الجمعة, نوفمبر 22, 2024
تحقيقاتسياسة

النيل الأزرق و(6) أشهر من الفراغ الدستوري.. غياب الوالي والآثار على التنمية والخدمات

النيل الأزرق: تحقيق – هويدا من الله

في (27) ديسمبر الماضي غيّب الموت والي ولاية النيل الأزرق عبدالرحمن نورالدائم (قوتة)، ومن ذلك الوقت لم يتم تعيين والٍ للولاية إلا بعد نحو (6) أشهر، وذلك الفراغ الدستوري كان له أثر على الخدمات ودولاب العمل بصورة عامة بولاية النيل الأزرق، خاصة أن الولاية لها خصوصية في اتفاقية السلام والمفاوضات الحالية التي تجري في دولة جنوب السودان فكان لابد أن يكون للولاية ممثل قوي يتم اختياره عبر حكومة الولاية ليتحدث عن خصوصية الولاية.

خلال هذا التحقيق تطرح (مدنية نيوز) آراء منتسبي الوزارات المختلفة لقياس أثر عدم وجود والٍ بالولاية طوال تلك الفترة، واتفق الجميع على عدم وجود مبرر لعدم تعيين والٍ للولاية لتلك الفترة الطويلة، خاصة أن اللوائح واضحة للجهة المناط بها تعيين الوالي، أما اذا كان المبرر عدم اكتمال اتفاقية السلام ففي السابق تم تعيين والٍ عبر الحاضنة السياسية التي كان يمكنها التعيين للمرة الثانية بدلاً عن ذلك الفراغ لتلك الفترة.

ضعف الاستثمار والتنمية

وعلى مستوى وزارة المالية بالولاية أوضح مدير إدارة التخطيط والتنمية عبد الباقي محمد بابكر، أن الجانب التنموي هو الأكثر تأثراً لأن ميزانية التنمية ميزانية اتحادية، وقال إنه على مستوى وزارة المالية الاتحادية تم تخصيص ميزانية تنمية للولاية، ولخصوصية الولاية أيضاً تم وضع ميزانية وفقاً لاتفاقية السلام، إضافة إلى مساهمة المنظمات والوكالات.

وأبان مدير إدارة التخطيط والتنمية بوزارة المالية أن وفاة الوالي قوتة وعدم تعيين خلف له طوال تلك المدة أضعف التواصل بين الوزارة وحكومة المركز، كذلك أضعف الضغط على حكومة المركز خاصة وأن الموارد شحيحة والاحتياجات التنموية للسودان ككل كبيرة، وعدم وجود والٍ معين بصورة رسمية أحدث فراغاً دستورياً بوزارة المالية، خاصة أن الوالي هو السند والعضد لحقوق الولاية وذلك الفراغ يمكن أن يؤثر بصورة كبيرة على تنفيذ الموزانة العامة للولاية، خاصة أنها خضعت لتجاذبات كبيرة في الجوانب المتعلقة بتعظيم الإيرادات الولائية والجوانب الأخرى المتعلقة بالاستثمار.

التأثير على الموسم الزراعي

ولقياس أثر عدم وجود والٍ في ولاية النيل الأزرق لفترة طويلة، التقت (مدنية نيوز) بمدير غرفة انجاح الموسم الزراعي محمد موسى، الذي أشار إلى أن تكوين الغرفة له صلة بمستوى الحكومة الاتحادية، وتم التكوين في الولاية بواسطة والي الولاية السابق الراحل عبدالرحمن نور الدائم قوتة، وقال إن مهام اللجنة تمثلت في متابعة التقاوى للمزارعين والجازولين وفق خطة لجان وزارة الزراعة والتبليغ الفوري في حالات (السيول والفيضانات والآفات الزراعية) للغرفة الاتحادية عبر والي الولاية.

وأضاف أنه في نهاية الموسم الزراعي السابق تم رفع توصيات للوالي متمثلة في الإيجابيات حتى يتم تثبيتها والسلبيات وكيفية معالجتها في هذا العام، ولكن كان القدر أسرع فانتقل الوالي إلى رحمة مولاه، وبقيت التوصيات حيث تركها قبل وفاته، ولفت موسى إلى أن طول غياب تعيين الوالي له تأثير على الموسم الزراعي.

ارتباك المشهد السياسي

وفي سياق متصل بتأثير غياب الوالي على المشهد السياسي ذكر عضو تنيسيقة قوى إعلان الحرية والتغيير بالولاية محمد موسى هلال، أن أثر الفراغ الدستوري الذي حدث بعد وفاة الراحل قوتة كان أكبر على الحاضنة السياسية وظهر ذلك جلياً في عدم وجود التناغم الكافي بين الجهاز التنفيذي والحاضنة السياسية الذي بدوره أثر على كفاءة الحكومة.

وتابع: في حياة الراحل قوتة لعب دور رجل الدولة بامتياز، حيث كان حلقة الوصل بين كل فرقاء المجتمع، وأدى إسهامه في هذا المجال إلى استقرار الولاية من الناحية الأمنية وبرحيله أصبح هناك فراغ كبير ظهر في شكل صراعات مجتمعية مثل أحداث (المدينة ١١ و١٠) جنوب النيل الأزرق في مايو المنصرم، وكان من أسباب ذلك الصراع غياب دور رجل الدولة الذي يعمل بحزم لاستقرار الولاية.

وأبان هلال أنه في الجانب التنموي كانت هناك مجموعة من المشاريع عمل الوالي الراحل على إنجازها مثال (طريق المنطقة الغربية وسد بوط) ومع وفاته فقدت هذه المشاريع الاهتمام الكافي من التنفيذيين، وكل ذلك أقعد الأداء الحكومي حيث لم تعقد الولاية اجتماعاً بعد رحيل الوالي قوتة إلا اجتماع إجازة الميزانية وبعدها لم تجتمع إلى الوقت الحالي، وكل ذلك كان خصماً على تنمية ولاية النيل الأزرق.

ميزانية مراكز التصحيح على المحك

ومن ناحيته قال رئيس اللجنة التسييرية لنقابة عمال التعليم بولاية النيل الأزرق يوسف حسين أبو طالب، لـ (مدنية نيوز) إن النقابة لم تقم بعمل ملموس منذ وفاة الراحل قوتة، وذلك لارتباط عمل النقابة المباشر بوالي الولاية، ويزداد الأمر سوءاً هذه الأيام بعد اكتمال امتحانات شهادة مرحلة الأساس وعجز النقابة عن توفير حوافز المراقبين وتجهيز ميزانية مراكز التصحيح والمصححين والتي قدرت قيمتها بـ (2) مليار و (300) ألف جنيه، والتي كانت تصدق بواسطة الوالي، لذلك اعتبر رئيس اللجنة التسييرية للنقابة أن كل هذا القصور يعود لعدم تعيين والٍ لولاية النيل الأزرق لفترة تطاولت منذ وفاة الوالي السابق.

الخاتمة

ولاية النيل الأزرق من الولايات التي لها خصويتها لما عانته من ويلات الحرب والنزوح واللجوء والذي كان سبباً رئيسياً في انعدام التنمية بالولاية، فجاءت اتفاقية سلام السودان الموقعة في جوبا في (3) أكتوبر الماضي لتكون البلسم الذي يداوي جراحات الحرب حسب ما يرى مواطنون، حيث انصفت الاتفاقية الولاية للاستمتاع بنسبة (40%) من مواردها، ولكن قبل أن تطيب الجروح بصورة كاملة خطف القدر واليها فخيم عليها الحزن بفقدها لمن كان همه إعادة إعمار ما دمرته الحرب، ورغم ذلك لم ينقطع الأمل في خلفٍ يولي الولاية ذلك الاهتمام ويواصل ما انقطع من خطط ومشاريع تنموية، وفي الوقت الراهن تتصاعد الآمال والطموحات في والٍ جديد بكفاءة عالية، يمكنه تجاوز الفراغ الدستوري الذي كانت آثاره واضحة على كل قطاعات الخدمة المدنية والعسكرية بالولاية، ويسكتمل ما بدأ من مشاريع لينهض بالولاية ويلحقها برصيفاتها من الولايات الأخريات بعد تجاوز آثار الحرب، وهو ما يزيد المسؤولية على الوالي أحمد العمدة، الذي تم تعيينه بقرار من رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك، الأحد الماضي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *