وزارة المالية وحكوة السعر التركيزي المستهلكة
بقلم: صديق عبد الهادي
من المعلوم بالضرورة أنه قبل نهاية كل موسم زراعي أن تلتقي الأطراف المعنية، مشروع الجزيرة ووزارة المالية وكذلك وزارة الزراعة، للتباحث حول موضوع السعر التركيزي وأمر تحديده. وهي مناسبة لو تم التعامل معها بمهنية وعلم ودراية، كان من المفترض ان تكون عوضاً عن معركة عاطلة أن تصبح مناسبة لتبادل الآراء والأفكار بعمق حول كيفية توظيف ذلك التداول في مصلحة المنتجين والإنتاج، وذلك بالضرورة يعني مصلحة الوطن في نهاية المطاف.
إن مسألة وأهمية تحديد السعر التركيزي ليست حكوة “مقطوعة من الراس”، وذلك امر لابد أن يعيه وزير المالية. إن تحديد السعر التركيزي تتحكم فيه عوامل عدة لابد من أخذها في الإعتبار، واهمها تكلفة مدخلات إنتاج السلعة محل القصد. وتكلفة مدخلات الإنتاج تعني سعرها الشامل حتى لحظة وصولها للمنتج او المزارع. فالمزارع لا يتحصل، وفي الغالب الأعم، على المدخلات بالسعر العالمي فقط، كما يقول البعض، وإنما بأعلى منه، لأنه لا يتحصل عليها عن طريق الدولة وتحت حمايتها وإنما عن طريق السوق، وبكل ما يعني السوق من تفلت وتجاوز في تحديد عائده!. بناءاً عليه يصبح السعر العالمي للسلعة المعنية هو أحد أهم المؤشرات في تحديد سعرها التركيزي. تلك الحقيقة جعلتْ بل دفعت مجلس إدارة مشروع الجزيرة إلى ان يتبنى من قبل أخذ السعر العالمي في الإعتبار لأي سلعة منتجة عند تحديد سعرها التركيزي. إن أي محاولة لإغفال هذا المؤشر تعني خسران المنتجين ومن ثم خروجهم عملياً من دائرة الإنتاج. ففي ذلك بالقطع ظلم لهم، كما وأنه يمثل جريمة في حق الوطن، كذلك.
إن تحديد السعر التركيزي هو عملية إقتصادية وعلمية تقوم على معلومات ومؤشرات واضحة تستوجب التعامل العقلاني، ولا تقوم على الإجتهادات والمماحكات السياسية، كما يحدث الآن. فقول الدولة بأنها لا تملك المال لشراء القمح هذا الموسم لا يخرجها فعلياً من ان تكون طرفاً في الإنتاج وحسب وانما يسقط عنها حق التداول حول وجهة وتحديد السعر التركيزي. وبالتالي تكون أن فقدت أحد أهم وظائفها كدولة!.
عليه، يضحى للمنتجين والمزارعين كامل الحق في تحديد الطريقة التي يجب عليهم إتباعها في شأن التصرف فيما يخص إنتاجهم.