الثوابت الوطنية السودانية.. لماذا الكفاح والثورة إذاً أيها المهدي؟ (1-2)
بقلم : كومان سعيد
قد يبدو من عنوان المقال أن الإمام الصادق المهدي يؤمن بالثورة و بقيمها أو أنه كان جزء لا يتجزأ منها وهو أمر افترض ان المتابعين واللصيقين للأحداث يعرفونه جيدا لذا حاولت أن ألفت انتباهكم حتى لا تقعو في فخ الكلمات و متاهات اللغة العربية أو سوء الظن من مقصدي في هذا المقال .
اواجه صعوبة في القول إن ما قاله الصادق المهدي بخصوص التطبيع مع اسرائيل أمر مؤسف على الرغم من انه حقا امر مؤسف ، ولكن تأتي الصعوبة في تكرار ما هو مكرر ومعروف فالتكرار إذا صحت هذه المقولة ( من الغباء ) ، ولكن ما المثير للدهشة في الأمر ؟، ما الذي يدعو للتعجب ؟ فهذا هو الرجل و هذا هو ديدنه وهو يكشف بعمق العقلية السياسية النخبوية ورؤيتها للوطن وثوابته التي اختاروها بعناية فائقة متجاوزين شعوبا سودانية تمثل اغلبية أهل السودان وكأن الأمر هذا لا يعني هذه الشعوب في شي ، كأن إدارة الوطن واختيار ثوابته هو اختصاص أسرة المهدي وقحت والنخب السياسية السودانية ، ولعمري إن هذه النقطة بالذات لجذرة من جذور الإشكاليات والخلاف التي أشعلت الحرب في السودان والتي يجب مخاطبتها . هذا الوطن المترامي الأطراف و المتعدد والمختلف الثقافات الممتد من أقصى جبال النوبة والنيل الأزرق الي اقصي الشمال ومن أقصى شرقه لأقصى غربه في دارفور هذا هو السودان و شعوبه المختلفة التي لها كامل الحق وكل الصلاحية في اختيار ثوابت السودان وقيمه . ولا أحد لديه حق التحدث بالوكالة عن هذه الشعوب دون إرادتها الحرة .
وبكل غطرسة يقول الصادق المهدي ان السودان بتطبيعة مع إسرائيل قد تخلى عن الثوابت الوطنية السودانية التي لطالما تفاخر بها السودانيين ؟ أليس هذا التصريح يفهم كأنما الصادق المهدي يقول أن السودان بتوقيعه على أي اتفاق سلام في جوبا قد تخلى عن عمرا من الحرب الأهلية والقتال والسحل و المجازر والابادات الجماعية التي لطالما تفاخرت بها النخب السياسية السودانية التي تداولت كرسي الحكم في البلاد ؟ لا اريد ان اقول ان ملف العلاقات مع إسرائيل هو ملف له الأولوية في أجندة حركات الكفاح المسلح في منبر جوبا ، فكما قال القائد عبد العزيز الحلو ان القضايا الوطنية هي التي لها الأولوية وأن ملف اسرائيل ينظر له بعد حسم القضايا القومية . ولكن السؤال الذي يطرح نفسه أليست قضية الثوابت الوطنية هي واحدة من القضايا المختلف حولها ومن الأسباب الرئيسية لاندلاع الحرب في معظم أنحاء السودان؟ يتحدث الإمام الصادق المهدي كأنما السودان قد قام على عقد اجتماعي بين كل المكونات السودانية المختلفة!! ، كأنما السودانيين قد اختاروا بانتقاء ثوابتهم الوطنية وقضاياهم وتحالفاتهم الخارجية ، وموقفهم من قضايا الشعوب الاخرى في مؤتمر للقضايا السودانية ! ما الذي يعنيه بمقولة الثوابت الوطنية ؟ ما هو هذا الوطن الذي يتحدث عنه الإمام ؟ أين هي ثوابت الإمام الوطنية من الحرب الأهلية في السودان ؟ ألم ينتخب الإمام لفترتين ديمقراطيين رئيسا لوزراء السودان ؟ ألم يكن هو الوحيد الذي الذي اعتلى كرسي الحكم لفترتين و كان بإمكانه صنع السلام والاستقرار في السودان؟ أليس هو أول من قام بتسليح القبائل في جنوب كردفان فأشعل فتيل الحرب الأهلية وصب الزيت على الماء ؟ أين تلك الثوابت التي يتحدث عنها من إنسان السودان؟ الم تكن محرقة مجذرة الضعين في العام 1987 أيام توليه رئاسة وزراء السودان؟ . التفكير الثقافي الديني الأيديولوجي للإمام الصادق المهدي يحجب عنه الرؤية الوطنية الصادقة العادلة . الإمام الحبيب غاطس من أسفل قدميه لآخر شعرة من رأسه في وحل الأيديولوجيا الإسلامية الثقافية لا يستطيع من خلالها أن ينظر نظرة الحكيم المتفحص نظرة الإنسان للإنسان من مبداء العدالة ، والصدق والإنسانية وهي قيم كونية نبيلة لا يؤمن بها إلا أصحاب النفوس الزاهدة و المتواضعة والمحبة للسلام.