النظام المخلوع.. إفراغ جهاز الدولة وتصفية القطاع العام
الخرطوم: حسين سعد
أحصى الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي د.عطا البطحاني، سياسات النظام المخلوع في الاقتصاد والتي وصفها بالفاشلة، ولفت للتشوهات والاختلالات التي مثل لها بتصفية القطاع العام وإفراغ جهاز الدولة من الكوادر لما سُمي بالصالح العام وانتشار ظاهرة الشيكات (الطائرة) وفقدان الجمهور ورجال الأعمال الثقة في النظام المصرفي واحتفاظهم بأموالهم ومدخراتهم في الخزن.
وقال البطحاني في الدورة التدريبية التي نظمتها مؤسسة طمسون فاونديشن بالتعاون مع المجلس الثقافي البريطاني لعدد من الصحفيين بمقر (سونا) أمس الأول، إن المرحلة الأولى من عمر النظام البائد 1992-1999م شهدت إفراغ جهاز الدولة من الكوادر الصالح العام، وبلغ ما أمكن حصره حتى نهاية عام 1999 122.375 من العمال والمواطنين والمهنيين والدبلوماسيين والمعلمين، بالإضافة إلى 4369 من ضباط القوات المسلحة و 14.271 من الصف والجنود.
وأشار البطحاني، إلى السيطرة والتحكم في الجهاز المصرفي: (إجراءات تبديل العملة وتحميل المودعين التكلفة بخصم 2% من أرصدتهم، وحجز 20% من كل رصيد يزيد عن 100 ألف جنيه امتدت اكثر من عام، وانتهاك قانون وأعراف سرية النظام المصرفي وكشف القدرات المالية لكبار رجال الأعمال أمام تجار الجبهة ومؤسساتها المالية وأمام مصلحة الضرائب).
ونوه البطحاني، إلى إصدار قانون النظام المصرفي لعام 1991م الذي ركز السلطة في يد محافظ بنك السودان على حساب صلاحيات الجمعيات العمومية للمصارف التجارية، وإطلاق حرية النشاط للمصارف الموالية وتقييد نشاط المصارف التجارية ومصارف القطاع العام.
ونبه البطحاني، إلى أن هيمنة القطاع المالي على الاقتصاد تمثلت في إنشاء سوق الأوراق المالية وتوجيه المصارف والشركات العامة وشركات التأمين لطرح أسهمها في ذلك السوق ليتمكن تجار الجبهة الاسلامية ومؤسساتها من الهيمنة على قمم الاقتصاد الوطني وامتصاص الفائض.
وذكر الأستاذ الجامعي عطا البطحاني، أن النظام البائد بعد إحكام قبضته على النظام المصرفي والسوق شرع في تصفية القطاع العام، حيث تم تكوين لجنة للتصرف في المؤسسات بالبيع أو الإيجار أو الشراكة، وأبان أنه تم تحويل ملكية بعض المؤسسات لحكومات الولايات وبعضها لمنظمات الجبهة ثم حددت (273) مؤسسة ومرفقاً كدفعة أولى للخصخصة، نفذت منها (74) في الفترة من 1992 –1997م ونتج عن ذلك تشريد (8934) من العاملين.
وأوضح البطحاني، أن السنوات الخمس الأولى لنظام الجبهة الإسلامية 1989 – 1994م، شهدت تفشي ظاهرة تسجيل الشركات بمتوسط سنوي (569) شركة، وبلغ مجموعها (2847) شركة، بينما ظل المتوسط السنوي لتسجيل الشركات في حدود (66) حتى عام 1989م، وكانت الشركات (4221) شركة.
وأشار البطحاني، إلى أن الجمهور ورجال الأعمال فقدوا الثقة في النظام المصرفي واحتفظوا بأموالهم ومدخراتهم في الخزن، مما أدى إلى ارتفاع نسبة العملة المتداولة خارج النظام المصرفي إلى (59%)، وعجزت المصارف عن استرداد (25%) من تسهيلاتها وانتشرت ظاهرة الشيكات (الطائرة) وتم إنشاء (600) شركة تجارية تابعة لوزارات اتحادية وولائية وللأجهزة الحكومية وتسجيلها كشركات عامة كي لا تخضع لرقابة المراجع العام، وتتمتع بحرية الصرف خارج الميزانية، وتوفر غطاءً للنشاط التجاري للوزارء والولاة وكبار الضباط.