الخميس, نوفمبر 21, 2024
اقتصادمجتمع

القطن المحور وراثياً.. تحذيرات من المخاطر ومطالبة بتدخل رئيس الوزراء

القطن المحور وراثياً.. تحذيرات من المخاطر ومطالبة بتدخل رئيس الوزراء

الخرطوم: مدنية نيوز

برزت قضية اعتماد وزراعة القطن المحور وراثياً إلى دائرة الاهتمام مجدداً والتي يعتبرها المهتمون بالمجال الزراعي من أكبر القضايا الزراعية المثيرة للجدل العلمي في السودان منذ قرار اعتماده في العام 2012م، وقد صدرت العديد من القرارات والتوصيات المؤيدة والرافضة لزراعته، وتضاربت الأمور واختلطت نتيجة التدخلات السياسية خلال عهد النظام السابق وحتى عهد حكم المجلس العسكري الانتقالي الذي جمد قراراً فنياً بإيقاف زراعة القطن المحور، ولم يحسم الجدل حتى تسلم الحكومة المدنية الانتقالية مقاليد السلطة، لتتجدد المطالبات من الجهات المختصة وعلى رأسها مجلس السلامة الحيوية القومي والجمعية السودانية لحماية البيئة والجمعية السودانية لحماية المستهلك بوقف زراعة البذور المحورة.

جدل في عهد النظام البائد:

ثار جدل كثيف خلال عهد النظام السابق، حول جدوى زراعة البذور المحورة وراثياً وتضاربت الآراء الفنية، وتزايد الجدل بعد أن أقدمت بعض الشركات الأجنبية على زراعة أنواع القطن المحور وراثياً مستفيدة من التجاوزات التي منحتها لها مؤسسات النظام السابق، حيث بدأت زراعة القطن المحور وراثياً في السودان في العام 2012م حين أعلن وزير الزراعة والغابات آنذاك د. عبد الحليم إسماعيل المتعافي، عن نجاح تجربة زراعة هذا الصنف المحور في مزرعة بمنطقة شمبات في الخرطوم بحري استمرت لمدة عامين، وحسب الجمعية السودانية لحماية البيئة زعم الوزير أن هذه النوعية من الأقطان مقاومة للآفات والأمراض، كما زعم أن إنتاج الفدان الواحد بلغ (18) قنطاراً، غير أن التجارب الحقلية حسب الجمعية أثبتت عكس ذلك إذ احتاج القطن إلى (3) رشات بالمبيدات، وتراوح إنتاج المساحة المزروعة بين (1) قنطار إلى (5) قناطير، على خلاف ما بشرت به وزارة الزراعة بأن إنتاجه سيصل إلى (14) قنطاراً.

تراكم الديون:

وأكدت الجمعية أنه نتج عن ذلك تراكم الديون على صغار المزارعين بسبب ارتفاع تكلفة الإنتاج وخاصة التقاوى التي يبلغ سعر الكيلو جرام منها (67) دولاراً، ويحتاج الفدان الواحد إلى (8) كليو جرامات (بتكلفة كلية 536 دولاراً للفدان الواحد)، بالمقارنة مع تكلفة التقاوى غير المحورة وراثياً والتي لا تتعدى دولاراً واحداً للكيلو جرام. 

وفي مطلع أغسطس الماضي أعلن مجلس السلامة الحيوية القومي، إيقاف زراعة أصناف من القطن المحور وراثياً، ووجّه وزارة الزراعة والغابات والوزارات المختصة بالولايات، بالتحكّم في إنتاج وتداول تقاوى القطن المعدلة جينياً التي تمت إجازتها وفقاً لقرار المجلس بالرقم (18) لسنة 2012م.

وقف وإبادة:

وطالب الرئيس المناوب للمجلس أبوبكر إبراهيم، بوقف زراعة القطن غير المجاز من صنف (RR)، وإبادته بصورة فورية في مناطق زراعته بالبلاد، وأكد ضرورة التحكم في دخول مبيد (الجلايفوسيت) تحت مسمياته المختلفة بحيث يستخدم فقط للأغراض المُوصى بها، وشدد على مساءلة كل من يخالف القرار تحت طائلة قانون السلامة الحيوية القومي لسنة 2010م.

من جهتها ظلت جمعية حماية المستهلك تنتقد باستمرار زراعة القطن المحور بكل أنواعه، وهي تؤكد أن بعض الشركات الأجنبية استفادت من تجاوزات منحها لها النظام السابق منذ العام 2012م تحت ذريعة مقاومة القطن المحور لآفات الزراعية، لكن التجربة أثبتت عكس ذلك واحتاج زارعو هذه الأصناف لاستخدام المبيدات لمكافحة الآفات مما أرهقهم مالياً، بالإضافة إلى نشوء أجيال جديدة من الآفات المقاومة للمبيدات نتيجة لدخول عوائل لم تكن معروفة في السودان.

وأوضحت الجمعية أن المخالفات استمرت في هذا الجانب حتى أن إحدى الشركات الأجنبية أقدمت على استنباط صنف عبارة عن تهجين وراثي بين صنف صيني وآخر سوداني دون موافقة اللجنة الفنية التي شكلها مجلس السلامة الإحيائية.وشددت الجمعية السودانية لحماية المستهلك على أنها كانت واضحة الرأي منذ البداية، حيث ترى أن السودان بلد عضوي طبيعي ولا يحتاج الأصناف المحورة، ويجب التوقف عن زراعة الأصناف المحورة وراثياً، وإيقاف تداول زيت بذرة القطن المحور وراثياً وسحبه من كافة الأسواق.

 وذكر الأمين العام للجمعية د. ياسر ميرغني إن السماح بدخول بعض الأصناف غير المجازة يمثل فوضى تسببت في دخول الآفات إلى المناطق الزراعية.

مخاطر:

وقالت الجمعية السودانية لحماية البيئة في بيان أصدرته بهذا الخصوص نهاية أغسطس المنصرم، إن استخدام البذور المحورة وراثياً يؤدي علمياً إلى ظهور نباتات غازية جديدة ذات مناعة مكتسبة تؤثر على المحاصيل المزروعة ونمو الحشائش يصعب مكافحتها، بجانب اختفاء سلالات ذات تراكيب وراثية قديمة تعتبر موارداً وراثية مهمة، وظهور سلالات جديدة مقاومة وأكثر شراسة من الآفات العادية، مما يعني أن السودان مهدد بنفس المخاطر التي صاحبت التجربة الهندية في زراعة البذور المحورة وراثياً.

وكشفت الجمعية أن الشركات التي قامت بزراعة القطن المحور هي: شركة شاندوق الصينية للتنمية الزراعية، والتي استنبطت صنف قطن محور وراثياً وهو عبارة عن تهجين وراثي بين صنف صيني وصنف سوداني (حامد)، ونوهت الجمعية إلى أن ما أوردته الشركة من حجة لهذا الهجين غير صحيحة وغير مقنعة للجنة الفنية التي شكلها مجلس السلامة الإحيائية القومي لهذا الغرض.

وأبانت الجمعية أن الشركة الأخرى هي الشركة البرازيلية التي زرعت العينة (RR) المحورة وراثياً بالاتفاق مع بعض المزارعين في مشروع الجزيرة دون تصريح من مجلس السلامة الإحيائية القومي. 

تأييد لمجلس السلامة واختلاف مع (العسكري):

وأعلنت الجمعية السودانية لحماية البيئة تأييدها لما اتخذه مجلس السلامة الإحيائية القومي من إجراءات حيال الشركة الصينية وفقاً لتوصيات اللجنة الفنية لمراجعة الحالة، كما أيدت بشدة التوصيات الصادرة من مجلس السلامة الإحيائية القومي بتاريخ الأول من أغسطس 2019م بإيقاف زراعة الصنف (RR) المحور وراثياً في القطاع المطري والمروي، وقالت إنها لا تتفق مع المجلس العسكري الانتقالي (سابقاً) بتأجيل التوصيات التي رفعها له مجلس السلامة الإحيائية القومي، وذكرت الجمعية أن برتكول (قرطاجنة) والذي صادق عليه السودان يلزم الشركات التي تعمل في مجال التحور الوراثي بتعويض المتضررين من المزارعين في حال تجاوز الشركات لإجراءات استخدام البذور المحورة وراثياً وذلك حسب منطوق المادة (27) من البرتكول.

تنبيه للخطورة ومطالبة بتدخل رئيس الوزراء:

 وناشدت الجمعية، رئيس الوزراء نظراً لخطورة استخدام البذور المحورة وراثياً على موارد البلاد الزراعية والاقتصادية وصحة الانسان والبيئة، أن يولي هذا الأمر اهتماماً كبيراً وشاملاً لكل النشاطات المتعلقة باستخدام البذور المحورة وراثياً والأحياء المحورة وراثياً، وأوصت بإعادة تفعيل القرار الصادر عن مجلس السلامة الإحيائية القومي رقم (4) لسنة 2019م الذي نص على إيقاف زراعة القطن المحور وراثياً (RR) بالقطاعين المروي والمطري، والإبادة الفورية للمساحة المزرعة.

تحالف المزارعين يرفض:

وفي السياق شدد مقرر تحالف المزارعين عبد الرؤوف عمر في تصريح لـ (مدنية نيوز) اليوم، على موقف التحالف الرافض لزراعة القطن المحور وراثياً، وقال (الجزيرة تحولت لمزرعة تجريبية لزراعة القطن المحور وراثياً)، وأشار إلى انتشار أمراض السرطانات بجانب أمراض غير معروفة التشخيص.

وأفاد مقرر التحالف أن المساحات المزروعة بالقطن المحور بالمشروع تبلغ (200) ألف فدان، تشمل الأنواع (الهندي، الصيني والبرازيلي).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *