(لو أنهم….)
في ما يتعلق
بقلم: مشاعر عبد الكريم
إنها ذات الممرات القديمة، ذات السيناريوهات الأليمة لموت الإنسان السوداني دون داعٍ، سوى إرضاء شهوة الموت لدى السادة الحُكام. نفس الطريقة، يا إلهي، لدرجة أنهم لا يحاولون التجديد بما يتناسب مع العصر الحديث، قتلوهم وقرروا دفنهم في (الخلا). ألم أقل لكم إنها ذات الممرات والسيناريوهات والعقلية القديمة؟؟
القدرة على إخفاء الحقائق كذلك واحدة من براعات السياسيين، أو قُل الحُكام. و مُنذ بداية عهد الاستقلال ونحنُ نعيش أكاذيب تتسعُ أرديتها وتضيق بحسب ( ضمائر) السياسيين.نعم،ظننا إننا بعد الاستقلال الجديد من حقبة استمرت ثلاثين سنة إلا أيام، ظننا أننا سنُنهي الممارسات السياسية القديمة المرتبطة بالكذب و التكبر على الشعب. لكن يا لخيبة ظننا ها هم يعيدون السيرة، إن لم يكن بالتواطؤ فالصمت، الصمت الموافق عل الظلم. و أي ظلم افدح من منح الأمل لأسر المفقودين بأنه ربما، ربما سيعود غائبهم، فإذا بمقبرة جماعية تضمهم بلا تمييز إنساني، ولا إكرام دفن،و.. يحزنون!
يحرزُّون التقدم في حصد السخط العام، وفي حشد كل الغضب الصامت داخل الصدور، والذي كان موجهاً نحو الحكومة السابقة بكل منتسبيها ومنافقيها ومتسلقيها، إليهم بلا منازع، بسبب أنهم صامتون أو يقومون باطلاق تصريحات خرقاء، أو لا يحاولون تغطية عورة التواطؤ في التباطؤ في نشر تحقيقات مجزرة القيادة العامة، حتى خروج الخبر الصادم، بوجود مقابر جماعية يُرجح بشكل كبير أنها( تحوي جثامين لمفقودين تم قتلهم ودفنهم فيها بصورة تتنافى مع الكرامة الإنسانية.) / مقتبس من بيان النيابة العامة الصادر في الحادي عشر من الشهر الجاري. وبحسب مصادر صحفية مطلعة، فان المقبرة الواقعة بالقرب من جبال المرخيات شمال غرب امدرمان، تضم جثامين لأشخاص قتلوا عقب مذبحة فض اعتصام القيادة العامة التي وقعت في الثالث من يونيو من العام ٢٠١٩.
عامٌ كامل و يزيد، وهنالك أسر كلما حرّكت الرياح الباب ظنوا إنه حبيبهم المفقود، /الإشارة لإنسان دون تحديد ذكر فهنالك مفقودات كذلك/ أيام، تجرُ ورائها الأسابيع والشهور،، ولا جديد. اللجنة التي يترأسها الأستاذ (نبيل أديب) للتحقيق في مجزرة القيادة العامة، لم تصدر شئ، رغم كل الأدلة المبذولة على صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، صُممت خصيصاً لنشر التسجيلات المتعلقة بما حدث يوم مجزرة القيادة العامة. و رغم شهادات شهود العيان.. الناجين من يوم الغدر.و الحكومة متواطئة بالصمت.الصمت الذي يجعلك تصدق أنهم موافقون على كل ما حدث.
(حتى إذا ناداهم حقهم المضاع
النار …والرشوةُ …والدخان
والكاتب المأجور…والوزير
جميعهم وصاحب المشروع
بحلفهم يُحارب الزراع
يحارب الأطفال والنساء
وينثُر الموت على الأرجاء
ويفتح الرصاص على الصدور
ويخنق الهتاف في الأعماق
ويفتح السجون حيث يُحشد الإنسانُ كالقطيع
ويحكم العساكر الوحوش
فيحرمون الآدمي لُقمة في الجوعْ
ويحرمون الآدمى جُرعة من ماء
ويغُلقون كل كوة تُمرر الهواء)
الإلهاء هي واحدة من نظريات السياسة الحديثة، مُررت من كتب السحر وألعاب الخفة، حيث يشغلك الساحر بشئ كي يُمرر من المكان الذي يلهيك عنه، شئ آخر، ليفاجئك به لاحقاً. إذن هل هذه المقابر، كذلك؟ ماذا عن الجثث المتكدسة في مشرحة مستشفى بشائر والتي أزخمت أنوف أهل الحي، بروائحها حيث لا توجد ثلاجات ولا كهرباء لحفظ الجثث بشكل آدمي يليق بها؟ ماذا عن الجثث التي يتم إخراجها من النيل ولا يتعرف عليها أحد؟؟ ماذا عن الذين استشهدوا تلك الليلة؟؟ ماذا، عن هذا الشعب الذي أعطى ولم يستبق شيئاً، وظل يرابض لعام كامل على صراط الصبر المستقيم، يحتمل النار التي تأكل (حشاه) و جيوبه و ماله من كل شيء، وهو يقول( مدنية خيار الشعب). كيف نعبُر وننتصر ولم يفتح أحد الجراحات القديمة؟ كي تنظف وتشفى؟ هل سيعترف المجرم بما اقترفت يداه؟ هل سنُمنح حق أن نعفو، أو حق المطالبة بالقصاص؟ كيف ننتقل للديمقراطية و مازال الكذب وإخفاء الحقائق هو السلوك اليومي للحكومة؟
**مقطع القصيدة للدبلوماسي الراحل صلاح أحمد إبراهيم عن قضية (عنبر جودة) الشهير.