الاتجار بالبشر.. جهود مستمرة للتصدي للجرائم في فترة الانتقال الديمقراطي
الخرطوم: أم سلمة العشا
تظل قضية الاتجار بالبشر من القضايا المؤرقة دولياً، وتجابه الدولُ تحدياتٍ جساماً من أجل توفير الحماية للبشر والمساواة بينهم والتركيز على التدابير القانونية وتكثيف التعاون بين أجهزة تصريف العدالة، وفي سبيل ذلك أولى السودان اهتماماً بمعاونة ودعم ومساعدة شركائه من الدول التي تعمل للحد من ظاهرة الاتجار بالبشر، وكانت خطواته بشهادة المجتمع الدولي بأنه أحرز تقدماً في مكافحة تلك الظاهرة والتصدي للجرائم المرتبطة بها.
وأكد وزير العدل د. نصر الدين عبد الباري، التزام الدولة بالتصدي لجرائم الاتجار بالبشر وجرائم استغلال الإنسان لأخيه الإنسان، خاصة عندما تدفعه الظروف للهجرة.
تعهد بمزيد من التقدم
وقال الوزير خلال حفل إطلاق الخطة الوطنية الثلاثية لمكافحة الاتجار بالبشر 2021- 2023م، الذي نظمته اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر، بالتعاون مع مشروع تحسين إدارة الهجرة بفندق السلام بالخرطوم يوم أمس الاثنين، قال: (ليس هناك إنسان أقل إنسانية من الإنسان الآخر)، وأضاف: (علينا كدول توفير الحماية للبشر والمساواة بينهم والتركيز على التدابير القانونية وتكثيف التعاون بين أجهزة تصريف العدالة).
وأشار نصر الدين، إلى أنه خلال العام الماضي تمكن السودان من الخروج من قائمة المستوى الثاني الأدنى إلى المستوى الثاني الأعلى في الاتجار بالبشر، وذكر: (سوف نحرز مزيداً من التقدم لأن السودان الجديد الذي يتشكل بعسر شديد لا يرضى إلا بالقمة في صيانة كرامة الإنسان).
التصدي للجرائم
ودعا وزير العدل، لتكثيف الجهود والتعاون على المستوى المحلي والعالمي، والعمل على تعزيز الأطر القانونية حتى يتم التصدي لجرائم الاتجار بالبشر (التي نتجت عن مشكلات إنسانية تتمثل في الأزمات الاقتصادية والاستبداد السياسي والإنسان نفسه)، وأكد الاستمرار في التعاون مع المنظمات الدولية التي تهدف لصيانة كرامة الإنسان.
وأكد وزير العدل، تقديره لجهود أعضاء اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر، (لما قدموه من عمل بكل جد ونشاط)، كما لفت لجهود الشركاء الدوليين من الاتحاد الأوروبي والتعاون الألماني والمجلس البريطاني والسفارة الأمريكية، وأشار لتعاون تلك الجهات مع اللجنة الوطنية.
تحقيق ومحاكمات
ومن جانبه أكد سفير الاتحاد الأوروبي روبرت فان دوول، وجود إنجازات ومجهودات قام بها السودان في مجال مكافحة الاتجار بالبشر بالتحقيق والمحاكمات مع تجار البشر وحماية الضحايا، وأثنى على الحكومة السودانية لتمكنها من إطلاق خطة العمل الوطني.
وقال سفير الاتحاد الأوروبي، إن هناك (40) مليون شخص هم ضحايا الاتجار بالبشر يتعرضون لأسوأ التعامل ويصادرون جوازاتهم، وتابع: أن السودان دولة عبور بحكم الموقع الجغرافي، وأن الهدف من البرنامج هو تمكين المؤسسات الوطنية بتيسير هجرة آمنة وشرعية ومحاربة الهجرة غير الشرعية والتركيز على الحماية وتوسيع فرص كسب العيش، وأكد دعم الاتحاد الأوروبي للسودان في هذا الشأن.
متابعة وتقييم
ومن جهتهم أمن عدد من المشاركين في الحفل على ضرورة تقييم احتياجات اللجنة الوطنية ووضع خطة مالية وآلية للمتابعة والتقييم، واعتبروا أن المسؤولية في ذلك تشاركية، إضافة إلى أن هناك ضرورة لوجود لجان فرعية في الولايات وإشراك منظمات المجتمع المدني والحاجة للمسح للمنظمات التي تقدم الدعم النفسي والقانوني. وأجمع المشاركون على أهمية تأهيل المشاركين في تنفيذ الخطة، وكيفية عمل الأثر المستدام وإنشاء المحاكم المتخصصة ونظام الإحالة الوطنية لتعزيز قيم المساواة والحقوق وحماية الضحايا.
قرارات إيجابية
وصادق السودان على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية في (10) ديسمبر 2004م، وبروتكول الاتجار بالأشخاص في (2) ديسمبر 2014م. في المقابل قررت الإدارة الأمريكية رفع اسم السودان من قائمة الدول المتورطة في تجنيد الأطفال، وأكدت تقدم السودان في مجال محاربة الاتجار بالبشر. وأعلنت الخارجية الأمريكية إزالة اسم السودان من قائمة الدول المتورطة في تجنيد الأطفال. وفي (تغريدة) سابقة لسفارة الولايات المتحدة بالسودان، فإن السودان تمكن من تحسين سجله في مكافحة الاتجار بالبشر رغم التحديات التي فرضتها (جائحة كورونا)، وذلك من خلال بذل مزيد من الجهود بشكل عام، وتم رفع تصنيفه إلى المستوى الثاني في تقرير الإتجار بالبشر لعام 2021م.
متطلبات مرحلة
ومن ناحيتها ذكرت وكيلة وزارة العدل رئيسة اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر سهام عثمان محمد، أن اللجنة ستعمل على إنفاذ الخطة الوطنية بكل جدية، وأن الخطة تأتي تلبية لمتطلبات المرحلة.
وقالت وكيلة الوزارة ورئيسة اللجنة خلال تدشين خطة العمل الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر، إن السودان يتوسط أكثر المناطق نشاطاً في المنطقة، ويعد موطناً للفارين من ويلات الحروب ويستقبل ملايين المهاجرين واللاجئين رغم الظروف التي يعاني منها.
وأبانت سهام، أن الخطة الثلاثية شاركت فيها العديد من المؤسسات، وأن الخطة ركزت على المنع والحماية والملاحقة الجنائية، وأشارت إلى أهمية الدور الآمنة لضحايا الاتجار بالبشر والتي تحتاج إلى كوادر مؤهلة وتأسيس اللجان الفرعية بالولايات، ونبهت لدور الشركاء الدوليين الذي وصفته بالعظيم في تحقيق الأهداف المشتركة.
أهداف وتحديات
وبدوره رأى مدير إدارة الدعاوى بالسفارة الألمانية أوليفر فوقل، أن إطلاق الخطة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر يمثل معلماً بارزاً في مجال مكافحة الاتجار بالبشر، وقال إن الأهداف الرئيسية والتحديات لا تزال قائمة وهي (تيسير الهجرة الآمنة، ومكافحة الهجرة غير الشرعية خاصة).
وأكد أوليفر، ضرورة تضافر الجهود المحلية والدولية لحفظ حقوق المهاجرين ومساعدتهم، وقال: (نحن مصرون على مساعدة السودان في التدريب والدعم النفسي)، ونقل تقديرهم لجهود كل الشركاء في هذا المجال.
وتهدف الخطة إلى تقليل عدد الأشخاص المعرضين للاتجار بالبشر، ورفع مستوى الوعي العام وزيادة الاهتمام بمسألة الاتجار بالبشر، إضافة إلى حماية ورعاية ودعم ضحايا الاتجار بالبشر، والعدالة الجنائية، والمشاركة على المستوى المحلي والوطني والإقليمي والدولي في هذا المجال.