الأربعاء, يونيو 25, 2025
حواراتمجتمع

العمدة أحمد البلة: آخر عملة متداولة بين سكان (الكُوما والقَنْزَا) كانت في عهد الإنجليز

* نحتاج للأمن لحماية السكان والعدالة التنموية والاعتراف بظلم المنطقة منذ الاستقلال

* سكان (الكوما والقَنْزَا) يعيشون مثل الإنسان الأول ويتم التداوي بالأعشاب ولحاء الأشجار

حوار: هويدا من الله محمود

ظلت الكثير من المناطق في السودان على امتداده تعاني من الحرمان الكامل من الخدمات، ويعيش سكان الكثير من المناطق على هامش الحياة بلا اهتمام ولفترات طويلة منذ استقلال البلاد من المستعمر الإنجليزي، وتعتبر منطقة قبيلتي (الكُوما والقَنْزَا) الواقعة في ولاية النيل الأزرق من أبرز النماذج على الظلم وعدم مواكبة حركة الحياة التنموية فسكانها معزولون تماماً، وفي هذه المساحة تلتقي (مدنية نيوز) عمدة المنطقة أحمد البلة، في حوار للوقوف على معاناة سكان تلك المنطقة المسماة باسم القبيلتين وما هو متوفر وما يحتاجونه، وطقوسهم في الحياة والزواج، ورغم امتلاك السكان ثروات لكنهم يشكون التخلف والجهل وليس الفقر، حيث كشف العمدة أن آخر عملة متداولة بين السكان هناك كانت في عهد الإنجليز، كل ذلك تجدون تفاصيله في الحوار التالي:

أين تقع منطقة (الكُوما والقَنْزَا)؟

تقع في أقصى جنوب النيل الأزرق، ومن الشرق تحدها دولة إثيوبيا ومن الناحية الغربية الجنوبية تحدها دولة جنوب السودان ومن الناحية الشمالية يحدها خور يابوس.

كم يقدرعدد سكان المنطقة؟

عدد سكان المنطقة يقدرون حالياً بحوالي (8) آلاف نسمة.

ما هي الخدمات الأساسية المتوفرة بالمنطقة؟

لا يوجد أي نوع من الخدمات الأساسية بمنطقة (الكُوما والقَنْزَا).

ما هي الأسباب التي أدت إلى عدم وجود خدمات بالمنطقة؟

السبب الأساسي في ذلك هو تمركز الحركات المسلحة بالمنطقة، وتلك الحركات أدت إلى انتقال الكثيرين من السكان إلى إثيوبيا وبعضهم إلى يابوس، وانتقل آخرون إلى الجبال.

حدثنا عن الحركات الموجودة في المنطقة، ما هي؟

بداية حركة (جاجا ون) وحركة هارون المك سوسو والأرومو وجون قرنق، وجبهة الأنجواك ومالك عقار في ضربة يابوس، وحالياً الحركة بقيادة جوزيف تكا، وهذه الحركات المسلحة توافدت في فترات مختلفة منذ استقلال السودان وحتى الوقت الحالي، وكل ذلك حال دون وصول الحكومة إلى المنطقة وتقديم الخدمات.

مع عدم وجود الخدمات، على ماذا يعتمد السكان في العيش؟

يقوم سكان تلك المنطقة بزراعة الذرة والسمسم والفول السوداني وكل أنواع المحاصيل المزروعة مطرياً بكميات كبيرة جداً، ويتم تخزين الحصاد في غرفة تسمى السييبة (المطمورة) وهو بناء يشبه الصوامع من حيث الشكل ويتم بناؤها في مكان الزراعة وذلك لكثرة الإنتاج مع عدم وجود وسيلة لنقلها لذلك ينتقل السكان للعيش في مكان الحصاد، إضافة إلى تربية الحيوانات حيث توجد منها البرية والأليفة بأعداد كبيرة، وتوجد بالمنطقة كميات من الذهب الخام ويمتلك عدد من السكان ما يتراوح بين كيلو جرام، وكيلو جرام ونصف الكيلو جرام من الذهب الخام في بيوتهم، لذلك نحن نبكي التخلف والجهل وليس الفقر، أما في حالة المرض فيتم التداوي بالأعشاب ولحاء الأشجار.

حدثنا عن الزواج عند الكوما والقنزا، كيف هي العادات والطقوس؟

يتم الزواج عند تلك القبائل عن طريق التبادل، كأن يتزوج الرجل أخت زوج أخته، وإن لم يكن لديه أخت يستبدل بابنة خاله، وإن لم يكن لخاله بنت يتم الزواج بحضور الأجاويد ليتم الاستبدال بأول بنت، ولا يوجد ما يسمى بالمهر في عادات (الكُوما والقَنْزَا) فأهل المنطقة أساساً لا يعرفون العملات النقدية فالحياة هناك في غاية البساطة وسكانها يمثلون الإنسان الأول.

ذكرت أنكم لا تعرفون العملات النقدية، فكيف تتم معاملات البيع والشراء بالمنطقة؟

تتم المعاملات عن طريق تبادل المحاصيل الزراعية، فآخر العملات التي دخلت المنطقة كانت في عهد الإنجليز، إضافة إلى أن السكان يعتمدون اعتماداً كلياً على المحاصيل الزراعية المحلية والشيء الوحيد الذي يستبدل من خارج المنطقة هوالملح ويتم استبداله من أسواق يابوس بكميات كبيرة نسبة لعدم وجوده في المنطقة، ويستمر انعدامه لسنوات لذلك يتم جلبه بكميات كبيرة.

ما هو النشاط الغالب لدى النساء في المنطقة؟

النساء يقمن بزراعة القطن وتصنيعه يدوياً بطريقة تسمى (المترار)، وهي عبارة عن خيوط يتم نسجها بعرض (5) إلى (6) سنتمترات ويتم ربطه من الوسط أي أسفل البطن ليغطي العورة فقط للرجال والنساء وخيط رفيع من الخلف للنساء وتضيف إليه المرأة المتزوجة (السُكسُك) لتتميز به عن الفتيات، ولا شيء غيره يميزها ولا تعرف المرأة المتزوجة أي شكل من أشكال الزينة، ومؤخراً أصبح السكان يرتدون قماشاً أسود اللون يسمى الفركة (أيضاً لتغطية العورة) ويتم استجلابه من أسواق يابوس.

مع كل ذلك الواقع، ما هي الرسالة التي تود إرسالها للحكومة؟

الأمن هو من ضروريات المنطقة لحمايتها من المسلحين وأصحاب الفكر المتطرف، ولابد من توفير نقاط تفتيش لتحقيق أمن وسلامة المواطن الذي تعرض للنهب المتكرر للمحاصيل، ويتم اقتياد النساء واستغلال الأطفال للتجنيد في الجيوش وأخذ الجباية في فترة الحصاد، بالإضافة إلى الحوجة الملحة للعدالة التنموية والاعتراف بأن المنطقة ظلمت وحرمت من التنمية منذ الاستقلال.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *