جمعت شباباً من (النيلين) الأزرق والأبيض.. انعقاد ورشة لصناعة الدستور في السودان
النيل الأزرق: هويدا من الله
نفذ المركز الإقليمي لتدريب وتنمية المجتمع المدني والمبادرة السودانية لصناعة الدستور بالشراكة مع نقابة المحامين الأمريكيين بقاعة السدود بمدينة الرصيرص في الأول والثاني من سبتمبر الجاري، مشروع دعم الشعب السوداني لإعداد دستور جديد يمثل عقداً اجتماعياً يفضي إلى سودان سلمي ديمقراطي.
وقدمت في الورشة التي أقيمت بحضور شباب من ولايتي النيل الأزرق والنيل الأبيض، العديد من الأوراق وكانت الورقة الأولى عن المبادئ الأساسية لوضع الدستور، وأهمية صناعته قدمها خبير القانون الدستوري هيثم عباس الشريف.
تجارب
وتناولت الورقة تعريف الدستور وطرق إنهاء الدستور وتجارب الدساتير السودانية ابتداءً من دستور (ستنالي بيكر) مروراً باتفاقية الحكم الذاتي سنة 1953م، ودستور السودان المؤقت عام 1956 والإعلانات الدستورية والأوامر العسكرية منذ العام 1958 وحتى 1964م والدستور الإسلامي والإعلانات الدستورية 1969حتى 1973، ودستور السودان الانتقالي 1985م، والمراسيم الدستورية الـ (14) لسنة 1989م ودستور السودان الانتقالي الناتج عن اتفاقية نيفاشا 2005م، وختاماً مشروع الدستور الجديد.
كما قدمت الورقة ملاحظة على عدم استقرار الدساتير والصفة المؤقته لها، ولفتت إلى أن الأنظمة الشمولية أعدت الدساتير فيما فشلت في ذلك الأنظمة الديمقراطية.
وأشارت الورقة لتجربتي جنوب أفريقيا وكينيا، ودور المجتمع المدني في عملية الإصلاح الدستوري.
الدستور والحكم الذاتي
ومن جانبه تناول عبدالله عباس كارا، في ورقته القضايا المتعلقة بالدستور والحكم الذاتي، وعرف فيها الحكم الذاتي بأنه نظام سياسي وإداري واقتصادي يحصل فيه إقليم أو أقاليم من دولة على صلاحيات واسعة لتدبير شؤونها، بما في ذلك انتخاب الحاكم والتمثيل في مجلس منتخب يحمي مصالح الإقليم.
وتطرقت الورقة إلى الحكم الذاتي والدستور وإقرار الدستور والحكم الذاتي والسلطات التي يمارسها الإقليم والسلطات المشتركة بينه والحكومة القومية ونطاق سريان الحكم، وممارسة التشريع في أقاليم الحكم الذاتي.
كما عرفت الورقة الحكم الذاتي في المنطقتين (جنوب كردفان والنيل الأزرق)، ونظام الحكم فيها والسلطات الحصرية للولاية/الإقليم وهياكل وسلطات الحكم فيها.
حقوق الأقليات
وفي ختام اليوم الثاني من الورشة قدم عبد العاطي محمد الفكي، ورقة بعنوان (حقوق الأقليات وآليات سيادتها)، وحقوق النوع الاجتماعي وقدم نماذج للصراعات الإثنية بين جماعتي الأقلية والأغلبية، واعتبر ذلك ظاهرة دولية لم تستثنِ حتى الدول المتقدمة، وقال: (لذلك تظهر بشكل أكبر في المجتمعات التقليدية نظراً لبساطة تركيبة بنيتها وصعف انصهارها الذاتي)، واستدل على ذلك بثورات الربيع العربي التي أدت إلى سقوط الأنظمة الاتوقراطية وإجبارها على القيام بإصلاحات سياسية ودستورية، فكانت قضية الأقليات حاضرة في المناقشات التي سبقت إعداد الدساتير الجديدة كدستور المغرب (الأمازيق) في عام 2011، ومصر وتونس في 2014م.
مشكلة التعريف
ولفت مقدم الورقة إلى مشكلة تعريف الأقلية في القانون الدولي، حيث لا يوجد تعريف مقبول على نطاق الأقليات، واستدل في ذلك على نص المادة (27) في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية سنة 1966 بأنه لايجوز في الدول التي توجد بها أقليات إثنية أو دينية أو لغوية أن يجرم الأشخاص المنتسبون إليها، وأوضحت الورقة أن هذه المادة بها حماية قانونية للأقليات ولكنها حملت ثغرات كثيرة وهي عدم توضيحها للجماعات المعنية بالحقوق الواردة فيها.
ونوه عبد العاطي محمد الفكي، في ورقته (حقوق الأقليات وآليات سيادتها) إلى أن بعض الدول ترفض منح صفة أقليات وتستبدلها بصفات أخرى، مثل الفلبين وبلجيكا حيث أسموها الجماعات الثقافية، وأن أوربا تسميهم القوميات الوحيدة، وفي الرومان تسمى بالقوميات المتعايشة، بافتراضهم أن مصطلح أقلية يكرس لهيمنة الأغلبية على الأقلية.
وقالت الورقة إنه بالمقابل ترفض (الأقليات) ذلك المصطلح أيضاً اعتقاداً منها أنه يمثل انتقاصاً من قيمتها ويحمل معنى قدحياً في حقها.
تملص من الالتزامات
واختتم عبدالعاطي، ورقته بأنه لا يمكن تفكيك إشكالية الأقليات في ظل غياب تعريف موحد مقبول على نطاق واسع لهذه الفئة، وذكر: (فهذا الغموض الذي يلف مفهوم الأقلية يعيق تحسين الأوضاع السياسية والاجتماعية والثقافية لجماعة الأقليات وتستقله مجموعة من الدول في إنكار وجود أقليات على ترابها، والتملص بذلك من التزاماتها السياسية والقانونية والدستورية تجاه تلك الفئة.