أُكتوبر الوردي وسلامة الكنداكات
بقلم: خالد فضل
شهر أُكتوبر من كل عام، هو شهر رفع الوعي بمرض سرطان الثدي، وفيه يتم التركيز على حملات الكشف المبكر عن ذاك الداء اللعين؛ الذي كم أبكى وكم خلّف من أحزان وسط الأسر، وكم خطف من سيدات كن ملء السمع وحد الشوف، نرجو السلامة لكنداكات بلادي جميعهن، أمهات الشهداء وأخواتهم وزوجاتهم ورفيقاتهم، أولئك النساء الباسلات اللاتي حسمن معركة النضال ضد البطش والقهر والإستبداد، وتقدمن الصفوف في ملاحم الثورة السودانية المجيدة بعنفوانها المتراكم.
لقد تحملت نساء بلادي؛ بجسارة فائقة، كل صنوف الأذى، وألوان الشقاء، ما كلّت عندهن العزائم، وما خارت القوى، في الأرياف القصية، ما تزال النساء عنوان البذل والعطاء، مجتمعات كاملة تعولها النساء، يشتغلن في كل المجالات دون أن يفرطن في عذوبتهن وأنوثتهن، يتزوجن وينجبن البنين والبنات، ويرضعن صغارهن حليب العزة ورحيق الكرامة، ويغرسن فيهم /ن روح التضحية والجسارة، النساء هناك في أقبية النزوح الموحشة، وليالي اللجوء القاسية المريرة يقاومن، الإغواء والتحرش والإغتصاب ويصمدن أمام الغزوات والهجمات، يربين الأطفال، يعملن في الحقول وفي البيوت هنّ ربات ماهرات، عندما تترمل الواحدة وهي في مقتبل العمر وتفقد الزوج والسند والعضد، تشمر عن ساعد الجد، فتنشأ أجيال وأجيال من بناتنا وأولادنا، برعاية الأم ونتاج كدحها وجهدها، وكثيرا ما نلحظ في حفلات التخرج نماذج مبهرة لخريجين وخريجات يلبسن/ون وشاح التخريج للأمهات وفاء بوفاء في لحظة مميزة ومعبرة بالفعل، هنا في المدينة الصعبة والحياة الأقسى، النساء منتشرات في كل ناحية، مع الرجال كتفا بكتف، عملا بعمل، يتفوقن في أحايين كثيرة، يتقدمن مهنيا وعلميا وإنسانيا، ولا ينسين أبدا، مسحوق الوجه وحنّة (الدامر) والطرحة والتوب وخصل الشعر وحتى الخمار والنقاب، وكن في ساحات الثورة أكثر من زغرودة، كن (رفقة) صائدة البمبان !! وكن الحرائر اللواتي ينفحن الثورة بعطر السودان الطازج.
أكتوبر شهر التوعية بسرطان الثدي، والكشف المبكر يعني الشفاء التام من ذاك المرض الخبيث في حالة ظهوره لا سمح الله ؛ الذي كم يتّم جهال، ونشر الحسرة في القلوب وأوجع أفئدة، والسلامة لجميع نساء بلادي، للأمهات والأخوات والزوجات والبنات والزميلات والرفيقات، السلامة لنساء بلادي في السهل والجبل في الوادي والحضر، فهن معنى الحياة وأجمل ما فيها، ونأمل أن تنهض المنظمات والجهات الأهلية والرسمية وخاصة الإعلام بدور كبير في حملات التوعية، حتى تتمكن النساء ما فوق سن الأربعين من إجراء الكشف المبكر، ففي بلداننا تصبح النساء من سن الأربعين أكثر عرضة بحسب ما سمعته من أحد الإختصاصيين في الأورام، بينما في أوربا ترتفع سن الإصابة إلى الخمسين، أرجو أن تتوفر مراكز الكشف، وتغطي أكبر شريحة ممكنة من النساء خاصة في المناطق الريفية حيث تقل درجات الوعي بخطورة هذا المرض، مع انعدام الخدمات التشخيصية وارتفاع تكاليف الفحوصات، ولننس في هذا الشهر عديد المواجع، ولنركز الجهود من أجل هذا الفصيل المصادم من كنداكاتنا، ولتحرص كل من تجد فرصة على إجراء الكشف المبكر، حفاظا على صحتها وسلامتها، ففي سلامة نساء بلادنا سلامة وعافية للوطن، كل عام ونساء بلادي أجمل أوفر صحة وأكثر عطاء.