء العالم إلى 123 مليون شخص، وهو ما تفاقم بسبب الصراعات المستمرة في السودان ومناطق أخرى. وقدرت تحديثات الهجرة الدولية الأسابيع الماضية عدد النازحين في السودان بعشرة ملايين 916 ألف و305 فردا.
تجاهل شامل..
وبدورهم أكد خبراء أمميون أن الصراع بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع اتسم “بالتجاهل الشامل للقانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان” وأدى إلى وضع إنساني كارثي للسكان المدنيين وادان الخبراء في بيان مشترك صدر يوم الثلاثاء الموافق الخامس من نوفمبر 2024م ، أدان الخبراء المستقلون الارتفاع الحاد في العنف ضد المدنيين في السودان، حيث أصبح 11 مليون شخص، أكثر من نصفهم من الأطفال، نازحين داخليا وقالوا إن الاستخدام العشوائي للذخائر والغارات الجوية والأسلحة المتفجرة من قبل جميع الأطراف يؤدي إلى وقوع إصابات فورية ويعرض المدنيين لخطر الذخائر غير المنفجرة على المدى الطويل. كما أدت تكتيكات الحصار مثل تلك المستخدمة ضد مدينة الفاشر، والقيود الصارمة التي يفرضها الطرفان على المساعدات الإنسانية، واحتلال الأراضي الزراعية أو تدميرها، والهجمات ضد العاملين في المجال الإنساني إلى تفاقم المجاعة، التي من صنع الإنسان.
جرائم على أساس العرق
وأدان الخبراء بشدة الهجمات الأخيرة لقوات الدعم السريع في ولاية الجزيرة، مشيرين إلى التقارير المزعجة التي تلقوها عن تعرض المدنيين للتهجير القسري والتعذيب وسوء المعاملة والإعدام بإجراءات موجزة والاحتجاز التعسفي على أساس عرقهم. وقالوا هذا يضيف إلى نمط متزايد من الفظائع ضد الأقليات العرقية التي قد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية،واضاف الخبراء إنهم ما زالوا منزعجين بشدة من الاستخدام المنهجي للعنف الجنسي كسلاح حرب، مؤخرا في ولاية الجزيرة وعلى نطاق أوسع أثناء الصراع، وخاصة من قبل قوات الدعم السريع. وقد تبين أن هذه الحملة واسعة النطاق، التي تستهدف النساء والفتيات بشكل أساسي، تشمل الاغتصاب والاستعباد الجنسي والزواج القسري والاتجار بالبشر في ظل ظروف من العنف الشديد الذي يرقى إلى التعذيب الي ذلك ناشدت 70 منظمة دولية المجتمع الدولي اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية المدنيين في السودان، في ظل تصاعد العنف والاعتداءات المسلحة على قرى ومناطق مختلفة في ولاية الجزيرة وسط السودان.