حمدوك بين خطابي الأمل والبرم
بقلم: خالد فضل
حمدوك تطير عيشتو، لو كان ضيق الصدر، ضئيل الحظ من الصبر، محدود البصيرة ؛ لـ(حرد) عديييل كدة، وساب السودانيين ديل لخبوب وربوب ناس تحت الجزمة ولحس الكوع والزارعنا غير الله يجي يقلعنا، وغيرها من أناشيد الكراهية وزراعة الفتن والوعيد أو ترق كل الدماء، لو كان حمدوك فظّا غليظ القلب، لكان خطابه، عملاء وخونة ومرتزقة وطوابير، ولو كان فاقد تربوي أو كفيف الإنسانية لكان وعده وعيد، ولقتل عشرات الآلاف من السودانيين لأتفه الأسباب في دارفور، ولكانت طلعات الأنتنوف والبراميل المفخخة جهاد عنده في سبيل الله! ولكان إزهاق أرواح 30 ضابط في رمشة عين (جسارة)، ولكان قتل المواطنين العزل في بورتسودان وأمري وشوارع الخرطوم، وإغراق الطلبة في ترعة مشروع الجزيرة، واصطياد التاية أبوعاقلة ومحمد عبد السلام وبشير وطارق والنعمان لكان كل ذلك طهارة وتقربا لله، وسبحان الله وتنزه مقامه عن فعائل الذين صوروه وكأنّه مصاص دماء، يريقون له كل الدماء، ويقدمون له القرابين من أرواح البشر فداء!!.
لو كان حمدوك نمسا في إهاب داعية، ولصا في ثياب فقيه، وثعلبا في بزّة إعلامي، وكاذبا في وقاحة كاتب، لكان يقبض (الكوميشنات)، ليبني بها بيوت !!ولكان قد باع، احسب عندك، مشروع الجزيرة في دلالة الحصاحيصا، خط هثرو في دغمسة عارف والفيحاء، النقل النهري والبحري وسكة الحديد وكناف أبونعام، ونسيج شندي، وسودانير، والأشغال والنقل الميكانيكي، وميادين الأحياء وكلّ (الفجّات) !! ولو كان صحبه ممن تحملوا بنبل وجسارة كدأب الثوار، المسؤولية في أحلك الظروف، وأسوأ الأوضاع، وهم يخلفون أحطّ الناس قدرا في القيادة التي سطوا عليها بالإنقلاب (المكشوف)، والذي توعّد به صحفي باهت (الألوان) قبل بضعة أيام من حدوثه في ذاك التاريخ من العام 1989م. لو كان حمدوك منافقا باسم الدين، متاجرا بالخطب الجوفاء، يزأر كالأسد أمام هتافات تلاميذ المدارس، وينشر التاتشرات وبكاسي الأمن عند بوابات الجامعات، ويتوجس من منظمة حقوق إنسان، ويجرد الكتائب لسحق (ندوة)، ويزوّر انتخابات (اتحاد حفظة القرآن)، ثمّ ينبطح أمام حسني مبارك، ويسلم إخوانه في الله لقذافي ليبيا في السر، ويطرد بن لادن بعد أن يستولي على أمواله لتكون غنيمة لأخوان الصفا، وقاطني ضفاف الأنهار، لو فعل حمدوك هذا وأكثر منه بكثير، ثم عاد ليحدّث الناس عن (عزّة السودان) ويروي سرديات باكستاني (جدّة)، تركماني بغداد، لسقط عشرات المرات، سقوط أخلاقي، آه، قلت أخلاق !! وهل لمن ولغ في الدم الحرام أخلاق، وهل نحاكم بالأخلاق من لا أخلاق له من الأساس !! تبا لهولاء المأفونيين الذين من جهالتهم وضحالتهم ودنائتهم يتوهمون أن الناس يمتلكون ذاكرة (سمك)، فتراهم ينشرون الغثاثة والكذب، ويتزيأون بأزياء الواعظينا!!.
نعم د. عبدالله حمدوك رئيس الوزراء لحكومة الثورة المجيدة التي مهرها نضال 30 سنة، مهرها ملايين القتلى في كل شبر من البلاد التي كانت وسيعة، ملايين النازحين واللاجئين والمشردين، وبيوت الأشباح، رئيس الوزراء لم تأت به مؤامرات المجلس الأربعيني، وخيانة المرتشين ممن كانوا مظنة أمانة فإذا هم في صف الخيانة، لم تنصبه دانة وكلاشنكوف، بل هو كما معلوم لكل العالم، كان خيار الثوار، وحاز على اجماع غير مسبوق في تاريخ السودان، أخطأ أو أصاب هنا أو هناك، نجح أو أخفق في هذا الملف وذاك، كل هذا مفهوم، كما هو معلوم للكافة كم هو نزيه اليد، عفيف اللسان، يبعث خطاب الأمل في أحلك الظروف، بلادنا بحاجة إلى الأمل دوما، للخروج من متاهة وثقل سنوات الكذب التي حكمت لثلاثين سنة!! انظر إلى مارتن لوثر في مطلع ستينات القرن الماضي يصدع بالأمل (لدي حلم) بعد 40 سنة كان باراك أوباما (الأسود) يعتلي منصة البيت الأبيض في الولايات المتحدة الأمريكية ولدورتين انتخابيتين، مانيلا الأسطورة ولمدة 27سنة في زنزانة جزيرة روبن لم ينقطع عنه الأمل، فصار إلى ما صارت إليه جنوب إفريقيا بعد عقود (الفصل العنصري)، غاندي، في الهند، وغيرهم، لولا الأمل وخطاب الأمل لما حدث ما حدث لشعوبهم وبلدانهم من تقدم وازدهار. أقول بهذا، دون أن أمنح شيكاً على بياض لحمدوك وحكومته، هناك إخفاقات واضحة، وللحواضن السياسية جلطات فادحة، ولنا نحن الشعب عثرات كبيرة، فالبلدان تنهض بشعوبها، وأي تصور بأنّ حمدوك أو الحكومة هي التي ستفعل كل شئ عليه مراعة نفسه.