وداعاً المناضل النقابي عبد الله موسى
بقلم: حسين سعد
فجعت صباح اليوم الجمعة بنباء رحيل المناضل النقابي عبد الله موسي،الذي كان شجاعا ومبدئيا ومدافعا شرسا عن الديمقراطية وحقوق العمال والطبقة العاملة والمهمشيين ،عرفت عبد الله موسي كصحفي ومن ثم توثقت علاقتي به في تأسيس مبادرة المجتمع المدني تحت رئاسة الراحل الدكتور أمين مكي مدني ،كانت لنا رحلات سفر خارجية عديدة برفقة أخرين وكذلك ورش العمل ،وفي تكوين تجمع القوي المدنية كان عبد الله موسي حاضرا ومشاركا وظل يكتب ويقترح رغم المه وحزنه الكبير علي تحديات الفترة الانتقالية واولوياتها العاجلة وخيبة الامل في الجهاز التنفيذي وقوي الحرية والتغيير ومكوناتها وكذلك المكون العسكري وانشقاقات الجبهة الثورية والفشل في تحقيق السلام الشامل ،وعندما اختطف منا الموت خلسة الدكتور حسن عبد العاطي اتصلت علي عبد الله موسي الذي كان علي تواصل مع الراحل حسن حتي الساعات القليلة من رحيل الدكتور حسن عبد العاطي ، أخر حديث لي عبر الهاتف مع عبد الله موسى عقب وصوله للخرطوم حيث التزمت له بزيارته لكنني لاول مرة لم اوفي بألتزام لي مع عبد الله موسي الذي ذهب جسدا ولكنه حي بيننا ،وخالدا في وجدان الملايين من السودانيين رجالا ونساء،وسيبقى سراجا مضيئا .
بطل خالد:
عبر مواقع التواصل الاجتماعي صباح اليوم الجمعة كانت البوستات حزينة وثقيلة وهي تحمل صورة عبد الله موسي، وتتزاحم العبارات حزينة لتنظم أصدق المشاعر الجياشة إلى من تنحني له الهامات والرؤوس إكباراً وإجلالاً،وفي تاريخنا المعاصر نحكي عن ابطال شرقنا الحبيب بمحبة وفخر عن البطل عثمان دقنة كذلك سيخلد التاريخ عبد الله موسي وسيحكي للاجيال تاريخ الراحل ومواقفه الشجاعة لم يخون عبد الله موسي مبادئه،وظل وفيا لشعبه صادقا معه، ومخلصا،لقد ضحي عبد الله موسي بعمره وأفني سنين حياته وشبابه من اجل العمال والبسطاء ،وعدالة قضيتهم وحرية وكرامة الشعب السوداني.
نقابي جسور:
كانت لعبدالله موسي سيرة عطرة وذكرى طيبة ،وكان ايضا قائد تنظيمي متميز ونقابي بارع في الحركة النقابية ورمزاً من رموزها وعلماً من أعلامها المعروفين الذين كان لهم دوماً الباع الطويل في العمل النقابي دفاعاً عن حقوق ومصالح العمال السودانيين، ظل الموت يتربص به منذ عقود طويلة إلى أن نال مراده منه صباح اليوم الجمعة،طوال سنوات النضال ضد الديكتاتور نميري مرورا بفترة الثلاثيين عاما من حكم الطغاة ظل عبد الله موسي يرواغ الموت ويصمد في جه المستبدين واعتقالاتهم وسجونهم لكن رحيله اليوم الجمعة كان حقيقة لافرار منها،لم يكن عبد الله موسي فخرا الي اهله في شرق السودان فقط، وأسرته بل لجميع السودانيين وللطبقة العاملة التي انتمي لها بمحبة كبيرة ،وقضى حياته عامل وكادح بين أبناء هذه الطبقة حتى الرمق الأخير، باحثا عن لقمة العيش بكده وكدحه، وانتمائه الثوري وتجسيده للطبقة العمالية وما تحمله من مخزون ثوري يسعى إلى المساواة والمواطنة المتساوية والعدالة الاجتماعية، و كعنصر طليعي لطبقته، مدافعا عنها ومناضلا من أجل حقوقها وتعزيز التضامن بين أفرادها.
مدافع عنيد:
كان عبد الله موسي مناضل ناشط كخلية النحل لا يكل ولا يمل مثال للأخلاق والتفاني في خدمة أبناء شعبه، ومدافعاً عنيداً عن مصالحه الاجتماعية وحقوقه الإنسانية، وكان هذا واضحاً وجلياً في كافة المواقع والمهام التي شغلها،لعبدالله موسي شخصية لطيفة تمتلك الداعبة ،والنكتة له حضوره الطاغي والدافيء له كتاباته علي مواقع التواصل الاجتماعي ،لم يكتفي الراحل بالنضال السياسي والتنظيمي ،لكنه جمع الى جانب ذلك، النضال النقابي من أجل حقوق الفئة العمالية التي انتمى إليها بصدق وإخلاص، وأعطى كل وقته وجهده وإمكاناته للنضال السياسي والتنظيمي والنقابي، رغم كل ما عاناه وقدمه من تضحيات، وسط مناخ وقوانين تقف ضد العمل النقابي عامة -و العمالي خاصة- ولا تعترف به ولا تشجعه.
الصمود والتوازن:
لقد حارب الطغاة العمل النقابي بكل أنواعه، وسعت إلى احتواه، وكسرتها من خلال اعتقال قياداتها وسن قوانيين غير مشجعة للنقابات العمالية، واحتواء الحركة النقابية العمالية واتحاد العمال خاصة، رغم التاريخ الطويل والمجيد للحركة النقابية العمالية، لما تمثله هذه الطبقة من حجم كبير في المجتمع السوداني حيث كان هناك قاسم أمين والشفيع احمد الشيخ وغيرهم وغيرهم من الابطال الذين مضوا لكنهم خلف تاريخ ناصع ، ومخزون ثوري لقيم العدل الاجتماعي، فقد أدي عبد الله موسي دوره النقابي دون أن يكون ذلك على حساب نضاله السياسي ودوره التنظيمي، بل جمع بينهما بتىوازن واقتدار ووعي، وأضاف لهما عندما حانت الثورة التي عمل لها بنضاله مع كل أبناء الشعب دوره في الثورة الشعبية السلمية التي أسقطت نظام البطش والتسلط، ومن المؤسف أنه رحل قبل أن تحقق الثورة أهدافها، ويرى سوداننا الجديد الذي هتف له الثوار من الشفاتا والكنداكات (حنبنيهو البنحلم بيهو يوماتي) غادرنا عبد الله موسي وسبقه المعلم احمد يس وزنيب بدرالدين وحسن شمت ودكتور حسن عبد العاطي والامام الصادق المهدي.
نعم رحل فقيدنا، ولم يحضر اجازة قانون جديد للنقابات والعمال ينالوا عبره حقوقهم العدالة أرقد عبد الله موسي مطمئنا فقد عشت قائدا ومناضلا فريدا وعلمتنا الكثير لذلك سنواصل المشوار حتي نحقق الانتصار الكبير، وهذا عهدنا لك ولكل الشهداء.