الأحد, مارس 30, 2025
اقتصادتقارير

(المركوب السوداني).. صناعة يدوية تقاوم الاندثار

الفاشر: هانم آدم
يُطلق على الحذاء السوداني التقليدي المصنوع من الجلد اسم (مركوب)، ويجمع على (مراكيب)، وهو حذاء رجالي يُصنع من جلود الحيوانات، وبدأت هذه الأحذية بمركوب يدعى (كلودو)، وهنالك حذاء يدعى (أبو أضينة)، ثم المركوب التقليدي الذي استمرت صناعته حتى اليوم.

وتعتبر صناعة (المراكيب) من أقدم وأعرق الصناعات اليدوية في السودان، وتتميز بها مناطق عدة، وتعتبر دارفور من أشهر هذه المناطق، فالمركوب (الفاشري) المنسوب إسماً لمدينة الفاشر، من أشهر وأجود الأنواع، وارتبط بمدينة الفاشر وكذلك مركوب مدينة (الجنينة)، كما تتميز مدينة (الأبيض) كذلك بهذه الصناعة، ويعتبر سوق المراكيب (زريبة العيش) سابقاً من أشهر الأسواق بالمدينة.

وفي المساحة التالية تجولت (مدنية نيوز) بسوق الفاشر للمراكيب، وجلست مع التجار واستنطقتهم عن الصناعة وأنواع المراكيب، ومقاومة المركوب السوداني لما استجد من أحذية منتجى بالآلات.

أدم أحمد والذي يقع محله أقصى شمال سوق الفاشر وجدناه منهمكاً في صناعة أحد المراكيب، وبقربه جلس أحد الصبية العاملين معه، وهو مشغول بصب قوالب (مقاس) عدد من المراكيب، اقتربنا منه واستفسرناه عن بداية صناعة المراكيب بالسوق، سرح طويلاً وعاد بذاكرته للخلف في محاولة منه لتذكر انشاء السوق، ثم أصلح جلسته وقال إن صناعة المراكيب ما زالت محافظة على الرغم من غلاء مواد التصنيع وشح الأريَاح، وأضاف أن من أهم الجلود التي تُستخدم في صناعة المراكيب هي (جلد الثعبان النيجيري) والذي يتم استيراده من دولة نيجيريا، و(جلد الأصلة) ويتم جلبه من منطقة بُرام في ولاية جنوب دارفور، بجانب (جلد التيس).

وأضاف: (في الماضي كانت صناعة المراكيب تنحصر في (٣٠) دكاناً بالسوق فقط، ولكن حالياً توسعت في سوق نيفاشا وسوق المواشي، بجانب أن هناك أشخاصاً يمارسون صناعة للمراكيب بالمنزل)، واستبعد أحمد أن يندثر المركوب، وأشار إلى أن هناك تطوراً في الصناعة وهناك إقبال متزايد عليه خاصة مركوب (جلد الثعبان والأصلة) السودانية، موضحاً أن كبار المسؤولين يحبون لبس المركوب المُصنع من جلد الثعبان، وهذا النوع يستخدم كهدايا وإرث دارفوري أصيل.

وشكا -صانع المراكيب- من ارتفاع أسعار المواد، وقال إن الصناعة مكلفة، وتتراوح القوة الشرائية ما بين مركوب إلى اثنين أو تصل إلى أربعة مراكيب في اليوم، وعن أسعار المراكيب أوضح أن جلد الثعبان يصل سعره إلى (١٣) ألف جنيه، والأصلة (٧) آلف جنيه، أما جلد الماعز فلا يتجاوز سعره (٥) آلف جنيه، وأعرب عن أمله في أن تتطور صناعة المراكيب ويتم استخدام الآلة بدلاً عن اليدين.

وأثناء تجوالنا داخل السوق وفي شارع صناعة المراكيب، دلفنا إلى مكان نور الدائم محمد آدم، والذى قال إن صناعة المراكيب حرفة وصناعته واحدة، سواءٌ كان في الجنينة أو الفاشر أو الخرطوم، ولكن تختلف المسميات. وكشف محمد عن مزارع لتربية الثعابين في نيجيريا والتي يستورد منها رجال الأعمال جلد الثعابين، ولفت إلى أن جلد الأصلة يأتي من منطقة أم دافوق بولاية جنوب دارفور، حيث يتم اصطيادها من البرك والبحيرات، ويتم تجميعها في يوم معين للأسواق، ويُباع فيها بجانب جلد الأصلة جلد الورل.

وإشار إلى أن سوق المراكيب كان حرفة في القرى الصغيرة، ومنها انتقل إلى المدن، وقد خصصت الحكومة بمدينة الفاشر هذه المباني، وقسمتها للحرفيين بإيجار شهري، مضيفاً أن أشهر وأكبر منطقة لصناعة المراكيب هي منطقة مليط، والتي تشتهر بجودة صناعتها وجمال أشكالها الهندسية، وكشف عن تحديات وصعوبات تواجه صناعة المراكيب، أهمها عدم وجود مدبغة في الفاشر، وأن جلود البقر المدبوغة تأتي من الخرطوم من مدبغة النيل الأبيض سابقا، أما عن أسعار المراكيب أشار إلى أنها تتراوح بين (15) ألفاً إلى (4) آلاف جنيه، ومركوب جلد الثعبان بـ (15) ألفاً، مركوب الأصلة بـ (7) آلاف، أما الباكنة وهو جلد البقر بـ (5) آلاف، وأخيراً جلد الماعز بـ (4) آلاف جنيه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *