الجمعة, نوفمبر 22, 2024
مقالات

الطب العدلي في السودان: المهنية والدوافع السياسية والمادية

| مساهمات حرة |

بقلم: محمد بدوي

كشفت النيابة العامة في العاشر من يناير 2021 التطورات اللاحقة للقبض على الدكتور (ج ي )، أحد أخصائي الطب العدلي بالسودان، حيث وُجهت له ثلاث تهم تحت المواد: ٨٩/ ٩٧/ ١٠٨ من القانون الجنائي السوداني لسنة ١٩٩١ (مخالفة الموظف العام بقصد الأضرار أو الحماية، الإدلاء ببيان كاذب والتستر على الجاني).

لن أخوض في التفاصيل طالما أن الحالة قيد التحقيق، إلتزاماً بمبدأ إحترام القاعدة القانونية ببراءة المتهم حتى ثبوت إدانته بحكم قضائي من محكمة مختصة، لكن سأعمل على مناقشة التهم الموجهة بإعتبارها تمثل النصوص المحيطة بالأفعال في القانون الجنائي، ولعله من البديهي عند النظر إلى سياق الأحداث بشكل عام.

ليس ثمة ما يربط بين المتهم والضحية ليقوم الأول بإخفاء نتيجة التشريح، بينما هناك علاقة واضحة بين المتهم والجهات التي عذبت الضحية واغتالته مما يدفعنا للقول بوجود مصلحة، ربما مادية أو سياسية، وهنا تثور الأسئلة حول قدرة القانون السوداني على الإحاطة بمثل هذا الترابط الذي قد يقود إلى تهم أخرى والتكييف القانوني الملائم لمن يقوم بإصدار تقرير للتشريح مجاف للحقائق، مثل تعذيب أو فعل آخر، وإذا ما كانت التهم المذكورة أعلاه تناسب طبيعة الجريمة وفداحتها.

وهل الحال سيان في حال الممارسة الممنهجة لتلك الأفعال وإرتباطها بالتستر لدوافع سياسية؟ ألا ترتقي إلى مصاف المشاركة في أفعال منظمات إجرامية؟ الإجابات وأهميتها تدور في فعل الإحاطة بالإنتهاكات المتفرعة من ناحية مسئوليتها الجنائية والمدنية، فحال إرتباط المتهم بالفعل لدوافع سياسية وأفعال منظمة مثلاً قد يحيل المسئولية إلى إدراج المؤسسات أو الأفراد المرتبطين بالأفعال.

ما يحدث يشير إلى تطور الأفعال المجرمة وإقترانها بالفساد والنفوذ السياسي وهي تحتاج إلى النظر لشمول قوانيننا الراهنة لمثل هذه الأفعال و تجريمها عبر ضرورة النظر إلى تعديلها وهي خطوة تبدأ بالمصادقة على الإتفاقيات الدولية و مراعاة المعايير الدولية في سن القوانيين الوطنية.

أخيرا: إن تجرأ شخص على القيام بهذا الفعل في ظل مؤسسات عدلية أتت بها ثورة عظيمة ضد ممارسات النظام السابق، فمن الراجح أنه قدم بيانات كاذبة حول تقارير طبية في ظل النظام السابق مما يدعونا لمناشدة لجنة التحقيق في التعذيب بفتح كافة ملفات قضايا التعذيب خلال العهد السابق و في الإعتبار أن جرائم التعذيب لا تسقط بالتقادم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *