صراع العدالة في السودان والطريق إلى لاهاي
| الركيزة |
بقلم: أيمن سنجراب
يبدو أن الطريق لتحقيق العدالة في جرائم دارفور قد اقترب من محطة الإقلاع إلى (لاهاي) حيث مقر المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمة المتهمين بجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية.
ومؤخراً زار المدعي العام الجديد للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، السودان وعقد اجتماعات مع مسؤولين حكوميين ومن خلال حديثه في المؤتمر الصحفي الذي أقيم الخميس (12) أغسطس الجاري بمقر وزارة العدل بالخرطوم كشف عن عدم تحديد تاريخ معين لتسليم الرئيس المخلوع عمر البشير، المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية، وأفاد أنه عرف أن الحكومة ستتخذ قرارها في الوقت المناسب.
ومن خلال مجريات الأوضاع يبدو أن الحكومة والمدنيين على وجه الخصوص قد حسموا أمرهم من قضية المحاكمة وقرروا تسليم البشير والمطلوبين ليحاكموا في لاهاي، كما صرحوا بذلك علناً وهي من المرات النادرة التي يعلو فيها صوتهم على الشق العسكري، ويبدون في ذلك مسنودين تمام السند بالمجتمع الدولي، كما يرى مراقبون أن خطوة العدالة عبر الجنائية الدولية ستفتح الطريق أمام العدالة الانتقالية بإقناع الناجين بأن العدالة الانتقالية لا تعني الإفلات من العقاب.
ومن مؤشرات المضي بجد نحو تسليم الرئيس المخلوع وبقية المطلوبين الصادرة بحقهم مذكرات توقيف من المحكمة الجنائية الدولية إجازة مجلس الوزراء لمشروع قانون المصادقة على النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، والتصريحات بالصوت العالي بالتسليم، والزيارة السريعة للمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية للسودان بعد تسلمه مهامه في يونيو الماضي، وهي الزيارة الثانية للمحكمة عقب زيارة المدعية العامة السابقة فاتو بنسودا.
ومن بين الدلائل كذلك توقيع مذكرتي تفاهم بشأن التعاون فيما يتعلق بالمطلوبين، الأولى في عهد المدعية العامة السابقة وتختص بالتعاون في قضية المتهم علي كوشيب، والثانية تم توقيعها في الزيارة الأخيرة للمدعي العام وتختص بالتعاون في القضايا المتعلقة بالمطلوبين جميعهم، بالإضافة إلى فتح مكتب بالخرطوم يتبع لمكتب المدعي العام، والتعاون الكبير الذي وجده كريم خان ووفد مكتبه خلال زيارتهم للسودان، وإعلانه تسجيل زيارة أخرى في نوفمبر القادم.
ومما يمكن القراءة عليه في مسألة حسم خطوات تسليم المطلوبين، الدعم الأمريكي الذي وجده قرار مجلس الوزراء تسليم المطلوبين للجنائية الدولية، وبيان سفراء ورؤساء بعثات دبلوماسية في السودان دعماً لزيارة المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، وهي: (كندا، الاتحاد الأوروبي، فرنسا، ألمانيا، ايرلندا، إيطاليا، هولندا، النرويج، أسبانيا، السويد، سويسرا، المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية).
وبعد كل هذه الأحداث المتتالية هل يجرؤ العسكريون على السعي لتعطيل تلك الخطوات التي قطعها مجلس الوزراء خوفاً من أن تطالهم مذكرات التوقيف، مما يقودهم لمواجهة المجتمع الدولي الذي سعوا لكسب وده خاصة في قضية التطبيع مع إسرائيل، حيث يدعم المجتمع الدولي بثقل كبير المحكمة الجنائية الدولية وفي هذا الإطار تجدر الإشارة إلى أن قرار إحالة قضية دارفور للجنائية تم من قبل مجلس الأمن الدولي، وكل ذلك يقرأ مع النفس الطويل للمجتمع الدولي بإصراره على العدالة الدولية لأكثر من (16) عاماً، فهل يتمكن الجناة من الإفلات من العقاب؟ أم يتحقق مضمون حديث المدعي العام الأسبق للجنائية الدولية لويس مورينو أوكامبو، الذي وجه خطاباً شديد اللهجة للمطلوبين في السودان بقوله (لن يفلتوا)؟!