حقوق الانسان.. انتهاكات لا تتوقف
بقلم: حيدر المكاشفي
مرت علينا يوم الثلاثاء الموافق العاشر من ديسمبر الذكرى السادسة والسبعين لليوم العالمي لحقوق الانسان،الذي درج العالم على الاحتفاء به في ذات الموعد من كل عام،منذ اجازة الامم المتحدة للاعلان العالمي لحقوق الانسان في العام 1948 بالعاصمة الفرنسية باريس، في أعقاب الحرب العالمية الثانية وبداية الحرب الباردة، كما سبق الاغلان بعام واحد اجازة اتفاقيات جنيف الاربعة التي تعنى بقانون الحرب والقانون الدولي الانساني، وهي بلا شك ذكرى عظيمة تذكر بواحد من أكثر التعهدات العالمية ريادة، حيث تكرس هذه الوثيقة التاريخية، الحقوق غير القابلة للتصرف التي يحق لكل فرد ان يتمتع بها،غض النظر عن العرق أو اللون أو الدين أو الجنس أو اللغة أو الرأي السياسي أو الاصل القومي أو الاجتماعي أو أي صفة اخرى، وحدد الاعلان لأول مرة حقوق الانسان الاساسية التي يجب حمايتها عالميا.
وللأسف تحل علينا هذه الذكرى التي تجاهلتها تماما حكومة الامر الواقع في بورتسودان،وهذا طبيعي ومتوقع اذ كيف لحكومة والغة حتى المشاش في ارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الانسان على مدى عمرها البالغ الان خمس سنوات،منذ استيلاء جنرالاتها (جنرالات الجيش والدعم السريع)على السلطة بانقلاب اكتوبر (2021)،ان تحي ذكرى ما يذكرها بجرائمها وما ارتكبته وما تزال ترتكبه من فظائع وانتهاكات لحقوق الانسان والقانون الدولي الانساني،والردة الكبيرة التي حدثت في ملف حقوق الانسان بعد التحسن الكبير الذي طرأ عليه نتيجة الجهود الحثيثة التي بذلتها الحكومة المدنية بقيادة د.حمدوك،والتي بموجبها تم اخراج السودان من مقصلة ما يعرف بالاجراءات الخاصة التي كان يرزح تحتها منذ سنوات انقلاب الانقاذ الاولى،لتتواصل وتستمر الانتهاكات منذ انقلاب اكتوبر (2021) والى يوم الحرب العبثية هذا،دعك مما سبق ذلك من انتهاكات جسيمة ترقى لمستوى جريمة الابادة الجماعية،وهل جريمة فض الاعتصام تقل عن هذه الجرائم الفظيعة، فقد كشفت ممارسات الانقلابيين المنتهكة لحقوق الانسان والقانون الدولي الانساني والمصادرة للحريات التي صاحبت تنفيذ الانقلاب واعقبته،حقيقة انقلابهم وزيف وبطلان ادعاءاتهم بأن ما قاموا به هو تصحيح لمسار الثورة السلمية في مفارقة مضحكة،حيث لم يتركوا سوأة انقلابية الا طبقوها،اعتقلوا ونكلوا وضيقوا على حريات الاعلام والتنقل،فاغلقوا بعض الاذاعات واغلقوا الكباري، وفرضوا حالة الطوارئ،وكل هذا كوم وما مارسوه من عنف مفرط وقاتل مع المحتجين ورافضي الانقلاب كوم اخر،اذ تسببت الة العنف الانقلابية في قتل عشرات الشهداء اضافة الى مئات الجرحى،ثم من بعد كل هذه الجرائم والفظائع يتبجحون بأن هدفهم هو تصحيح مسار الثورة، فأي ثورة هذه التي يزعمون تصحيح مسارها بهذه الطريقة،هي بأي حال ليست ثورة ديسمبر السلمية الحضارية التي ما اندلعتالا لمناهضة مثل هذه الممارسات التعسفية الانقلابية،ولو كانوا قالوا أننا نريد حرف مسار الثورة والعودة بالبلاد القهقرى لما كان عليه النظام المباد واعادة رموزه وقياداته لصدقوا،فقد وضح جليا أن ذلك كان هو هدف الانقلاب..
تحل علينا هذه الايام ذكرى اليوم العالمي لحقوق الانسان،متزامنة مع مرور قرابة العامين على الحرب التي اهلكت الحرث والنسل وقضت على الاخضر واليابس،وما تزال الانتهاكات مستمرة ومتزايدة يوما بعد يوم،وتتزايد أعداد الضحايا من المدنيين على يد طرفي الحرب، فما يزال المواطنون العزل الابرياء الذين اضطرتهم ظروفهم للبقاء داخل السودان،عرضة للقتل والموت تحت أية لحظة،وما تزال النساء والفتيات عرضة للاغتصاب والتعنيف،بل وما تزال كل الانتهاكات والفظائع قائمة ومحتملة طالما ان هذه الحرب اللعينة مستمرة،ولن يتوقف عناء السودانيين وتنتهي عذاباتهم الا بايقافها..