منظمات المجتمع المدني بغرب دارفور تكشف عن أوضاع مأساوية للنازحين
الخرطوم: هانم آدم
كشف تقرير ميداني أعدته منظمات المجتمع المدني السوداني غرب دارفور رقم (1) عن أوضاع أنسانية بالغة التعقيد يعيشها نازحو معسكر كرنديق نتيجة للأحداث التي شهدتها الولاية منذ يوم السبت 16يناير 2021م، ونتج عنها نزوح كبير للمواطنين، وبقائهم بمراكز الإيواء تمثل في الأساس المؤسسات الحكومية بالولاية، وتفتقد الخدمات الأساسية، مع الحاجة الماسة إلى أي نوع من أنواع المساعدات الإنسانية أو الحماية.
وقال التقرير إن الأزمة خلفت عدداً كبيراً من المتأثرين يحتاجون إلى جبر الضرر وتقديم المساعدات الإنسانية، حيث بلغ حجم المتضررين حوالي (88,863) نازحا يقيمون في (75) مركز إيواء داخل مدنية الجنينة في مؤسسات الدولة المختلفة. وحسب التقرير يمثل الأطفال والنساء أغلب النازحين، وأشار إلى أن النيران التهمت حوالي (70%) من مساحة المعسكر، بإلاضافة إلى انهيار المركز الصحي داخل المعسكر، مما يتطلب تدخلات حاسمة لإعادة تعمير تلك المرافق الضرورية من التدابير الأولوية لإعادة ترتيب معسكر كرنديق، بجانب حوجتهم للمساعدة والغذاء لضمان بقائهم على قيد الحياة بشكل أساسي، ولفت لافتقارهم إلى مياه صالحة للشرب، والصرف الصحي. وكشف التقرير عن وجود ( 627) طفلاً يعانون من سوء التغذية، ولم يستبعد إصابة المزيد من الأطفال إذا ما استمر الحال كما هو عليه، وتوقع انتشار الأمراض الوبائية الناتجة عن تلوث مياه الشرب، وضعف الصرف الصحي.
ونبه التقرير إلى أن مراكز الإيواء البالغ عددها ( 75) مركزاً داخل مدينة الجنينة، لا توجد بها عيادات كافية ويلجأ معظم النازحين إلى مستشفى الجنينة التعليمي، في وقت تواجه الولاية نقصاً حاداً في الأدوية و المعدات الطبية. فضلاً عن إغلاق (7) مدارس بسبب الحادثة، تضم نحو( 6500) من الطلاب مقسمين على النحو التالي: منهم( 1500) طالب في المرحلة الثانوية و(1200) طالبة في المرحلة الثانوية. و(3800) تلميذ و تلميذة في مرحلة الأساس.
ودق التقرير ناقوس الخطر، وأشار إلى أن الحادثة أدت إلى خلل واضح في سبل كسب العيش، ودفعت الآلاف من النازحين إلى الاعتماد على المساعدات الإنسانية، وأن أسعار السلع الضرورية في أسواق مدينة الجنينة تشهد ارتفاعاً بنسب عالية نتيجة للفارق الذي أحدثه النزوح، وضعف ثقة المواطنين في الجانب الأمني لفتح السوق، وفي ذات الاتجاه سيفقد السوق قدرته الشرائية لأن النازحين يمثلون نسبة مقدرة من القوة الشرائية فيه.
وقال التقرير الذي صدر في ٣٠ يناير المنصرم وتحصلت (مدنية نيوز) على نسخة منه اليوم، إن هذه الاحتياجات نبعت من واقع التوتر الأمني، و الفقر الذي يعيشه معظم النازحين، والمجتمعات المضيفة، ونبه إلى أن الموقف الحالي في حاجة إلى تقديم مساعدات إنسانية، حيث يوجد حوالي (22000) طفل يحتاجون إلى توفير احتياجات ضرورية، بجانب حوالي ( 4600) شخص من كبار السن في حاجة إلى متابعة صحية مع توفير كساء لحمايتهم من البرد الشديد.
ووصف التقرير الأزمة بأنها ضعف دولة القانون، وتقاعس القوات النظامية عن القيام بواجباتها، وانتشار السلاح على أيدي المتفلتين، واشار للاستقرار النسبي الذي كانت تشهده الولاية في القرى ومحلياتها عندما تصاعدت المشكلة في كرنديق، وأنه مع ضعف تماسك اللجنة الأمنية شهدت الولاية استقراراً نسبياً للأوضاع الأمنية أثناء فترة الموسم الزراعي بسبب مجهودات متابعة لجنة الموسم الزراعي.
وأضاف أن سكان ولاية غرب دارفور يعتمدون على الموسم الزراعي لتأمين الغذاء لبقائهم على قيد الحياة، إلا أنه مع وتيرة المشكلة التي حدثت في كرنديق فقد النازحون معظم ما حصدوه من مخزون غذائي جراء الحريق الذي التهم منازلهم، وأكد التقرير حوجة هؤلاء النازحين إلى تدخل المنظمات في شتى المجالات لتأمين الرعاية الصحية وتوثيق جانب انتهاكات حقوق الإنسان.
ولفت التقرير إلى أنه ومن واقع الأزمة فهناك تدهور واسع النطاق على مستوى حياة النازحين، حيث كان التضرر مباشراً وأصاب ممتلكاتهم وأدى إلى قتل نحو 156 شخصاً وفق تقرير اللجنة الطبية وجرح نحو 206 أشخاص من جملة الذين سقطوا في تلك الحادثة في شرق وادي كجا، حيث معسكر كرنديق و الأحياء المتاخمة لها.
وكشف التقرير عن معاناة النازحين بنحو متزايد حالياً لافتقار أبسط مقومات الحياة لنحو (١٤٨١١) أسرة لا يعرفون من أين يحصلون على وجباتهم، و يعكس هذا الوضع زيادة في نسبة معدلات الأمراض وسط كبار السن والأطفال والنساء الحوامل، حيث بلغ عددهن (4200) والأطفال حديثي الولادة البالغ عددهم ( 566) طفلاً يحتاجون رعاية عاجلة.
ونبه التقرير إلى أن الاستجابة للتدخل ما تزال ضعيفة على الرغم من وجود (13) منظمة دولية ووكالة أمم متحدة و( 40) منظمة وطنية فاعلة، وأرجع ذلك للإغلاق الذي تشهده مدينة الجنينة بسبب الاعتصام على مداخل الشوارع الرئيسية للمدينة، وقال: مع العلم هناك نازحون خارج مدينة الجنينة، ولكن يصعب الوصول إليهم).
ولفت التقرير. إلى أن المنظمات عقدت اجتماعات متكررة للاستجابة للوضع، وأكد حوجة النازحين إلى ما يقدر بنحو (50,000) جوال ذرة تكفي لفترة (20) يوماً، ونحو (60) عيادة صحية جاهزة بطاقم طبي في مراكز الإيواء الكبيرة.
وذكرت المنظمات في تقريرها أن المجتمع بذل جهودا كبيرة في إغاثة النازحين وتقديم العون من غذاء و كساء بشكل متواصل، إلا أنه في ظل النسبة الكبيرة للنازحين تبقي الاحتياجات محل طلب مستمر وأن الأمر يتطلب تدخل وكالات الأمم المتحدة.
وأضاف التقرير أن الحكومة ظلت تعمل على حث المنظمات للتوجه الى مراكز إيواء النازحين، إضافة إلى تأمين المستشفيات والكوادر الصحية والباحثين الاجتماعيين الذين يقومون بإحصاء عدد النازحين، فيما عقدت المفوضية اجتماعات متواصلة مع المنظمات العاملة بالولاية، ولكن لم تقدم الحكومة الاتحادية اية مساعدة إنسانية حتى تاريخ التقرير.
وتابع أن حادثة معسكر كرنديق (2) شكلت مؤشرات سيئة حول اهتزاز الهياكل الاجتماعية والمؤسسات المساندة لها في ولاية غرب دارفور.
واوضح التقرير أنه استناداً على ما حدث يحتاج الموقف الراهن تقديم الخدمات الإنسانية، ومن ثم العمل في الأمد الطويل على خطط لمعالجة حقيقية في بنية المجتمع لإعادة الثقة والإسهام المشترك في تطوير الهياكل الاجتماعية الموجودة كمعول للتنمية وليس للهدم، وإن تلك الخطة تحتاج جهوداً بصيرة ونافذة وقادرة على تشكيل مواقف عملية، ونظرة مختلفة لفلسفة العيش المشترك والسلام الأجتماعي، على أن تسبقها آلية نزع السلاح لضمان عدم تجدد أية انتهاكات ضد النازحين.