الحكومة الانتقالية.. أزمات خانقة وإرادة للعبور (16)
بقلم: حسين سعد
وصفت الدراسة التي تحصلت عليها (مدنية نيوز) والتي أعدتها اللجنة الاقتصادية لقوى الحرية والتغيير وجاءت بعنوان (البدائل الوطنية الكافية لسد الفجوة في موزانة 2020م)، وصفت إجراءات إزالة التمكين في شقه الاقتصادي بأنه يتمثل أحد أهم مفاتيح حل الأزمة الإقتصادية، وتعزيز فاعلية البدائل الوطنية في سد فجوة العجز في الموازنة العامة أيضاً، وحددت اللجنة الاقتصادية في دراستها حددت حزمة من الإجراءات تتطلبها إزالة التمكين في شقه الاقتصادي تتمثل في بديل العملة السودانية لاستعادة السلطة العامة إلى خزائن النظام المصرفي، كل الأموال التي لا تزال مكتنزة خارج النظام المصرفي، لاسيما وأن تلك الأموال بأيادي المكتنزيين المتمكنيين في نشاطات الاقتصادي الخفي، وذلك لتجريد الثورة المضادة من قدراتها المالية بمعرفة وحصر هؤلاء المتمكنيين المكتنزين عندما يتقدمون بفوائضهم النقدية للتبديل، وإلقاء حزمة من الضوء على فوائضهم النقدية بعد حجزها – في مقابل فوائد مناسبة – حتى معرفة من أين مصادرها ومجالات نشاطاتها الإقتصادية وطرق الكسب القانونية التي أثمرتها، واستقطاع حقوق الشعب والدولة فيها من ضرائب ورسوم وعوائد ريوع وأرباح وأسماء العمل والشركات التي ينتمون إليها، وسجلاتها القانونية والإدارية والمحاسبية وحصر مالكي أسهمها والعاملين فيها.
الدروس السابقة
وشددت الدراسة على ضرورة الاستفادة من الدروس السابقة التي مر بها الاقتصاد السوداني في علاقاته بالإقتصاد الدولي والتجارة الدولية، خاصة تجربة نظام نميري وما قدمه نظير وعود ذهبت مع الريح، فضلاً عن تجربة رهانات نظام النظم البائد مع وعود الترويكا بعد فصل الجنوب في صفقة قايض فيها الإنقاذ وحدة الوطن، بوعود بحماية بقاء النظام وتدعيم توسيع قاعدته بهبوط ناعم لمعارضيه في موانئ ومرافئ التوالي واقتسام كراسي السلطة، بعد رفع إسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، والإعفاء من المديونية، ودعم سخي يسيل اللعاب لميزان المدفوعات -بما يمكن أن يحقق مستوى من الرفاهية في المعيشة ومعدلات مرتفعة من تمويل التنمية، واعتبرت الدراسة أن تبديل العملة يضمن السيطرة على الكتلة النقدية المخزنة، وإبعادها عن دورانها في نشطات الإقتصاد الخفي، وهو وحده الكفيل بحماية الذهب المنتج من تغول المضاربيين المهربيين عليها. وفي الوقت نفسه يقطع الطريق على شرائهم لتحويلات المغتربيين، وعلى شرائهم لسلع الصادر وتجنيب عوائدها، وأكدت أنه بدون ضرب اكتناز المتمكنيين لفوائضهم في خارج النظام المصرفي، تصبح جهود تنمية الخزينة العامة لعوائد الإقتصاد الوطني من النقد الأجنبي من أهم مصادره حرثاً في البحر وجرياً وراء سراب. وشددت بضرورة استكمال حصر ومراجعة الشركات الحكومية وغيرها من شركات القطاع الخاص (الرمادية)، للوقوف على أوضاعها القانونية في سجلات مسجل الشركات بوزارة العدل، وعلى موقف شمولها بمظلة المراجعة القومية لموازناتها وميزانياتها، وتدقيق ملفاتها للتحرى عن مقراتها ومجالات نشاطاتها، وعن مدى إلتزامها بأعبائها الضريبية.
الذهب:
شددت الدراسة على ضرورة أن تعتمد إيرادات الموازنة العامة للسودان على الذهب كأهم مصدر لعوائد الإقتصاد الوطني من النقد الأجنبي وأهم مصدر لتكوين المزيد من إحتياطيات بنك السودان عبر حزمة من الإجراءآت تشمل أن يحتكر القطاع العام -عبر وزارة الطاقة والتعدين- إنتاج وتخزين معظم الذهب في كل أرض السودان بنسبة بين (85% — و – 93%). عبر توسيع نطاق أعمال الشركات الحكومية مثال: شركة أرياب (وحصر ومراجعة كافة الشركات الحكومية، وكذلك المملوكة للمتمكنيين وتأكيد أيلولتها للدولة ممثلة في وزارة الطاقة والتعدين). وطالبت أن يتم إحتكار شركات القطاع العام التابعة جميعها لوزارة الطاقة والتعدين حصرياً إنتاج الذهب من المخلفات (الكرته) وضم كل العاملين في التعدين الأهلي (بوسائل آلية أو يدوية) في عدة تعاونيات وشركات مساهمة عامة تكون الدولة مساهمة فيها بنسبة لا تقل عن (60%) والمعدنيين بنسبة (40%) على أن تحصر نطاق أعمالها ووسائل إنتاجها في مربعات إنتاج لا تضر بالسكان والأراضي الزراعية والإنتاج الزراعي النباتي والحيواني أو بالمياه والبيئة عموماً، وان تكون الدولة هي الحائزة على كل الذهب المنتج وعوائده من النقد الأجنبي، على أن تنحصر حقوق القطاع الخاص في إنتاجها من الذهب في ثمن بيعه للدولة بالسعر العالمي وإستحصالها لحقوقها بالعملة الوطنية .
تبديل العملة:
وأوصت الدراسة أن تصب في الخزينة العامة كل عوائد النقد الأجنبي من صادر السلع الزراعية الأساسية الأربعة (النباتية، الحبوب الزيتية، القطن، الصمغ العربي، فضلاً عن الصادر الحيواني من الماشية الحية واللحوم). وأن يتم تحقيق هذا الهدف عبر تأسيس أربعة شركات عامة مساهمة لكل سلعة من السلع الأربعة، بشراكة بين الدولة والقاع الخاص بنسبة 40% للدولة و60% للشركاء من القطاع الخاص) وإعادة تأسيس المصرف القومي للإستيراد والتصدير، ليكون جسر علاقة السودان بالتجارة الدولية، إبتداءً من علاقة السودان التجارية البينية بدول الجوار، وغيرها من العلاقات الاقتصادية الثنائية، والعلاقات التجارية الإقليمية كالكوميسا والسوق العربية المشتركة إلخ، وإعادة تأهيل المرافق الخدمية والمنشآت الإنتاجية التي تم تخصيصها أو تصفيتها بالبيع في عهد نظام الإنقاذ، ولا سيما في قطاع النقل السكة حديد، سودان لاين، سودانير، النقل النهري والبحري، ومؤسسة النقل المكنيكي، ومؤسسة المخازن والمهمات إلخ .فضلاً عن إعادة النظر في بنود الصرف الواردة في موازنة 2020م بما يحقق تخفيض الإنفاق وترشيد الإستيراد، وزيادة الإيرادات، وأوصت الدراسة أن إزالة التمكين في شقه الإقتصادي يتطلب تبديل العملة وحصر ومراجعة عائدية حقوق ملكية الشركات الحكومية، بما يضع كل المال العام تحت ولاية وزارة المالية، وتحت مظلة ديوان المراجعة القومي وإصلاح النظام المصرفي، والضريبي، ومراجعة كافة أعمال لجنة التصرف في الممتلكات العامة ومراجعة إجراءات الخصخصة والتصفية بالبيع.. (يتبع)