آمنا بيك وموحدين
بقلم: حسين سعد
منذ نحو خمسة سنوات –أي حوالي (1800) يوم أشعل تروس السودان ومكنانته (شفاتا وكنداكات) ثورتهم الظافرة، لم يرتاح الثوار ولا لحظة ظلوا في الشوارع داعمين الحكومة الانتقالية التي تنكرت لهم، ولم تستجب لمطالبهم، فضلا عن مطالبتهم بالسلام الشامل، وسيروا في ذلك مواكب هادرة (وينو السلام وينوا) فالشعب السوداني المعلم تاريخه الثوري عميق وراسخ في عمق الانسانية وتاريخها، وبالامس الخميس خرج السودانيون من كل (فج عميق) لاحياء الذكرى الرابعة لمليونية 30 يونيو تلك الملحمة الجسورة، ما حدث بالامس من جسارة وبسالة (فاق حد الوصف) بالرغم من إنقطاع المكالمات الهاتفية والانترنت واغلاق الكباري بالحاويات، الا ان شعبنا كان حضارا حضورا باهيا وجسورا، لا نجد وصفا لتلك الملحمة الا بما قاله الشاعر العاقب ود موسى العيشابي في الفخر:
نِحَنا بنسوي وما بنقول سوينا
نحنا نفرتِق الكرنه أم صِفوف بإيدينا
نِحنا اللي المِحن بنشيلا ما بنبالي
بِنلوك مُرهِن لامِن يجينا الحالي
مواكب ما بتتراجع تاني..
قبيل فجر الخميس استبقت لجان المقاومة إطلالة ذلك الصباح بمواكب دعائية مسائية (تسخينة) عبارة عن (تمرين ماتش) لموكب الخميس الهادر الذي صدحت فيه حناجر (الشفوت والمكنات) بالهتافات العاتية (حرية سلام وعدالة)، وأبهرت المظاهرة السلمية العالم أجمع بفنونها وسلميتها وإبداعاتها مطالبين بالحرية والخلاص من الانقلابيين الجاثمة على صدور المواطنين، والسالبة لحقوقهم وحرياتهم ولقرار الوطن ومصيره منذ أكتوبر الماضي، منذ العام 2018م مازال شعبنا صامدا في الشوارع مرددا أغنية..
ارض الخير افريقيا مكاني.. زمن النور والعزة زماني
فيها جدودي… جباهم عالية… جباهم عالية.. جباهم عااالية
مواكب ما بتتراجع تاني…اقيف قدامها واقول للدنيا انا سوداني
في الذكرى الرابعة لملحمة 30 يونيو يؤكد شعبنا تمسكه التام بشرعية ثورته وإيمانه بمبادئها، ويستذكر دماء شهدائنا الأبطال التي روت هذه الأرض، وآهات المعتقلين وعذاباتهم ومعاناة الجرحى والمصابين والمفقودين والنازحيين واللاجئيين في المعسكرات، نحن على يقين تام بغد قريب قادم بإذن الله يحمل معه ميعادا منظورا لاستعادة الوطن ونيل الحرية، وإعلان ولادة سودان جديد يرتكز على المواطنة والعدالة وسيادة القانون، ونحن اذا نجدد هذا الالتزام نعيد للاذهان ما سطره شاعر الشعب محجوب شريف بقوله..
حنبنيهو.. البنحلم بيهو يوماتي
وطن شامخ.. وطن عاتي
وطن خيّر ديمقراطي.. وطن مالك زمام أمرو
ومتوسد لهب جمرو.. وطن غالي
نجومو تلالي في العالي..
إرادة.. سيادة.. حريّة..
مكان الفرد تتقدم
قيادتنا الجماعيّة..
أكثر من (1800) على إنقلاب 25 أكتوبر مازال نضال شعبي الجسور متواصلا في العاصمة، والولايات مستمرا بالتضحيات الجسام فثورتنا يا سادتي ثورة شعبية شاملة جسدت إجماع الوطن بنسائه ورجاله، بشيوخه وأطفاله، في المعسكرات والقرى والفرقان والضواحي ومدنه المنسية، لقد جست مليونية الخميس الوحدة الوطنية الراسخة لشعبنا، والتفافه الشامل حول لجان المقاومة الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا، (الجنزير التقيل ياتو بتلا) لقد استجاب شعبنا لنداء وتوجيهات لجان الميدان ملتزما بجميع بالمسارات والتوجيهات، لقد أسقط إستمرار الثورة وألقها (كيد الاعداء) وأوهامهم أعداء في أن يجعلوا من الانقلاب أمراً واقعاً ودائماً، وأن يدفعوا بقضية شعبنا في تحقيق شعارات الثورة إلى متاهات النسيان والاندثار، فإذا بالجيل (الراكب رأس) أعاد لاذهان المخذلين بان حيوية الثورة ما زالت مستمرة، ونؤكد وبالصوت العالي ان (المخزون الاستراتيجي الثوري) لشعبنا لا ينضب فالثوار دائما مرددين كلمات محمد الحسن سالم حميد
آه يا غبش.. ما عندي ليكم غير نغيم
برجوه ينفض لي غبار زمن القسى الكتَّاح
يهز عرجون نخل صبر الغلابة الطال
يحت يخرت تباريح الأسى الممدودة فوق نور الدغش
يا نورة آه.. فارس يدارق في الرماح الجايا من كل اتجاه
الخميس الدامي..
وكما قالت سكرتارية اللجنة القومية لحماية المدنيين في بيان لها اليوم، لقد خرج السودانيين بكل شجاعة في مظاهرات سلمية مطالبين بالحرية والسلام والعدالة، وبأن تحترم وتصون الحكومة حقوق الإنسان. إلا أن الانقلابيين ردوا على هذه المطالب بهجوم دموي عبر إستخدام الرصاص الحي والهراوات والعصي والغاز المسيل للدموع فضلا عن دهس الثوار بالمركبات العسكرية، الامر الذي ادى لاستشهاد نحو تسعة من الشهداء وأصابة العشرات بعضهم إصاباتهم خطيرة ،ولقد صمد شعبنا أمام جميع محاولات الانقلابيين بوقف ثورتنا الشعبية، رغم كل ما استخدمته هذه السلطات من إرهاب وقمع وقتل ، واستباحة للمؤسسات الصحية والعلاجية ومهاجمتها ودفع شعبنا ثمناً لهذا الصمود البطولي مئات الشهداء وعشرات الآلاف من الجرحى والمصابين والمعتقلين والمفقودين والملايين من النازحيين واللاجئيين والأرامل والأيتام والمعاقين، فضلاً عن التخريب والدمار والسلب والنهب، كل ذلك مارسه الانقلاب على شعبنا الأبيِّ الثائر، وكلُّ هذه الممارسات جرت وسط صمتٍ دوليٍ وإقليمي، فقد وجد شعبُنا نفسَه وحيداً أمام هذه القوى المتوحشة، وتحي سكرتارية اللجنة القومية لحماية المدنين صمود شعبنا في الداخل والخارج ومعسكرات النزوح واللجوء، وتؤكد على تضحياته العظيمة، وكانت عبقرية شعبنا حاضرة دوماً في كل اللحظات الجريحة، لابتداع الأساليب والوسائل النضالية التي تعزز من صموده ومقاومته، وتمكنه من مواجهة جرائم النظام الانقلابي وإجراءاته ومن ثم مواصلة نضاله البطولي العنيد، ولقد أثبت شعبنا بصموده وتواصل ثورته، تصميمه على مواصلة النضال مهما بلغت التضحيات، لا حدود له. متسلحاً بتراث نضالي عظيم، وإرادة ثورية لا تلين، ووحدة وطنية راسخة، تعززت أكثر فأكثر من خلال الثورة ولجان المقاومة ودفع شعبنا ثمناً لهذا الصمود البطولي مئات الشهداء وعشرات الآلاف من الجرحى والمصابين والمعتقلين والمبعدين.. وكانت عبقرية شعبنا حاضرة دوماً في كل اللحظات الجريحة، لابتداع الأساليب والوسائل النضالية التي تعزز من صموده ومقاومته، وتمكنه من مواجهة جرائم العدو وإجراءاته ومن ثم مواصلة نضاله البطولي العنيد.
حماية المدنيين..
وطالبت سكرتارية اللجنة القومية لحماية المدنيين السلطات بالكف عن استخدام العنف المفرط الذي تسبب في الموت والمعاناة للشعب السوداني، كما طالب باحترام القوانيين والمواثيق الدولية الخاصة بالحريات والافراج الفوري عن المعتقلين، وتوضيح مصير ومكان المفقودين، ودعت السودانيين بالداخل والخارج والمنظمات الحقوقية بتكثيف العمل على الساحة الدولية، من أجل وقف إنتهاكات حقوق الانسان واحكام التنسيق من أجل وقف العالم مع جماهيرنا وثورتنا وانتفاضتنا في مواجهة عنف الانقلابيين الذي وقف الثوار امامه بكل بسالة وشجاعة وحتي يوم الناس هذا حيث ظل واقفا ضد العسف والتنكيل، يعاني الويلات جراء القتل والتهجير وصعوبات الحياة دون أن يرفع راية الاستسلام أو يعلن التراجع عن ثورته وخياراته،ان معركتنا اليوم معركة وجود ضد الانقلاب الذي إنتهك كرامة الإنسان وشموخه ومزق النسيج الاجتماعي واستخدام سلاح الفتنة بين المكونات القبلية، وتشدد السكرتارية على توحيد الجهود وجمع الكلمة، ونبذ الاختلاف والفرقة، فلا بدَّ أن تكون البوصلة واحدةً والهدف واحدا.
ختاما..
أجبر الشعب السوداني وتروسه العالم لابداء الاعجاب بثورته، كما جدد إلتزامه بانه (ثائر حتى النصر) ونرد التحية الى شعبنا بما قاله شاعرنا..
آمنا بيك وموحدين.. في ايدنا فاس وقلم رصاص
شتله وكمنجة ومسطرين.. وطبنجة في خط التماس
حراسه من كيد البكيد ضد الرصاص والإنتكاس
نبنيك هوى وأشد بأس..