الخميس, نوفمبر 21, 2024
مقالات

نقابة وشبكة الصحفيين السودانيين.. التأسيس والرقابة

بقلم: محمد بدوي

في ٢ مارس ٢٠٢٣ نشرت وسائل الاعلام السودانية خبرا عن تعاقد بين نقابة الصحفيين السودانيين مع الشركة السودانية للهاتف السيار” زين ” عبر السكرتارية الاجتماعية للنقابة وتلخص في منح خدمات مميزة لأعضاء النقابة متمثلة في أرقام مميزة وخدمة انترنت مجانية بمقر النقابة، بالمقابل صدر بيان في اليوم ٤ مارس من شبكة الصحفيين منتقدة الخطوة، حوي عدة نقاط منها سجل شركة زين وحالات قطع خدمة الانترنت في عدة تواريخ من سجل ثورة ديسمبر ٢٠١٨ وبعدها في ظل حالات قمعية مفرطة من قبل السلطات الحكومية.
قبل الخوض في نقاش الأمر لابد من الاشادة بعودة النقابة عقب ثلاثة عقود كإنجاز يضاف إلي سجل جهود التغيير، بالإضافة الي الجهود التي بذلت لتقديم الخدمات من قبل النقابة مثل التامين الصحي من حيث المبدأ.

بالعودة الي مسالة التعاقد حول الخدمة مع شركة زين بشكل عام قبل التطرق الي انها مميزة ام لا؟ يثور السؤال الذي قد يفض بعض الاشتباك بين النقابة والشبكة وهو هل العرض حصري على النقابة أم اتيح لجهات اخري ؟ هل سعت النقابة الي ذلك ام جاء ضمن نشاط الشركة الترويجي ؟ هل تم البحث عن وجود ذات العرض لدى الشركة الاخري ومن ثم المفاضلة في الشروط؟ .
اما فيما يخص الخدمة المميزة ” في غياب نشر التفاصيل”، يمكننا افتراض تميز الخدمة بسعة سريعة في الأنترنت ومكالمات مخفضة فهل تضمن يعزز التعاقد قيمة مرتبطة بحرية التعبير مثل ضمان عدم انقطاع الخدمة دون مسوغ قانوني؟ ففي نوفمبر ٢٠٢١ امرت محكمة مختصة بالخرطوم اربعة من الشركات المقدمة لخدمة الانترنت بإعادة الخدمة للشاكين، وحين تأخر ذلك استطاعت المحكمة إجبار الشركات على اعادتها للشاكيين.

الواقع يشير الي ان بعض الخدمات محصورة على مؤسسات محددة بما جعل التعاقد مستند على عقود مقدم الخدمة هذا من جانب، من جانب اخر من حق النقابة ان تسعي الي خدمات مميزة، وقبول خدمات مجانية او بقيمة منخفضة لكن قبل ذلك النظر الي دور النقابة وطبيعتها وأهدافها وفق نظامها الاساسي، خلاصتها مرتبطة بأدوار تعزيز ورقابة ومناصرة في مجال حرية التعبير، التي تمثل المادة ١٩ من الاعلان العالمي لحقوق الانسان، وبدخول الحق في الوصول للأنترنت ضمن الحزم الحقوقية يبرز دور النقابة تجاه المساهمة في ضمان تحقق ذلك والذي قد لا ينفك من دور مرتبط بمراجعة او التفاوض على شروط التعاقد، هذا ليس في مواجه شركات محددة فقط بل تجاه كل من يقع تحت تلك المظلة
الحساسية والحصافة يفرضانها وضع النقابة المتميز بنقاط قوة صارمة نابعة من الاستقلالية، و انه على اداء السلطات الثلاث ” القضائية، التشريعية والتنفيذية”، ودورها من اجل خدمات قياسية كأساس لطبيعة الخدمة بشكل عام وليس استثناء تعاقدي.

خدمة الانترنت المجانية بمقر النقابة تعبر عن ميزة لكن السؤال هل بالضرورة ان تأتي من حالة تعاقدية، ام انها يمكن الحصول عليها في السياق الترويجي والمسئولية المجتمعية، فالكثير من الشركات تتنافس على تقديم خدمات مجانية للجمهور لأنها جزء من دائرة الخدمة التعريفية التي تحصل عليها لدي الجمهور، و يقع مراقبة خدمة الانترنت ومستواها ضمن دائرة حرية التعبير بما يجعل مجانية الخدمة تطرح سؤال الاستقلالية وما يرتبط بالأمان الرقمي معا في حالة قد تكون الأولي من نوعها في العالم .

ما حمله بيان الشبكة من نقاط هل كان يمكن نقاشه مع النقابة هل كان يمكن توجيهه كمراسلة للنقابة للرد عليه قبل أولا ؟ لا أود التعرض لكل النقاط لكن اقف عما اثير عن سجل شركة زين وقطع الانترنت لم تقدم الشبكة عبر احد اعضاءها خطوة تجاهه امام المحاكم كما فعل اخرين، وهو ما دأبت عليه كل الشركات الموفرة للأنترنت دون استثناء في عدة حالات منذ بداية الاحداث بدارفور في ٢٠٠٤ الي اخر حدث في ٢٥ فبراير ٢٠٢٣ بمنطقة سرف عمره بولاية غرب دارفور.

اذن مربط الفرس هنا هنالك ادوار لا يمكن تحققها بالنقد فقط بل بالمساهمة الجماعية، وهنالك واجبات على النقابة تنطلب خطة معلنة لضمان الشفافية والاستفادة من اراء الاعضاء بمختلف مظلاتهم، واثار بيان الشبكة مسالة التعاقدات فهنالك انظمة معمول بها تفرض الحصول على عروض متعددة والتعاقد مع من ترجحها الشروط، كما ان النظر للصورة الكلية المرتبطة بتحسين الخدمات قد يجعل تحقق ذلك للجمهور يشمل النقابة دون الحوجة للتعاقد او التخصيص.

استقلالية النقابة ودورها تجعلها في مرتبة مراقبة ما يشمل الخدمات المرتبطة بالمسئولية الاجتماعية للمؤسسات، وتنفيذها بما يتسق وخدمة المستفيدين، وكذلك المساهمة في توجيه خارطة الخدمات المجانية او الترويجية لأنها ويقلل من بعض بنود صرف في ميزانية الدولية، وسد خانة بعض الاحتياجات، فمثلا شملت/ تعممت الخدمات المجانية والمميزة او الترويجية لتستهدف بعض القطاعات مثل نقاط شرطة المرور السريع، الدفاع المدني ” المطافئ”، النيابة العامة و…والقطاعات الحيوية المرتبطة بالجمهور مؤكد انها ستحقق اهداف واسعة وفي ذات الوقت تعزز من الوصول والحصول على المعلومات.

شكلت شبكة الصحفيين السودانيين جسما مهما ومناضلا خلال الحقبة المنصرمة، وظل حاضرا في دور مهم عقب تكوين النقابة التي انتمي أغلب اعضاءها ان لم يكن جميعهم للشبكة قبل سقوط نظام الحركة الاسلامية، فهنالك تكامل ادوار بين النقابة والشبكة لان ما يغيب الان هو كيفية التواصل الذي كان سائدا قبل ابريل ٢٠١٩ فالتعامل مع الاسباب بموضوعية في سياق مصلحة تعزيز حرية التعبير قد يفتح كوه نحو الامام.
اخيرا : هنالك الكثير المنتظر من النقابة في مجالات عديدة منها الاصلاح القانوني لقوانيين حرية التعبير، وبالمقابل من الشبكة كمجموعة ضغط يقع عليها الكثير منها ما يخص العلاقة بين الإعلام ونظام الحكم الديمقراطي بما يشمل ترسيخ الشفافية والمحاسبة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *