جمعية نساء الخرطوم (3).. مبادرة للمشاركة المجتمعية والاهتمام بقضايا البيئة
الخرطوم: هيام تاج السر
(السودان في وضع انتقالي من حالة انكفاء المجتمع وكبت الحريات إلى التحول الديمقراطي، وهذا التغيير يتطلب منا الإحساس الكامل بالمسؤولية نحو الوطن)، هكذا بدأت الناشطة الحقوقية والاجتماعية والمهتمة بقضايا البيئة انتصار العقلي، رئيسة جمعية نساء حي الخرطوم (3) تلك الجمعية الفائزة بجائزة (المواطنة البيئية) المقدمة من مركز معتصم نمر للثقافة البيئية بالشراكة مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة.
وتم إعلان الفوز في يوم (5) يونيو الجاري الذي يوافق اليوم العالمي للبيئة، ومنحت الجائزة هذا العام لـ (3) فئات، نال جائزة الأفراد عثمان صالح، مؤسس مركز السودان لإنقاذ الحيوانات البرية، ونالت مجموعة نساء حي الخرطوم (3) جائزة فئة المجموعات على مبادرتهن بتحويل مكب نفايات لحديقة عامة، بينما فازت في فئة المؤسسات (مؤسسة ألوان الطيف الغنائية لفنون الأطفال) على دورها المميز في نشر الثقافة البيئية)، حيث العمل الفني المعروف (أوعك تقطع صفقة شجرة عشان ما يجينا جفاف وتصحر).
وتهدف الجائزة للتعريف بالمبادرات البيئية الإيجابية والإشادة بها وتشجيعها وتطويرها، وهي جائزة رمزية تقديرية غير مادية.
احتفاء بالجائزة
ووجد الفوز بالجائزة صدى في المجتمع، حيث أصدرت هيئة محامي دارفور بياناً خاصاً هنأت فيه جمعية نساء الخرطوم (3) ورئيستها انتصار العقلي بالفوز بجائزة (معتصم نمر) المواطنة البيئية لعام (2020-2021م).
وأشارت الهيئة في بيانها إلى أن صاحب (معتصم نمر) الرئيس السابق للجمعية السودانية لحماية البيئة توفي في حادث حركة بالدندر أثناء أداء رسالته في الحفاظ على البيئة.
ووصفت هيئة محامي دارفور جمعية نساء الخرطوم (3) بالرائدة في التوعية بالثقافة البيئية، ورأت أن تكريم الجمعية ورئيستها يمثل تكريماً لكل النساء اللائي يعملن بصمت في شتى ضروب الحياة وأهمها إصحاح البيئة.
جمعية حي نساء الخرطوم (3)
وقالت انتصار العقلي في إفادة لـ (مدنية نيوز) اليوم: بدأت تجربة جمعية نساء حي الخرطوم (3) بالرغبة في تغيير الحال داخل نطاق الحي، وأشارت إلى أن عمل الجمعية بدأ بإصحاح البيئة، بدعوة سكان الحي للنظافة أمام منازلهم واحترام المرافق العامة.
توسع النشاط
وأفادت رئيسة الجمعية أن النشاط تعدد ليشمل تدريب المرأة المنتجة على إدارة الأعمال والتسويق، وأقامت الجمعية (بازار أكتوبر) الذي شاركت فيه (36) سيدة بعرض منتجاتهن والترويج لها، وأن الجمعية اهتمت بصحة المرأة بنشر الوعي لتتجنب النسـاء مخاطر سرطان الثدي، وأضافت: “ثم انتقل النشاط إلى الدور الرياضي للجمعية بتشجيع الأسر للفتيات والأطفال على ممارسة الرياضة فتكونت (3) فرق لتنس الطاولة وكرة السلة والكرة الطائرة بأكثر من (72) طفلاً وفتاة”.
حملة للتجميل
وأوضحت انتصار العقلي، أن الجمعية دعت لحملة (لوّن لستك.. ما تحرق لستك)، والتي جاءت بعد الحريق لكميات كبيرة من (اللساتك) كأداة احتجاج في الشوارع والطرق العامة، أدت الغرض حتى سقوط النظام المخلوع، وأن دخان الحريق يتعب التنفس ويسبب إشكالات صحية للمصابين بالربو والتحسس بجانب اتساخ الشارع العام.
وتابعت أن عضوات الجمعية قمن بمشاركة أطفالهن بتلوين (اللساتك) بألوان مختلفة حيث وجدوا المتعة في خلط الألوان لتكوين لون إضافي جديد، وأن آخرين قاموا بشتل الشتول من زهور وورود وأشجار وعمل العمال على بناء أحواض للزهور التي حلت محل أكوام النفايات.
وأبانت رئيسة الجمعية أن البداية كانت في تقاطع لـ (3) شوارع مكونة (6) مداخل تجمعت فيها القمامة وصارت مكباً للأنقاض بفعل السكان والمارة من أصحاب السيارات، وقالت: “قمنا بإزالتها (7) مرات وفي الثامنة أعددنا العدة لزراعته بالزهور والورود والعناية اليومية به”، وزادت: “تناوبنا على مراقبته حتى كان الالتزام والعقد غير المكتوب بعدم رمي الأوساخ واستمررنا في تجميل عدد (5) مواقع، وهذا شجع آخرين لتنفيذ التجربة في نفس المنطقة، وتلقينا اتصالات من سكان حي الطائف لنقل التجربة ونفذوها بأفضل طريقة، وكذلك من سيدات من أحياء الدناقلة بحري وأركويت وغيرها”.
معوقات
أما المعوقات التي واجهت الجمعية فقد حددت انتصار العقلي أبرزها في السلوك الإنساني الرافض للتغيير مما ينعكس على عدم تجاوب البعض مع الجماعة الراغبة والفاعلة في التجديد وتحسين صورة الحي مثل التخلص من النفايات ومتابعة النظافة اليومية للشارع ورعاية الأشجار والحرص على زراعة الأشجار المثمرة، وذكرت: “المهم هنا النزوع إلى التغيير وصناعة الجماليات الأمر الذي يدفع الأفراد إلى المبادرة والدعوة للعمل الجماعي بالتأثير أو المحاكاة أو التعلم، ويمكن للتجربة أن تنتقل وتعم بين أفراد المجتمع في جلب الشتول وحفظ اسمائها وزراعتها وطلب المساعدة فى تنسيقها، علينا أن نبدأ ليعم الجمال وتسعد الروح ونرفع همة العمل”.
وأكدت رئيسة الجمعية أن استمرارية النظافة من التحديات التي تواجههن، لعدم ثبات نقل النفايات من الحي إلى المكبات المتوسطة بسبب عدم إيفاء الجهات المسؤولة بعملية النقل.
لا للاستسلام
ودعت رئيسة الجمعية، النساء لعدم الاستسلام واليأس في العمل العام، وأشارت إلى أن الجمعية بدأت عملها بعدد (7) عضوات ووصل عدد أعضائها في الوقت الراهن نحو (150) عضوا.
رسالة لنساء السودان
ووجهت رئيسة جمعية نساء حي الخرطوم (3) ومديرة منظمة أجيال للتنمية انتصار العقلي، رسالة لنساء السودان في المدن والقرى والأرياف باعتبارهن محور المجتمع، بالاهتمام بإصحاح البيئة الذي يؤدي لإصحاح الأسرة والفرد، وعدم التردد والتخوف والتقدم للعمل العام مع ضرورة الإصرار، وأبدت إصرار الجمعية على محاربة شجرة المسكيت لإضرارها بالبيئة وإيجاد بديل ناجح لتلك الشجرة.
ورأت انتصار العقلي، أن إصحاح البيئة في مناطق النزاع مسؤولية مشتركة للنساء عموماً والمنظمات والحكومات، ودعت للاهتمام بالبيئة ومعالجة القضايا المتعلقة بها لارتباطها بالنزاع، ومحاربة الجفاف والتصحر بزراعة الغابات وإقامة مشاريع بمشاركة مجتمعية.