وحدة الوسط الصحفي.. آمال الوصول لنقابة تقتلع الحقوق وتثبت دعائم الديمقراطية
تقرير: محمد إبراهيم
شهدت نهاية الأسبوع الماضي فرض واقع جديد لدى الوسط الصحفي في السودان، حيث أعلنت (3) كيانات صحفية توقيعها على بيان مشترك.
ونتجت تلك الوحدة عن مبادرة قادها الصحفي والكاتب الصحفي المدافع عن حقوق الإنسان فيصل الباقر، ميسر الحوار والاجتماعات، بناءً على مبادرات سابقة أبرزها مبادرة توحيد الوسط الصحفي حول اللجنة التمهيدية ونقابة الصحفيين بقيادة عميد الصحفيين السودانيين محجوب محمد صالح، ومبادرة أخرى قدمتها الصحفية سلوى غالب والصحفيان ماجد القوني ومحمد عبد العزيز.
وأعلنت تلك الكيانات وحدتها نحو نقابة للصحفيين، والاتفاق على تشكيل لجنة للوصول للنقابة، وأمنت الكيانات الثلاثة في بيانها على إيقاف التراشق الإعلامي وتعزيز العمل المشترك لاستكمال مهام ثورة ديسمبر المجيدة. والكيانات الموقعة على البيان هي: (لجنة استعادة نقابة الصحفيين السودانيين، اللجنة التمهيدية لنقابة الصحفيين السودانيين، منصة التأسيس لنقابة الصحفيين السودانيين).
البيان المشترك كان صداه لدى القواعد في الوسط الصحفي كالبلسم الشافي، وتداوله الصحفيات والصحفيون والإعلاميات والإعلاميون في صفحاتهم ومجموعاتهم، باعتبار أن هذه الخطوة تعيد للوسط الصحفي قوته التي كان سرها في الوحدة والعمل المشترك، وتفضي لتعزيز الحريات الصحفية وبناء مؤسسات إعلامية تحافظ على حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية.
بداية الخلاف
للصحفيين والصحفيات باع طويل في مقارعة الأنظمة الدكتاتورية والشمولية في البلاد، مروراً بفترة نظام الجبهة الإسلامية التي أحكمت قبضتها على السودان بالدم والدموع التي استخدمها الصحفيون والصحفيات والكتاب المؤمنون بالحريات والديمقراطية مداداً واجهوا به عصف السلطة وجبروتها. وللصحفيين قدر عظيم في ثورة ديسمبر المجيدة، ولا سيما أن شبكة الصحفيين السودانيين هي من أقدم الأجسام المهنية التي أعلنت منذ عام 2008 مناهضتها لنظام حكم البشير، وهي التي ساهمت مع غيرها من الأجسام في تأسيس تجمع المهنيين السودانيين الذي أفضى لصناعة ثورة شعبية فرضت وجودها في سجلات التاريخ الإنساني بأحرف من نور وهي ثورة ديسمبر 2018م.
وبعد انتصار الثورة انقسمت مجموعات من الشبكة وتأسست لجنة استعادة نقابة الصحفيين، وكان الخلاف حول توقيت التوجه نحو النقابة، إذ ترى سكرتارية الشبكة أن التوقيت غير مناسب لعقد الاجتماع الخاص بالسير نحو النقابة باعتبار أن الوقت للمواجهة مع النظام وذيوله وأن الأوان لم يحن حتى بعد الاعتصام وإعلان سقوط البشير في (11) أبريل.
وفي مقابل تلك الرؤية كانت المجموعة المنقسمة (لجنة استعادة النقابة)، تشدد على ضرورة انعقاد الاجتماع للوصول للنقابة، وعقدت اجتماعها في مايو 2019م، وأعلنت الوصول للجنة تمهيدية لاستعادة نقابة الصحفيين، التي طالها الانقسام لاحقاً بتشكيل لجنة منصة التأسيس لاستعادة نقابة الصحفيين.
ومع استمرار الانقسام تدخل عميد الصحفيين السودانيين محجوب محمد صالح بمبادرة لطي صفحات الخلاف وتوحيد القاعدة الصحفية من أجل استعادة أمجاد الصحافة السودانية عبر الاتفاق على لجنة تمهد للوصول لنقابة الصحفيين. وفي (22) يوليو 2020م تم الاتفاق على قائمة موحدة سميت (اللجنة التمهيدية لنقابة الصحفيين السودانيين)، إلا أنه ورغم ذلك الاتفاق دبت الاختلافات مجدداً، لتتم جهود ميسر الاجتماعات فيصل الباقر في الإعلان عن الوحدة مؤخراً.
وحدة الوسط
وأعلنت الأطراف تجاوزها لكل الخلافات السابقة التي أفضت لواقع منقسم في الوسط الصحفي، واتفقت حسب البيان الذي صدر في (28) أغسطس الجاري على (الشروع اعتباراً من هذه اللحظة التاريخية – كل من موقعه – للعمل بجد، وهمة عالية، ومسؤولية لتحقيق تطلعات الوسط الصحفي في نقابة حرة ديمقراطية والامتناع عن أي تراشق أو تصعيد إعلامي متبادل، وتكريس كل الطاقات من أجل تحقيق آمال وتطلعات الوسط الصحفي). وخلصت المناقشات المشتركة للاتفاق على تأسيس نقابة مهنية للصحفيين والصحفيات بمسماها التاريخي نقابة الصحفيين السودانيين.
وأشار البيان الذي تحصلت (مدنية نيوز) على نسخة منه يوم إعلانه إلى احتكام نقابة الصحفيين السودانيين عند إعادة تأسيسها على مرجعية الجمعية العمومية للصحفيات والصحفيين، والقانون الخاص لنقابة الصحفيين تجيزه الجمعية العمومية، باعتبار أن ذلك هو الوضع التاريخي الملازم لتكوين نقابة الصحفيين السودانيين حتى حلّها من قبل النظام المباد بعد انقلابه في ٣٠ يونيو ١٩٨٩م، بجانب إعداد سجل للعاملين بالمهنة والمشتغلين فيها حسب تعريف الصحفي/ة المنصوص عليه في النظام الأساسي لنقابة الصحفيين السودانيين ولائحة السجل الصحفي.
خطوات عملية
ولفت البيان المشترك إلى أنه لإنفاذ ما تم الاتفاق عليه اتفقت الأطراف على (تكوين لجنة مشتركة من الأطراف الثلاثة من ١٥ زميل/ة، بتمثيل متساوٍ، تتولّى تنفيذ المهام التالية “إعداد مشروع قانون نقابة الصحفيين السودانيين، إعداد مشروع ميثاق الشرف الصحفي”، وتقوم اللجنة المشتركة بوضع مصفوفة لانجاز تكليفاتها خلال “30” يوماً، كحد أقصى يتبعها فتح السجل والطعون لمدة “15” يوماً، على أن تتم الدعوة للجمعية العمومية للنقابة، خلال “15” يوماً من فتح باب الطعون “أي 60 يوماً” من تاريخ أوّل اجتماع للّجنة المشتركة، والذي تحدّد يوم 1 سبتمبر 2021).
وأعلن البيان المشترك على تكوين لجنة فرعية مشتركة للبت في ملف اللجنة التسييرية لاتحاد الصحفيين، في مُدّة أسبوع، قابلة للتمديد لأسبوع آخر من تاريخ أوّل اجتماع للجنة. وشدد الاجتماع على ضرورة العمل المشترك في الوسط الصحفي لتنوير القاعدة الصحفية بأهمية وحدة الرؤى بين الأجسام الصحفية الملتزمة ببرنامج ثورة ديسمبر المجيدة عن طريق تطوير فعاليات العمل المشتركة من بيانات وندوات ومؤتمرات وورش. وأعلن البيان تأكيد الأطراف على التزامها بالعمل معاً من أجل توحيد الوسط الصحفي وإنفاذ القضايا الاستراتيجية.
آمال معلقة
وكان الوسط الصحفي ينتظر تلك الوحدة باعتبار أن الانقسامات التي طالت الكيانات الصحفية قد أثرت على أوضاع الصحفيات والصحفيين حيث لا تزال (مجازر) الفصل الجماعي مستمرة، بالإضافة إلى تدهور بيئة العمل وتردي الأجور، بجانب ما يتعلق بحقوق الصحفيين المرتبطة بالتأمين الصحي والاجتماعي وقضايا التدريب والتأهيل وغيرها. ويأمل الوسط الصحفي في استكمال الحوار من أجل الوحدة وصولاً لنقابة حرة ومستقلة وديمقراطية، وتعمل مع غيرها في تثبيت دعائم الديمقراطية في السودان.