وزيرة التعليم العالي لـ(مدنية نيوز): هناك جامعات مديونة لعدم التزام وزارة المالية (1-2)
– التوسع في التعليم مطلوب وتنفيذ الفكرة تم بصورة خاطئة في التسعينيات
– لا يوجد اتجاه لإغلاق أية جامعة ونسعى لتحسين بيئتها
– تركنا حل مشكلة طلاب كلية الطب بنيالا للجنة الجامعة
– لا يوجد اتجاه لإغلاق أي جامعة ونسعى لتطوير بيئاتها التعليمية
– كليات وجامعات تم الإعلان عنها دون أن تجيز الوزارة مناهجها
حوار: هانم آدم
وصفت وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي بروفيسور انتصار صغيرون، فكرة التوسع في الجامعات في مطلع التسعينيات بالممتازة، غير أنها أكدت أن تنفيذها شابته العديد من الأخطاء، وكشفت عن جامعات تم إنشاؤها في مدارس دون توفير البنية التحتية أو معامل للكليات العلمية، ونفت في الوقت ذاته اتجاههم لإغلاق أية جامعة، وأكدت رغبة الوزارة في أن تظل الجامعات مفتوحة وأن يتم تحسين بيئتها.
وأقرت الوزيرة بوجود جامعات وكليات تم الإعلان عنها دون أن تجيز الوزارة مناهجها، وأشارت إلى أنهم يعملون حالياً من أجل إجازة تلك المناهج، وكشفت عن جامعات مدينة في السوق بسبب عدم التزام وزارة المالية بمدها بأموال التنمية.
وتطرق حوار (مدنية نيوز) مع بروفيسور انتصار صغيرون، للعديد من القضايا الخاصة بالتعليم العالي تطالعونها في المساحة التالية:
كيف تنظرين لتجربة ثورة التعليم العالي، وهل كانت خصماً على التعليم؟
بدءاً التحية للطلاب باعتبارهم من قاموا بثورة ديسمبر المجيدة سواء كانوا طلاب جامعات أو خريجين أو الذين سيلتحقون بالجامعات، وبالتالي الثورة ثورتهم والوضع الذي خرجوا من أجله هو ما سوف نتناقش عنه.
أما التوسع في التعليم فهو مطلوب لأنه يوفر العدالة للطلاب، والعدالة من ضروريات التعليم العالي وفكرة التوسع في بداية التسعينيات ممتازة، ولكن تنفيذها كان خطأ في معظم الأحوال لأن معظم الجامعات أُنشئت في مدارس وحدثت المشكلة الثانية في عام 1994م عندما زادت الولايات وحدث تقسيم جديد للجامعات فأنشئت جامعات بدون بنية تحتية والقاعات كانت عبارة عن فصول، والأخطر من ذلك الكليات العلمية مثل الطب والهندسة لا تتوفر فيها المعامل والورش. وقد وضعنا حالياً استراتيجية اشتملت على عدالة الوصول للتعليم والتنوع في التعليم العالي فجامعات تخرج أطباء وتخصصات أخرى، وجامعات تقنية وأخرى بحثية.
أنهيتِ مؤخراً زيارات للجامعات القومية بالولايات، كيف وجدتِّ أوضاع تلك الجامعات وما التحديات التي تواجهها؟
بدأت الزيارات في نهاية العام الماضي بجامعة شرق كردفان (كليات الطب والهندسة في “أبو جبيهة”)، وقد لاحظت عدم وجود طلاب بكلية الطب وتوزيعهم بالجامعات بسبب انعدام البنية التحتية، ووجدنا مبنى واحداً لثلاث كليات بالعباسية تقلي، وهو عبارة عن قاعتين ومكتبة ومكتب واحد للعمداء الثلاثة وللأساتذة وغيرهم ومكتب للحرس، فهذا المبنى لا يمكن أن يكون بيئة للثلاث كليات، وعليه كانت الفكرة مواصلة الزيارات.
وخلال زيارتي هذا العام لجامعة نيالا والتي قمت بزيارتها العام 2019م، فوجئت بمشكلة كلية الطب وعدم توفر المعامل ومشاكل أخرى، وأنها أنشئت حديثاً في 2014م، خاصة وأن مديرها السابق كان قد رحب باستضافة بعض طلاب الجامعات الأخرى الذين لم تكن لديهم مبانٍ وغيره، وبالتالي لم نتوقع وجود مشكلة فلا الإدارة السابقة ولا الحالية ذكرت أن لديهم إشكالية في كلية الطب.
وظهرت المشكلة بعد احتجاجات الطلاب، وخلال هذه الزيارة تعرفت على هذه الأوضاع وتوجد محاولات جادة للمعالجة وتحسين البيئة الدراسية في جامعة نيالا خاصة في كلية الطب، كما بذلت جهود مقدرة في جامعتي الجنينة وزالنجي مما أسهم في استقرار الدراسة.
وهل تم حل مشكلات كلية الطب بجامعة نيالا والاستجابة لمطالب الطلاب؟
مطالب الطلاب مشروعة وحق من حقوقهم وتتمثل شكواهم في انعدام المعامل والتنسيق في المشرحة والمستشفى، فلا يمكن أن تكون هناك كلية طب بدون معامل أو عمل منظم في جانب (العمل السريري والمشرحة وغيرها من المطالب)، بجانب المشاكل الأخرى المتعلقة بالبيئة والمياه وغيرها.
وكانت هناك مساعٍ للحل من قبل مدير الجامعة والهيئة الشعبية، فضلاً عن اللجنة التي أوفدتها الوزارة ودفعت بتقريرها للجامعة ولجنة أخرى تم تكوينها من قبل رئيس مجلس الإدارة بالجامعة، وقد التقيت بهذه اللجنة وأكدت مقدرتها على حل هذه القضية فتركناها لهم، وسوف نتابع معها حتى نرى الحلول التي توصلت إليها، وتوجد اتجاهات كثيرة لمعالجة مشكلة الطلاب وعودتهم للمقاعد.
وحالياً أجريت بعض الإصلاحات في المبنى الجديد بإضافة بعض الغرف والقاعات، بجانب تبرع عميد كلية دارفور الخاصة بروفيسور حسن حسين بجزء من الأدوات المطلوبة لمعمل الكيمياء.
هل تم تقديم دعم لتلك الجامعات من أجل تحسين بيئتها؟
نعم دعمناها لأن المديرين عندما تسلموا إدارتها وجدوا بعضها مديونة للسوق بسبب محاولاتهم لإتمام مباني الجامعات، بسبب أن وزارة المالية كانت في السابق تدفع للمشاريع تحت بند التنمية، ويفترض أن تكون فيه المبالغ مكتملة للمباني المطلوبة غير أن ما يحدث أنها تدفع جزءاً بسيطاً جداً من المبلغ المطلوب للتنمية (ربع المبلغ أو زيادة)، ومن ثم تتوقف ولا تكمل المبلغ المطلوب، لذلك نجد كل الجامعات تتوقف في الأساس أو السقف أو التشطيب أو لا يتوفر لديها الإجلاس، وهذه هي المشكلة الرئيسة فتم الدعم حتى تتخلص الجامعات من الديون وتؤهل بيئتها التحتية وتصين مبانيها التي وجدت بهذا الشكل.
وبين كل فترة وأخرى يتم دعم هذه الجامعات، خاصة الموجودة في غرب السودان في الجنينة وزالنجي وجامعة شرق كردفان والدلنج، كما تم دعم جامعة السلام والضعين، ونحن لا نريد إغلاق جامعات ونريدها أن تكون مفتوحة ولكن مع تحسين البيئة.
هل يوجد اتجاه لدمج كليات شبيهة واجهت إشكاليات؟
نعم، ونعتمد على الجامعات لتجتهد مع بعضها البعض، ويوجد برتكول بين الجامعات الخمس في دارفور، ونفس الشيء سيتم في كردفان والشمالية والشرق وغيرها، وعندما يكتمل التكامل يمكن للجامعات أن تستفيد من موارد بعضها وبالتالي هي من ستقوم بتصحيح الوضع، ووقتها نصل للجودة في البيئة والمناهج والمدرسين والتدريب وكل هذه الأشياء يمكن أن تنفذ بعد أن يتم الاتحاد بين الجميع.
هل تم وضع قانون أو إطار موحد تلتزم به الجامعات حتى تتفادى الإشكاليات السابقة؟
صدر قانون التقويم والاعتماد، وهو يوضح ما هو المطلوب من كل جامعة حتى تكون شهادتها معترف بها، ولا يتم فرضه مباشرة في ظل الظروف التي نعلم بها جيداً. فنحن نراعي ظروف الجامعات المختلفة والأوضاع الموجودة فيها ونسعى لمساعدتها في تحسين أوضاعها ليس بالاعتماد على وزارة المالية، فيجب على كل جامعة أن تبحث عن الاستثمار ومعظم هذه الجامعات لديها أراضٍ وإمكانيات يمكن أن تساعد في الاستثمار، وعليها أن تبحث عن الشراكات العالمية والمحلية وخلق علاقات مع القطاع الخاص، بجانب الجودة من حيث المناهج وتنقيحها، ومعروف أن المناهج يفترض أن تراجع وتنقح كل (4 أو 5) سنوات، فالعالم يسير في حركة سريعة جداً ونحن في حاجة لأن نواكب، ويلاحظ أن هناك مناهج لم تتم مراجعتها منذ زمن طويل، وهناك أناس لم يكن لديهم مناهج مجازة من الوزارة وتوجد جامعات وكليات تم الإعلان عنها دون أن تجيز الوزارة مناهجها، وحالياً نعمل على أن نجيز مناهجها لتصحيح الأوضاع، بجانب عملنا في تنقيح المناهج وتجويدها.
الوضع الحالي أوجد فصلين دراسيين، فإذا استأنفت الجامعات الدراسة ما هي إمكانية استيعاب الطلاب؟
الجامعات أُغلقت لظروف معروفة (منها الثورة وكورونا) وغير معروف متى سوف ينتهي هذا المرض، وهناك جامعات أعداد طلابها ليست كبيرة فعملت على دمج طلاب الدفعتين، وتوجد جامعات استقبلت الدفعة الجديدة وما يزال لدينا إشكالية الدفعة الجديدة للعام الجديد، هذه الإشكالية تعتمد على مقدرة كل جامعة على إدارة هذه الإشكالية من ناحية تنظيم وترتيب جدول المحاضرات، واستمرار العمل حتى الفترة المسائية، أو إنقاص الفترة الزمنية المحددة، وتوجد إمكانية إنقاص الفترة بمد اليوم الدراسي، وإعطاء الطلاب محاضرات إضافية، وبذلك وكأنها درست الطلاب (3) أشهر كاملة ولا يوجد نقص، وتوجد جامعات طلاب الفصل الخامس في فترة الامتحانات، أما الجامعات الخاصة فجزء كبير منها يعمل إلكترونياً، ولا تعاني من مشكلة الجامعات الحكومية. ونحن نعتمد على الجامعات في كيفية إدارة تراكم الدفعات (المهم كل جامعة وماتراه مناسباً)، وأنا متأكدة من أن الإدارات الموجودة بالجامعات الحكومية حالياً لديها مقدرة إدارة هذه العملية وبتفكير سليم.