الإنقلاب المدني الشامل
بقلم: خالد فضل
أدعو للقيام بانقلاب مدني سلمي شامل وجذري، كما كانت الثورة مدنية وشاملة وسلمية، العودة لمنصة التأسيس، الرجوع إلى أدب الثورة وأخلاقها الرفيعة، وما أدراك ما يوتوبيا دولة ساحة الإعتصام !!!!
الشهداء الذين صعدت أرواحهم فداء الحرية السلام والعدالة، لم يدفعوا ذلك الثمن الباهظ من أجل (رغيفة) أو لتر بنزين، بل من أجل القيم الرفيعة التي ينشدون، الثوار من الشفاتة والكنداكات كانوا من المدنيين، وشعارهم مدنية الدولة، وهي وحدها من يحقق الشعار الأثير، صحيح قد يهبط الأداء، قد تتعثر الخطوات، النضال عموما لا يسير في خط تصاعدي دائما، هناك حالات هبوط وصعود، السلطة المدنية أنجزت بعض الملفات المهمة والتي تؤسس لما بعدها، أجهزة الإنتقال لم تكتمل بعد، المجلس التشريعي والمحكمة الدستورية والنائب العام ورئاسة القضاء والمفوضيات، هذه كلها مهام ووظائف مدنية صرفة ؛ في حال اكمالها سيكون شكل الدولة المدنية شبه مكتمل، تعديل القوانين وتنقيتها باستمرار من عيوب القهر والقمع وعهود الشمولية، سيؤدي حتما إلى ترسيخ الدولة المدنية بصورة عملية، ملف العلاقات الخارجية، وخضوعه للمصالح العليا للبلاد بعيدا عن المحاور والمصالح المعروفة والإرتباطات المريبة، هذا سيجعل دولتنا المدنية ذات معنى.
ملف السلام، وبناء المشروع الوطني الجديد، هذا من أوجب واجبات السلطة المدنية، الحرب تنشأ في العقول وتتم ترجمتها في العضلات، السلطة المدنية تعتمد العقل، للعضلات مؤسسات أخرى تحترف صنعة العضل، لكنها يجب أن تكون تحت إمرة سلطة العقول، هذه من ملامح الدولة المدنية.
يتردد كثير من الحديث عن ضعف الأداء الساسي للقوى السياسية الثورية، صحيح هناك ضعف، وواحد من أهم أسبابه في تقديري هو انقطاع تجارب عملها كقوى سياسية مدنية، في معظم سنوات ما بعد الإستقلال ظلت الأحزاب محلولة ومطاردة وممنوعة من التطور، والأحزاب كائنات حية لأنها مكونة من بشر، والبشر يتعلمون ويتدربون ويتطورون فإذا حرموا من مقومات البقاء والحياة كيف نرجو أن يتطوروا، السلطة المدنية الشاملة تتيح هذه الفرصة.
في هذه الفترة، أرجو أن تكف كل التنظيمات الفئوية المدنية عن ممارسة حقها المدني الشرعي في الإضراب بسبب المطالب النقابية المعلومة، أتمنى لو واظب جميع المدنيين في مختلف الوظائف والمهن والحرف على زيادة العمل وتجويد الأداء، المزارعون والعمال، الأطباء والمهندسون، القضاة ووكلاء النيابة، الصحفيون والمعلمون، عمال الموانئ، صناع المخابز، سائقو السيارات، أصحاب المواشي ورواعية السعية، ناس الري وناس صحة البيئة، المسالخ والمحاجر والمصانع والمحالج والمطاحن والمعاصر, لو كل مواطن مدني شاف عملوا وأدى واجبوا سيكون هناك انقلاب مدني شامل وسلمي وسيحل مشكلة الإنقلابات إلى الأبد، ببساطة لن يكون أمام أي عسكري سوى ( شوف عملوا وتأدية واجبوا ) لأننا في هذه الحالة سنكون قد شيدنا دولتنا المدنية مكتملة الأركان، فهلا توكلنا على الله وعلى ثورتنا المجيدة، قوموا إلى مدنيتكم، تصنعون وطنكم.