الأحد, مارس 9, 2025
أخبارسياسة

تقرير أممي يكشف عن انتهاكات واسعة النطاق بمعتقلات الجيش والدعم السريع

نيروبي: مدنية نيوز

سلّط تقرير جديد للأمم المتحدة الضوءَ على نمط مستشرٍ لحالات الاحتجاز التعسفي والتعذيب وسوء المعاملة للمعتقلين من قبل قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية في ولاية الخرطوم، وهو ما يعكس المُمارسات التي شوهدت في مناطق أخرى متأثرة بالنزاع في السودان.

وكشف التقرير الذي نُشر يوم الخميس، أنه تم احتجاز عشرات الآلاف من الأشخاص، بمن فيهم النساء والأطفال، دون تُهمة، مع اتصال محدود أو حتى بدون اتصال بعائلاتهم، في مرافق مزرية ومكتظة، منذ اندلاع الصراع في أبريل 2023.

وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك: “إن الممارسات الواسعة النطاق للاحتجاز التعسفي والتعذيب وسوء معاملة المعتقلين والظروف اللاإنسانية لمرافق الاحتجاز، بما يتعارض مع القواعد والمعايير الدولية، مُقلقــة للغاية”.

وأضاف: “يجب ألّا يحرم أي فرد من حريته دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة، ولا أن يتم إخضاعه تحت أي ظرف للتعذيب أو غير ذلك من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة”.

ويستند التقرير، الذي يغطي الفترة من بداية الصراع 15 في أبريل 2023 حتى يونيو 2024، إلى 34 مقابلة مع محتجزين سابقين، وشهود وأفراد من العائلات، رووا تجاربهم لمفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان.

وقدّم محتجزون سابقون روايات موثوقة عن حالات مروعة من التعذيب وسوء المعاملة، بما في ذلك الضرب المبرح والمتكرر في مرافق الاحتجاز. كما قاموا بوصف الازدحام الشديد في المرافق مع الحد الأدنى من التهوية، ومحدودية الوصول إلى خدمات الصرف الصحي، وعدم كفاية الغذاء والماء. كما رووا أنهم شهدوا وقوع العديد من الوفيات لمعتقلين رهن الاحتجاز، بسبب نقص العلاج، في مرافق كلٍّ من قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية.

ويوثق التقرير أيضاً استخدام أطفال لم يتجاوزوا الرابعة عشر من العمر من قبل قوات الدعم السريع للعمل كحُراس، لا سيما في سجن سوبا، واحتجاز أطفال لا تتعدى أعمارهم 13 عاماً مع أشخاص بالغين. كما تم الإبلاغ عن حالات عنف واستغلال جنسي لمحتجزات في مرفقين للاحتجاز تسيطر عليهما قوات الدعم السريع.

بالإضافة إلى ذلك، أفاد المعتقلون في أماكن الاحتجاز التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية بوجود معاملة تمييزية على أساس العرق والانتماء المُفترض للطرف المعارض في النزاع، واستهداف أفرادٍ من منطقتي دارفور وكردفان.

وفي مرافق قوات الدعم السريع، ورد أن أفراداً من قبائل أفريقية تعرضوا للتعذيب وسوء المعاملة بشكل متكرر. بينما يزُعم أن أشخاصاً من دارفور وكردفان، بمن فيهم من ينتمون إلى قبائل عربية، تم التمييز ضدهم وتعريضهم للاحتجاز في مرافق القوات المسلحة السودانية على أساس عرقي وبناءً على انتمائهم المفترض إلى قوات الدعم السريع.

ويتضمن التقرير أيضاً شهاداتٍ عن أفراد يُزعَم أنه تم حبسهم انفرادياً في مرافق تسيطر عليها قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية. علاوة على ذلك، فإنه في أماكن الاحتجاز التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، احتُجز العديد من الأفراد دون إخطار عائلاتهم.

كما أن غياب أي معلومات حول مصير المُعتقلين يثير مخاوف جدية بشأن حالات اختفاء قسري.

وفي واحدة من الحالات المروعة، سألت إحدى العائلات مراراً وتكراراً عن قريبها بعد احتجازه من قبل عناصر الاستخبارات التابعة لقوات الدعم السريع، لكن لم يتم إعطاؤهم أي معلومات، بل الاكتفاء بالرد عليهم في مناسبات عديدة بــــ: “لا تسألوا عنه”. وبعد أشهر، علموا أنه قـد توفي.

وفي حين يُركز التقرير على الممارسات في مرافق الاحتجاز في ولاية الخرطوم، فقد وثق مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أنماطاً مماثلة في أجزاء أخرى من السودان، بما في ذلك إقليم دارفور وولاية الجزيرة.

وفي الأشهر الأخيرة، ومع استعادة القوات المسلحة السودانية السيطرة على مناطق معينة، تلقى المكتب تقارير موثوقة عن قيام قوات الدعم السريع بنقل المعتقلين من أماكن الاحتجاز المذكورة في التقرير إلى مواقع أخرى. وفي يناير 2025، تلقى المكتب معلومات موثوقة عن نقل مئات المعتقلين من سجن سوبا في ولاية الخرطوم إلى مواقع مختلفة، بما في ذلك جنوب دارفور.

وقال المفوض السامي: “إن هذه الممارسات تثير قلقاً عميقاً، وتزيد من مخاطر انتهاك المعايير والقواعد الدولية لحقوق الإنسان، وتقوض الإجراءات القانونية الواجبة وسيادة القانون”.

ويحث التقرير أطراف النزاع على التوقف فوراً عن ممارسات الاعتقال التعسفي والتعذيب وغيرها من ضروب سوء المعاملة، وتحسين ظروف الاحتجاز، وتسهيل الوصول إلى العدالة.

كما يدعو المجتمع الدولي إلى العمل مع أطراف النزاع لمعالجة ووضع حد لممارسات الاعتقال والاحتجاز التعسفي والتعذيب وسوء المعاملة الواسعة النطاق، وغيرها من انتهاكات وتجاوزات حقوق الإنسان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *