الإعلان السياسي للجان المقاومة بمدني.. (الحصة وطن وأرواحنا وأيادينا للبلد)
بقلم: حسين سعد
طرحت لجان المقاومة بمدني إعلاناً سياسياً لبدء عملية سياسية جذرية تحريرية واسعة تهدف لبلورة رؤية سياسية وطنية موحدة حول طبيعة الدولة والحكم والاقتصاد وتداول السلطة.
وأكدت مقدمة الإعلان أن الرؤية السياسية تشكلها قواعد الجماهير عن طريق عمليات التشاور الوطني التي تنظمها المقاومة والنقابات المنتخبة.
وكانت الفترة الماضية قد شهدت أنباءً تتحدث عن قرب إصدار لجان مقاومة ولاية الخرطوم لميثاق سياسي جرى حوله نقاش واسع مع تنسيقيات اللجان بعاصمة النيلين، ومن المتوقع ان يجد الميثاق المنتظر اهتماماً كبيراً من قبل مكونات الثورة ومنها الأحزاب السياسية والمجتمع المدني وتجمع المهنيين والتنظيمات النسوية والشارع السوداني (الحي).
ومن المنتظر أن يجاوب الميثاق السياسي على أسئلة عديدة ظل يطرحها البعض تأتي على شاكلة (ماذا بعد تسيير المواكب والاحتجاجات؟، وما هي رؤية لجان المقاومة لقضايا حكم البلاد؟، وماهي رؤيتهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية)، وهو ما يجعلنا نثق في خروج ميثاق سياسي يكون أساساً لوحدة قوى الثورة التي تمزقت ويمكن أن يتم تطويره حال وجود نواقص طفيفة.
الشق الثاني هو أن شجاعة لجان المقاومة وتنظيمها للمواكب على الرغم من القمع والعنف المفرط (بيد)، بينما انخرطت باليد الأخرى في وضع ميثاق للمستقبل، وفي تقديري أن هذا الصمود يجب أن نعطيه حقه كما ينبغي لأن هذه التضحيات وفي ظل الظروف السياسية والتعقيدات وانتهاكات حقوق الإنسان والأزمة الاقتصادية كل ذلك لا يمكن أن يتم إلا عبر لجان المقاومة التي شكلت نقطة تحول، كما وجدت في ذات الوقت تلاحماً وتضامناً شعبياً من الجماهير، ومشاركتهم الآلام والأوجاع.
وفي تقديري ما كان من الممكن أن يتم ذلك لولا إحساس (الناس كل الناس) وإيمانهم القاطع بأن هناك مقاومة جادة (وكاربة قاشا وواقفة ألف أحمر) وتتمتع بمصداقية واسعة وتضحي في سبيل الوطن وتقدم خيرة شبابها.
النقطة الأخرى والمهمة هي البعد الاجتماعي لأعضاء لجان المقاومة وهذه ميزة فريدة وهنا تكفي نظرة واحدة لتشييع الشهداء وزيارة أسرهم والتضامن معهم وعلاج الجرحى والمصابين والتضامن مع المعتقلين، ولدى لجان المقاومة قدرة عالية على امتصاص الصدمات النفسية الناجمة عن سقوط الشهداء والإصابات المميتة والاعتقال والاختطاف، وبالإضافة إلى ذلك هناك تعامل ذكي مع المحاولات الماكرة لجر لجان المقاومة للعنف ووضعها في مواجهة مع السلطات الأمنية، وهناك شواهد عديدة لذلك لكنها كلها باءت بالفشل.
ومن بين تلك الصور الباهية لسلمية الثورة السُّور البشري من قبل الثوار لأحد الأقسام بأمدرمان في موكب استقبال ثوار بحري، أيضاًهنالك حملات إعلامية تم إطلاقها تحاول دمغ لجان المقاومة بعدم الوطنية وأنهم متعاطون لحبوب مخدرة أو (بالعين عِرِق دوكو)، بجانب السخرية التي تأتي على شاكلة (أصحاب البناطلين الناصلة) وغيرها من أوجة السخرية التي تطال (الكنداكات) بشكل أوسع.
وحسب صحيفة (الجريدة) الصادرة يوم الاثنين 24 يناير الجاري فقد أكدت تنسيقية لجان المقاومة بالخرطوم عن اقتراب موعد إعلان الميثاق السياسي للجان مقاومة الخرطوم. وكشف الناطق الرسمي باسم التنسيقية المهندس عثمان أحمد في تصريح لـ (الجريدة) عن أن المتبقي ترتيبات قليلة ومن بعدها سيتم إعلان الميثاق السياسي، الإحساس بالمسؤولية لدى لجان المقاومة جعل شعارهم (الحصة وطن) ومن قبل ذلك أصدرت لجان مقاومة مايرنو، المنطقة التي اشتعلت منها شرارة ثورة ديسمبر 2018م لأول مرة، أعلنت عن (ميثاق سلطة الشعب) ووقعت عليه عدد من لجان الولايات والمناطق المختلفة.
(أمس واليوم وغداً) تعتبر لجان المقاومة جسماً أساسياً في الشارع (ورقم لا يمكن تجاوزه) وتعتبر لجان المقاومة من الأجسام التي قاومت النظام البائد في يونيو ويوليو 2012م لكن دورها البارز كان سبتمبر 2013 وشاركت في تنظيم العصيان المدني لإسقاط النظام البائد، كما لعبت دوراً فاعلاً في الحراك الثوري في ديسمبر 2018م وعقب انقلاب 25 أكتوبر الماضي، وصارت لجان المقاومة منارة بارزة في النضال وأصبحت من الأجسام المعترف بها دولياً، وصارت مكونات حزبية وغيرها تتودد لها، كما ظلت تجد ترحيباً من قبل بيانات لدول إقليمية وعالمية.
وفي الفترة الاخيرة التي شهدت زيارات مكثفة لفاعلين دوليين كانت الأخبار تنقل عن مطالبة تلك الجهات الجلوس مع لجان المقاومة لجهة الخروج برؤية لحل مشكلة السودان، ومن بين تلك الجهات جلوس بعثة الأمم المتحدة في السودان (يونيتامس) مع لجان المقاومة التي شرحت للبعثة الأممية رؤيتها لحل الأزمة عبر الميثاق السياسي الذي ينتظر إعلانه.
أبرز محاور الإعلان السياسي
نعود إلى إعلان لجان مقاومة مدني لملامسة أبرز محاوره وتوقيته، حيث جاء في مقدمة الإعلان الذي أطلقته لجان المقاومة عبر وسائل التواصل الاجتماعي بعد أن اعتذرت عن إقامة مؤتمر صحفي كانت ستعقده السبت الماضي بسبب الظروف التي تعيشها مدينة ود مدني إثر استشهاد الثائر (شعيرية).
جاء أن الإعلان السياسي المقترح هو تتويج لنضالات المقاومة الشعبية منذ الاستقلال، وترجمة للفعل الثوري إلى رؤية سياسية واضحة ومتماسكة، وبداية عملية تحويل السلطة إلى قواعد الجماهير بانتزاعها من النادي السياسي النخبوي التقليدي والحديث الذي يخدم أهداف الاستعمار ـ حد تعبير ديباجة الاعلان ـ الذي يعد خطوة أولى في سبيل الخروج من الأزمة السياسية المزمنة التي حولت البلاد إلى دولة نزاعات وحرب أهلية وجماعات وفقدان للسيادة الوطنية، وتكون الإعلان السياسي المقترح من مقدمة ناقشت الدولة السودانية الحديثة في سياق مفاهيمي لتحليل المشكل السوداني، فيما تضمنت بنود الإعلان تعريف الفترة الانتقالية والمشروعية الدستورية وشكل الحكم والاقتصاد والعدالة الاجتماعية والعدالة الجنائية وأهداف وهياكل الفترة الانتقالية.
وأكد الإعلان أن استعادة كامل السيادة الوطنية خطوة ضرورة وملحة في طريق التحول الديمقراطي والتنمية العادلة وهي المعركة الأساسية ضد الدكتاتورية باعتبار ثورة ديسمبر مشروعاً وطنياً لتوحيد السودانيين على أساس دولة المواطنة والحقوق المتساوية ضمن دولة مدنية ديمقراطية.
الفساد والنازحين
واشتمل الإعلان السياسي على عدة بنود منها ما يتصل بتعريف الفترة الانتقالية وهي التي تلي سقوط النظام الشمولي بالثورة الشعبية السودانية السلمية، وهو النظام القائم على تحالف لجنة البشير الأمنية وحلفائها من المليشيات والحركات المسلحة لحين صياغة الدستور الانتقالي الوطني عبر المجلس التشريعي القومي الانتقالي، وأشارالإعلان إلى تأسيس الفترة الانتقالية دستورياً على دستور السودان المؤقت الصادر عام 1956م، وذلك بتفعيل المجلس التشريعي القومي الانتقالي، الذي يتماشى ولا يتعارض مع الإعلان السياسي الموحد للجان المقاومة في السودان، كما لا يتعارض مع الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي بعد ثورة ديسمبر2018م.
ويقوم نظام الحكم في الفترة الانتقالية على النظام اللا مركزي الذي يؤسس دستورياً للحكم المحلي وتمهد الفترة الانتقالية لعملية الانتخابات، وذكر الإعلان أن الأهداف العامة للفترة الانتقالية الاتفاق على ركائز وأسس المشروع الوطني التنموي الجامع الذي يشكل الأساس لدستور وطني ديموقراطي دائم يؤسس لدولة مدنية ديموقراطية تحقق العدالة الاجتماعية في دولة ذات سيادة وطنية كاملة، بجانب تأسيس السلام على إرادة القواعد الشعبية والمصالحة الشعبية الواسعة (مؤتمرات أصحاب المصلحة) ومعالجة أوضاع النازحين في مناطق النزاعات عبر تمليكهم قرار العودة الطوعية أو الاستقرار في مناطق المعسكرات، وتؤمَّن الخدمات الأساسية وحق العمل لجميع السكان.
إضافة إلى السيطرة على الموارد ومحاربة فساد الدولة الهيكلي والفساد السياسي وسياسات التمكين التي تمت في فترة نظام الحكم برئاسة البشير، وإعادة ترتيب الأولويات في الصرف لصالح الخدمات الأساسية للصحة والتعليم والبنى التحتية بهدف إرساء دعائم العدالة الاجتماعية القائمة على تفكيك دعائم التمكين واحتكار المصالح.
الريف حضور لافت
وشدد الإعلان على ضرورة تمليك الريف قراره السياسي والاقتصادي عبر أنظمة الحكم المحلي التي تتيح للريف الاستفادة القصوى من موارده المحلية للتنمية وفق المشروع الوطني التنموي التثويري الملبي لتطلعات الريف السوداني، وطالب الإعلان بإعادة هيكلة الأجهزة النظامية وجهاز الأمن وحل وتسريح المليشيات بما فيها الدعم السريع وجيوش الحركات المسلحة وصولاً لجيش وطني كامل، ودعا الإعلان لتأسيس دستوري لحرية التنظيم وجميع الحريات العامة وحرية الصحافة وشفافية الدولة.
وأكد الإعلان ضرورة المشروعية الدستورية وشكل الحكم في الفترة الانتقالية، وأن الحكم يجب أن يكون شكله لا مركزياً في الفترة الانتقالية ويضمن سلطات واسعة للأقاليم (الولايات).
وشدد الإعلان السياسي على تكوين المجالس المحلية قبل سقوط السلطة الانتقالية، وأن على لجان المقاومة في جميع المحليات وتحالفها مع القوى الثورية الأخرى المؤمنة بالتغيير الجذري وفقاً للرؤية العامة للإعلان السياسي الموحد الشروع في عمليات تكوين المجالس المحلية فوراً وقبل سقوط الفترة الانتقالية لتجنب تكرار سيناريوهات اختطاف الثورة بسبب الفراغ السياسي.
ولفت الإعلان إلى أن الفترة الانتقالية تستند على دستور انتقالي يقوم بصياغته المجلس التشريعي ومجلس الوزراء والسلطة القضائية، مع الوضع في الاعتبار فصل صلاحيات هذه الأجهزة عن بعضها البعض.
ويؤكد الإعلان ضرورة أن تقوم المحليات بتكوين مجالسها المحلية، وأن يكون للمحليات التي تقع ضمن حدودها معسكرات النازحين حق الاحتفاظ بمقاعدها شاغرة إلى حين اتمام عملية اختيار نواب من النازحين عبر التصويت المباشر، ويضطلع المجلس التشريعي بترشيح وتعيين رئيس/رئيسة الوزراء ورئيس/رئيسة القضاء والنائب/ النائبة المؤقت (إلى حين تكوين مجلس القضاء العالي ومجلس النيابة اللذين يكونهما رئيس/رئيسة القضاء والنائب / النائبة العام مع اللجنة القانونية بالمجلس التشريعي القومي الانتقالي).
ويعدد الإعلان مهام المجلس التشريعي في ترشح وكلاء الوزارات بمشاورة رئيس /رئيسة الوزراء والوزراء المكلفين، يرشح ويعين المجلس التشريعي رؤساء المفوضيات بعد تحديد المعايير الضرورية الثورية لشاغلي المناصب، ينظم ويشرف المجلس التشريعي الانتقالي على عمليات الاستفتاء الشعبي على الدستور الدائم.
العدالة الانتقالية
أكد الإعلان أن الجهاز القضائي بصيغته الحالية هو نظام معطوب وغير قادر على تحقيق العدالة وتجب إعادة هيكلته لضمان استقلالية القضاء وألا يخضع لأي تأثير أيدلوجي أو سياسي.
ودعا الإعلان لضرورة تخفيض الصرف المالي على الجهاز الإداري، ومحاصرة الفساد المالي والسياسي، فضلاً عن تخفيض عدد الوزارات والعودة إلى نظام الهيئات العامة للسكة حديد والهيئة العامة للنقل الميكانيكي والهيئة العامة للنقل النهري والهيئة العامة للاتصالات والبريد والهيئة العامة للمياه والكهرباء والهيئة العامة للأشغال والإسكان وغيرها. واقترح الإعلان الوزارات الآتية: وزارة الصحة أو البيئة، التربية والتعليم العام والعالي، الري والزراعة والثروة الحيوانية، العدل، الدفاع، الخارجية والسيادة الوطنية، الداخلية، المالية والموارد، الحكم المحلي، ووزارة الشفافية والمحاسبة ومراقبة الأداء، وتم اقتراحها لأن طبيعة الفساد السياسي والاقتصادي في العقود الماضية هي طبيعة هيكلية تتعدى فساد مجموعات بسيطة من الأفراد والجماعات.
ولتجنب اخفاقات الجهاز التنتفيذي في حل القضايا الجوهرية خلال الفترة الانتقالية ونسبة لثقل وتعقيد مهام الفترة الانتقالية مثل ملفات السلام والعدالة والأجهزة النظامية، يجب إنشاء مفوضيات مستقلة على غرار مفوضية العدالة الانتقالية، مفوضية إصلاح الخدمة المدنية، مفوضية صناعة الدستور، مفوضية هيكلة القوات النظامية، مفوضية الانتخابات، مفوضية تفكيك أنظمة القهر والتبعية، وغيرها وأن تقوم هذه المفوضيات بإدارات مستقلة.
معاش الناس والعدالة الاجتماعية
وشدد الإعلان على أن العامل الاقتصادي عامل أساسي في بناء دولة السيادة الوطنية لارتباطة بملكية الموارد والعوامل الاجتماعية والسياسية الأخرى، ويرى الإعلان أنه من الضروري إعادة هيكلة النظام الاقتصادي على حسب ما يتم الاتفاق عليه في الدستور الانتقالي للفترة الانتقالية، ولاحقاً الدستور الدائم، وأكد الإعلان أن مسالة العدالة الاجتماعية مسألة أساسية تتداخل مع القضايا الأخرى التي نوقشت في هذا الإعلان بوصفها واحدة من ركائز المشروع الوطني التنموي وتشمل التوزيع المتساوي للموارد بين جميع المكونات الاجتماعية.
ونوه الإعلان السياسي إلى أن الرؤية السياسية والمفاهيمية لقضايا الفترة الانتقالية لثورة ديسمبر بوصفها ثورة ضد الشمولية العسكرية والمدنية وضد الانقلابات العسكرية وضد علاقات الخضوع الاستعمارية، ويرى الإعلان المقترح أن الدولة القومية الحديثة السودانية هي بناء استعماري ذي طبيعة عنيفة قائمة على سياسات الإخضاع والانصهار والعنصرية وفي الواقع الاستعماري تزداد شراسة الدولة القومية الحديثة لكونها مجلوبة بقوة السلاح لإدخال مجتمعات تم استعمارها لاستغلال مواردها، وإدخالها عنوة في النظام الرأسمالي العالمي ولا تعترف بالمنطق الداخلي للتاريخ المحلي ولا تحترم الاستمرارية التاريخية، وزادت معدلات العنف بين المكونات المحلية بسبب سياسات إعادة هندسة السكان والموارد.
الإدارة الأهلية
ويشير الإعلان إلى أن نظام الإدارة الأهلية هو من مخلفات النظام الاستعماري للسيطرة اللا مركزية يتم فيه فصل السكان المحليين على أسس عرقية وحكمهم بشكل غير مباشر من قبل الزعماء المحليين وفق نظام قانوني وإداري مختلف مقارنة بالمناطق الحضرية خصوصاً في علاقات الأرض والإنتاج لمحاصرة طموحات الطبقة المتعلمة التحررية التي انعكست في ثورة اللواء الأبيض 1924م وقررت الإدارة الاستعمارية بناء تحالفات جديدة في الريف في سياق تغيير نظام الحكم إلى حكم غير مباشر عن طريق نظام الإدارة الأهلية مكنت الزعماء من السيطرة على السكان المحليين في مناطقهم بأقل تكلفة وأقامت ارتباطاً صارماً بين الهوية الإثنية للفرد والوصول إلى الموارد الأساسية، ونتج عن ذلك خاصيتين بحسب الإعلان انعكاس البنية الأبوية في دور الزعماء الذين تم اختيارهم في بعض الأحيان من قادة القبائل الموجودين من خلال آليات المكونات العشائرية والإثنية والعنف، بجانب الفصل بين السكان المحليين على أسس عرقية استراتيجية مقصودة أنشأها الحكم الاستعماري وتم تنظيمها عبر الإدارة الأهلية.
ووضع الإعلان رؤية حول نظام الإدارة الأهلية قائمة على امتلاك الريف لقراره وموارده، وأشار إلى أنه بشكل عام غاب الريف في الخطاب العام للثورة إلا لماماً وبشكل سطحي وأن دخول المكونات الاجتماعية الريفية في الحراك الثوري هو مسألة حيوية لاستمرار ونجاح الثورة.
وأوضح الإعلان السياسي أن الهيمنة من خلال سياسة فرق تسد الاستعمارية واضحة أيضاً في تسييس الدين بسبب الخوف من الطرق الدينية الصوفية وإمكانية عودة المهدية نتيجة لهذا الخوف قام الحكم الاستعماري البريطاني بتمكين ورعاية الأنظمة الدينية المتنافسة، مما أدى إلى تفاقم العداوات لا سيما بين الأنصار والختمية وأصبحت هذه الولاءات الطائفية أساس الدعم السياسي للأحزاب السياسية الرئيسية وأدى ذلك إلى استسلام الحركة القومية السودانية المتمثلة في مؤتمر الخريجين للتأثيرات السياسية والطائفية الحزبية واخفقت في إنشاء حواضن اجتماعية تتجاوز الانتماءات العرقية والدينية لذا رغبت في الاستفادة من الحواضن الاجتماعية للحزبين الكبيرين وهكذا تم تعزيز سياسة (المركز) من خلال العلاقات الاجتماعية التي نشأت في الفترة الاستعمارية.
السيادة الوطنية
وقال الإعلان السياسي أن استقرار السودان هو في مصلحة الشعوب والسلم العالمي، لكن تكمن المشكلة المجتمع الدولي والإقليمي في تعريف استقرار السودان بوصفه مشروطاً بوجود نظام شمولي عسكري باطش، وخاضع للأجندة الدولية على حساب مصلحة الشعب السوداني، وأضاف: لقد برهنت فترة حكم البشير الطويلة لثلاثين عاماً، وكذلك فترة حكم لجنة البشير الأمنية لمدة ثلاث سنوات أن النظام الشمولي هو المهدد الأساسي للسلم الإقليمي والدولي، فقد تدخلت الحكومتان في الشأن الداخلي للدول الجارة ورعت خلايا الإرهاب العالمي، وحاولت اغتيال رئيس دولة جارة.
وفي سياق العلاقات الخارجية يؤكد الإعلان المقترح احترام سيادة جميع الشعوب وعلى رعاية المصالح المشتركة ورعاية الأعراف والمواثيق الدولية الساعية لإحلال السلم العالمي، والتأكيد على حفظ سيادة السودان ومصلحة شعبه وأن إقامة علاقات متوازنة هي أساس التعامل مع جميع الأطراف الخارجية وأن يتخذ الشعب السوداني قراراً بشأن إدارة موارده الخاصة بطريقة تعزز العدالة الاجتماعية والسياسية والبيئية.
وترى لجان مقاومة مدني وفقاً للإعلان السياسي المقترح أن استعادة السيادة الوطنية بشكل كامل هي أول خطوة في طريق التحول الديمقراطي والتنمية العادلة، لأن ثورة ديسمبر بحسب الإعلان هي ليست فقط ثورة ضد نظام البشير واللجنة الأمنية، بل ثورة تحرر وطني تعيد للسودانيين والسودانيات قرارهم واستقلالهم السياسي والاقتصادي.