فاطمة كومي .. شاهدة على الحرب تطلب الأمان والسلام
مواطنة نازحة من مناطق الحرب بجنوب كردفان تروي قصتها لـ(مدنية نيوز)
قوات الحكومة حرقت قريتنا وكانت تضربنا بالطائرات
وجدنا أنفسنا وسط القتال.. وهناك من ماتوا بسبب انعدام الملح
حوار: عازة أبو عوف
المواطنون وحدهم الخاسرون جرّاء الحرب في السودان، فهم من يُقتلون ويُنهبون، وكذلك هم الأطفال المحرومون من التعليم وأولئك الذين فرقتهم الحرب من أسرهم وأصبحوا مشردين، ولكن اليوم بعد سقوط النظام السابق بقيادة الرئيس المعزول عمر البشير، بات لدى الكثيرين من متضرري الحرب أملٌ في حياة جديدة مختلفة حسبما تقول المواطنة النازحة فاطمة كومي في هذا الحوار مع (مدنية نيوز)، حيث كشفت عن المعاناة جراء الحروب ونزوحها وأسرتها لمنطقة أمبدة بولاية الخرطوم، وتطلعها للسلام والحياة الآمنة المستقرة.
* هل تتذكرين بداية الحرب التي اضطرتك إلى النزوح؟
نعم، كان عمري (٢٥) عاماً حين دارت الحرب بين الحكومة والحركة الشعبية، وكنت في منطقة تابعة للحركات المسلحة، وكانت السلطات الحكومية تقوم بإرسال الطائرات لضرب مناطقنا، والحكومة المتواجدة في المنطقة تضربنا بالاسلحة الثقيلة، لذلك هربنا من منطقتنا الى الجبال، ولم يكن لدينا شيء، وكانت أبسط الأشياء غير موجودة، لا يوجد حتى الملح، نأكل بدونه، ولا توجد لدينا ملابس ولا أحذية.
والناس كانت تموت بسبب انعدام الطعام والملح والسكر، وكنا طوال الوقت متعبين من الحرب، والحكومة حرقت قريتنا (آبُل) تماماً، ونهب بعض الجنود أبقارنا ومحاصيلنا وحتى البيوت التي نجت من الحريق تمت سرقات فيها.
* كيف تمكنتِ من الهروب من منطقتك لمنطقة الجبال التي كانت تسيطر عليها الحكومة في ذلك الوقت؟
في عام ٢٠٠٠م لم أستطع تحمل المعاناة، لذلك قررت الانضمام لمنطقة الحكومة في جبال النوبة ولم أخبر أحداً برغبتي في الهروب خوفاً أن تعلم الحركة بمخططي وتجنباً لأي أذى يمكن أن يلحق بي، وخرجت من منطقة (آبُل) في آخر الليل، ووصلت منطقة (حبان) التي كانت تسيطر عليها الحكومة في ذلك الوقت قبل طلوع الفجر.
* كيف تم استقبالكم في منطقة الحكومة ؟
قاموا بعرضنا على القائد المسؤول هناك، وبدوره سألنا عن سبب مجيئنا وخيرنا بين الرجوع أو السكن في المنطقة.
* هل كنتم آمنين في منطقة الحكومة؟
للأسف لم نكن آمنين أيضاً، وكانت الحركة تضرب المنطقة والحكومة تبادلها ونحن كنا في وسط ذلك.
* وكيف وصلتِ إلى الخرطوم؟
بعد اتفاقية السلام الشامل كنت مريضة، لذلك سمحوا لي بالسفر للخرطوم وأحضرت معي أحد أبنائي وتركت الآخر مع والده في منطقة (حبان).
* ماذا تريدون الآن بعد الثورة وسقوط النظام السابق؟
الحرب عندما جاءت وجدنا أنفسنا في وسطها ولم نستطع أن نفعل شيئاً، وبعد الثورة نريد السلام، فأولادنا مشردون، ونحن متضررون من الحرب، وزوجي عندما أراد أن يأتي للخرطوم هرب ليلاً وكان يحمل طفلي الآخر وكاد أن يموت أثناء هروبه.
* بعد تلك الأهوال التي رأيتيها وبقية أهلك ما هي أهمية السلام برأيك؟
أهمية السلام كبيرة جداً لشخص كان يرى الموت في كل لحظة ويرى كل ما يملك يتم نهبه أمام عينه، ولا تستطيع أن تنطق بكلمة وإن تكلمت سييتم ضربك بالرصاص (طلقة)، والنهب كان من الجانبين. وأنا فاطمة كومي أريد السلام، وعلى رئيس الحركة الشعبية شمال عبد العزيز الحلو ورئيس حركة تحرير السودان عبد الواحد محمد نور، أن يوقعوا السلام وكفانا دماءً وتعباً فنحن الخاسرون.
* ماهي العقبات التي واجهتك بعد وصولك الخرطوم وأين تسكنين حالياً ؟
أولاً زوجي لم يتمكن من الحضور معي في البداية، وكنت أحمل طفلي ولم أجد عملاً غير بيع الشاي في كشك صغير في سوق (كرور) بأمبدة، واستأجرت منزلاً بأمبدة الحارة (١٤) ونسبة لظروف الحرب وحرق قريتنا (آبُل) بمدينة كادقلي تبنيت (٣) أطفال من أسرة زوجي، وهم حالياً يدرسون في المراحل الدراسية المختلفة، وأحدهم طالب بالجامعة يعمل في السوق كعامل يومية مع دراسته.
* هل ستعودين لـ (آبُل) حال حلول السلام واستقرار الأوضاع ؟
نعم، إذا تحسنت الأوضاع سأعود لمنطقتي وأعاود زراعة الذرة والسمسم والفول السوداني، لكن إذا لم يتم توفير الأمن والتعليم لأبنائي الخمسة لا يمكنني العودة، لأن هدفي الآن تعليم أبنائي.